أجلُّ الفضائلِ الجودُ والكرمُ
مصطفى أحمد البيطار
الكرم سجية حميدة متأصلة في النفس العربية الأصيلة.التي رضعت لبان الحرية والإباء والكرامة .من رحابة الصحراء وعليل هوائها, وشظف عيشها, وقلة مواردها, وصفاء ونقاء سريرة سكانها,وفصاحة أبنائها, وكثرة شعرائها. فهي لا تعرف الخداع والتخفي والتستر.صراحتها كصراحة ساكنيها فهي مكشوفة للرؤية من كل الجهات لا تحابي ولا تجامل ولا تخفي شيئا. فالعربي الأصيل كريم رغم قلة الزرع, والضرع فهو يجود بما يملك لضيفه بطعامه وشرابه وراحلته ولو كلفه ذلك هلاكه. وهي منقبة حميدة من المناقب والخصال الفذة التي يعيشها البدوي من شجاعة ومروءة وتضحية و بذل وعطاء. وكان يجير من استجار به ولو أفنى أهله وعشيرته.وكان يفتخر بذلك.
والتاريخ العربي مليء بقصص كادت تكون في مجتمعنا الحاضر أساطير, وعجائب.فجاء الإسلام وأقرها و نمى هذه الأخلاق الفاضلة. بعد أن شذبها وهذبها وجعلها خالية من التفاخر بالنفس والتباهي أمام الغير. قال :رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).وجعلها لله خالصة خالية من كل دخن. والكرم أصل المحاسن كلها, وجميع خصال الخير من فروعه.ولا سرف في الخير,وهو التبرع بالمعروف قبل السؤال والرأفة بالسائل مع البذل. قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم (تجاوزوا عن ذنب السخي فإن الله آخذ بيده كلما عثر , وفاتح له كلما افتقر) والسخاء شجرة وارفة الظلال في الجنة. أغصانها في الدنيا من أخذ منها بغصن قاده ذلك الغصن إلى الجنة. والجود بذل الموجود, والبخل سوء الظن بالمعبود.
والكريم منزه عن الحسد والحرص والحقد والجشع والطمع والذل والهوان والخوف من عاديات الدهر. ويسهل عليه التضحية بالنفس والنفيس في سبيل الله , والذي لا يجود بماله من العسير أن يجود بروحه. فهرولت المدنية مسرعة الخطى حاملة لواء البخل والحرص والعولمة بأيدي المستشرقين والقرود المتمدينين والمتحضرين. بزعمهم لينقلوا السم الزعاف إلى الأمة الإسلامية ببطء. فزينوا المادة وأشربوها قلوب الضعفاء حتى سرى الداء وعز الدواء.فركنت النفوس إلى الملذات ونسيت الواجبات وارتكبت المحرمات فهيهات هيهات أن تؤدى كل ما عليها من زكاة. لذا منعنا القطر من السماء.
وتكالب علينا الأعداء ومزقنا إلى أشلاء وصب علينا البلاء وأصبحنا ضعفاء لا حيلة لدينا سوى الدعاء.وأصبح العديد منا مع الأعداء على الأقرباء !!!!
يا أمة الإسلام والعروبة كنت خير أمة أخرجت للناس يستنير ويهتدي بضيائك الشرق والغرب.والآن ماذا حل بك؟؟؟ أصبحت هزيلة ضعيفة تستجدي الرحمة من اللئام ورضيت أن تسيري خلف الركب.أما عرفت السر؟ يا أمة الجود والتضحية والبذل والكرم والمروءة والشجاعة.لقد خلعت ثوبك الذي خاطه أكرم الناس محمد صلى الله عليه وسلم.ولبست ثوب الذل والعار لتقلدي الصليبين والأشرار من الفسقة الفجار.لكن أبناءك الأحرار سيعيدون لك الفخار بتمزيق الثوب المستعار والتمسك بكتاب العزيز الغفار وسنة الحبيب المختار من جهاد وجود بالمال والأنفس والدم المعطار.