حمار الشيخ
حمار الشيخ
في أعمال البر والتقوى…
جميل السلحوت
اخاف ان يحسدني احدكم عندما تعلمون انني من المؤمنين ان تناول الادوية يترك اثارا جانبية على صحة الانسان أي انها تصلح جانبا وتعطب اخر، وهذه بدهية لا تنكرها حتى الشركات المصنعة للدواء، حيث انك تجد في الورقة المصاحبة للدواء تعليمات عن الاثار الجانبية التي يتركها، وبالرغم من انني مصاب بأكثر من داء ليس اقلها تقرحات في الجهاز الهضمي، و انزلاقات في العمود الفقري الا انني الجأ الى التداوي بالاعشاب،وانا هنا اصطاد عدة عصافير بحجر واحد، منها توفير ثمن الدواء مع انني لا املك هذا الثمن،ومنها انني احمي جسدي المنهك من متاعب المواد الكيماوية الداخلة في صناعة الادوية، ومنها ايضا وهو الاهم انني اعفي وزارة الصحة من توفير الادوية التي يتطلبها علاج هكذا امراض.
وبهذا فانني اعفي التأمين الصحي من القيل والقال، كما انني لا اضطر الى كشف المستور في مستشفياتنا كما فعل زميلنا حافظ البرغوثي،واذا ما قضيت نحبي خارج المستشفيات فانني سأموت راضيا مرضيا، لم اغتب احدا ولن يغتابني احد،وسأجد من ينعاني بأنني انتقلت الى رحمته تعالى عن عمر قضيته في اعمال البر والتقوى بدلا من نتيجة لخطأ طبي او نقص في الادوية، واذا ما اكتشف احد حقيقة موتي فسيحملني مسؤولية ذلك بدلا من تحميله لوزارة الصحة والتامين الصحي.
غير ان حماري الحرون ادار ظهره ورفس ونهق عندما علم ان بعض المرضى يستعملون ادوية، ولا يجدون لها بدائل في الطب الشعبي من اعشاب وغيرها، ولا يجدونها في المراكز والعيادات الصحية مع انهم مؤمنون صحيا، ومن هذه الادوية تلك التي يستعملها من زرعوا اعضاء في اجسامهم كالكلى او مرضى القلب او السرطان، وان كانت متوفرة في المستودعات التابعة لوزارة الصحة ولا يفرج عنها الا لذوي الشان او المحسوبين عليهم.
وهؤلاء المرضى من عامة الشعب يبدو انهم منسلخون عن واقعهم الاجتماعي، ولا يريدون ان يموتوا بهدوء كما يريد محسوبكم، وبالتالي فانهم يستحقون الآلام التي يعانون منها، ولن يجدوا من ينعاهم عند وفاتهم بانهم قضوا اعمارهم في اعمال البر والتقوى، لان وفاتهم تصبح امنية لهم ولذويهم ليرتاحوا من الالم، ولن يرتكبوا حراما لأنهم لم ينتحروا ولم يجدوا من يقتلهم على طريقة القتل بدافع الرحمة.