الشباب

أحمد توفيق

[email protected]

الشباب هم رصيد أي امة وعمودها الفقري وقوتها التي تراهن على كفاءاتها في الرخاء  وتستثير عنفوانهم وحماسهم المسلح بالوعي في مراحل الأزمات وأزمنة الاختلال.

لا مراء بان الثقافة والهوية والوعي بالذات هي أهم الأسس التي تستند عليها المجتمعات في مواجهة الوافد الذي يخدش هويتها ويشتت كيانها ويجعلها امة ابتذال واستهلاك ولقمة سائغة أمام المد الامبريالي المتقمص رداء العولمة بشتى إفرازاتها وتداعيات مظاهرها.

كثيرا وفي أحايين متقاربة يلام الشباب ويتهموا بأنهم أضاعوا هوية الأمة ويحملون أوزار لا طاقة لهم بها بل لا يتوانى البعض عن كيل الاتهامات لهم ويرغي ويزبد في سبيل إدانتهم بالتفريط في ثوابت ومبادئ كياننا كأمة وهويتنا كقومية بل لا يجد حرجا ولا يكل أو يمل من ترتيل سيمفونية الإدانة هذي ولسان حاله يقول أنهم هم من ثقبوا حتى طبقة الأوزون.

الإدانة  دون البحث في الأسباب وسبر أغوار المسببات هي إدانة بحد ذاتها  للمدين وتواطؤ مع ما هو قائم حتى ولو كان الكلام صادرا عن أي كائن من كان وفي الصدارة أزف المسئولين.

إن للمنابر هامات ولميادين العمل الاجتماعي قامات ينحني لها المرء احتراما توقيرا لما يقوموا به من استمالة الشباب وانتشالهم مما هم فيه  والتقرب منهم وإعادتهم إلى الطريق السوي وتوعيتهم وتثقيفهم ومن ثم تعبئتهم ليدركوا طبيعة المرحلة التي يمرون ,وهذا هو التعامل السليم والصحيح بدلا من الردح والتثريب في حق فئة تقيم لها  الأمم ألف اعتبار وتنظر إليها بعين الاحتواء والدمج وتسهر ليل نهار للحفاظ على طاقاتهم وتطويرها وللاستفادة من مؤهلاتهم ليساهموا في كتابة سطور النجاح والرقي والتقدم وعكس ذلك يتربص الأعداء ولا يألون جهدا في استهدافهم وتحطيم معنوياتهم كي يبقوا في مستنقع السطحية والاستهلاك وفي حل من الالتزامات الدينية والقومية  وبهذا يسهل الانقضاض على الأمة التي ضاع شبابها ولا يتورعوا في استخدام أوسخ الأساليب وأقذر الطرق وتسخير التكنولوجيا في ذلك عبر الفضائيات وغيرها من الوسائل المعروفة.

هنا نرشق جميعنا بلا استثناء بالسؤال وخاصة من هرولوا وذهبوا بعيدا في هواجسهم كي يدخلوا دائرة النخبوية ويطيب لهم ذلك, أين انتم من فئة الشباب ؟وبوضح أهمية السؤال ماذا فعلتم من اجلهم أي من أجلكم؟أم أن الموضوع بحد ذاته ورقة رابحة في مزاد النخبوية الجوفاء؟!

 قطعا لا نريد ذلك, بل نريد أولا اعتراف بان هنالك شباب لا زالوا في الخندق الصحيح ومنذ أن نبت شعر الرجولة على شواربهم  هؤلاء هم ليسوا من مجرة أخرى أو من الفضاء الخارجي هم هنا يعايشون آلام مجتمعاتهم ويتطلعون إلى آمال أمتهم كما هم أكثر تمسكا وتشبثا بمبادئ الأمة ونهجها   من أي وقت مر به الشباب ولكن يدور السؤال على نفسه ما حكمة الانفصال عن هؤلاء الشباب وتركهم وحدهم بلا بوصلة  وسط موجات التشكيك بقدراتهم وعقيدتهم أليس من حقق الانتصارات التي كانت عصية على الأمة سوى فئة الشباب, آن الأوان أن نرفض هذا الوهم الذي سكناه ردحا من الزمن المر.

كشاب أرى بان هنالك من الشباب ما نتشرف به وما يتشرف به كل حر شريف يقيم للعزة والكبرياء والكرامة والانتماء أعظم مقام بيد أن هذا لا ينفي وجود عكس ذلك إلا أن ضد الضدين هو ترك الشباب بلا إطار وتوعية وتعبئة ومبادئ وتشجيع وتعزيز هذا كله.