زمن اللا بوح
زمن اللا بوح
سعيدة الحكيمي / المغرب
هل كانت لنا تجربة البوح في حياتنا ، وأظن أن هذا البوح لم يدرس في المدارس ولا في الجامعات ولم يكتب في حقه الكثير من المقالات ولا الروايات أو المسرحيات ولم يتجرأ طالب جامعي عن تحضير دكتوراه في البوح دبلوم الدرسات العليا ،لأننا لا نمتلك بعد ثقافة البوح وقد تلقينا في وطننا الحبيب وفي مدارسنا المحترمة ثقافة أخرى مغامرة مبدأها الكبت والكثمان ، الصمت ولا شيء غير الصمت فمنذ صغرنا تغتصب طفولتنا ونسكت ، تكبر الفتاة لتصير مراهقة يافعة ، ثم تعشق وقد تتعرض للإغتصاب ولا تبوح ، تصارع آلم الحياة ومخالب الأقدار ولاتبوح ، ثم تصير امرأة وتتزوج تتعرض للضرب من طرف زوجها ولا تبوح ، وقد تعشق إلى حد الجنون ولا تستطيع البوح بمشاعرها خوفا من ردت فعله ، أو خوفا من السخرية كل هذا من أجلك أيها ''البوح''
لا اعرف كيف استطاع البوح ان يقلب حياتنا رأسا على عقب وهل جرب كل واحد منا أن يبوح بمشاعره للأخر لتقف بداخله الكلمات والجمل تخوض معركة داخل الحنجرة تصارع البقاء لتترجم ما في النفوس .
أظنها تجربة معقدة أوربما خلل في التربية النفسية التي يتلقاها كل منا .
وقد أصبحنا نعيش في زمن اللآبوح وانعدام الصراحة ليحل محله الكذب ، ولربما يكون الرجل العربي سباقا في البوح بمشاعره للمرأة أكثر منها ، فلا زلت أذكر إحدى رفيقاتي حين التقيتها كادت تطير من شدة الفرح ، ما الذي يجعلنا في الدنيا أكثر سعادة ؟ ما الذي يجعلنا نتدوق الحياة بطعم خاص ؟ من غيره يجعلنا أكثر حبا للحياة ؟ إنه طبعا الحب ، هذا الإحساس الذي جعل من رفيقتي اسعد أنثى في زمنها . لكن لم تمر سوى بضعة أشهر حتى إكتشفت أن حبيبها ممثل بارع قد تخرج من مدرسة الدراما الهندية فهو فنان في البوح بمشاعر لا يحس بها ولا يعرفها ، قلت لصديقتي لاتحزني فنحن في زمن اللآبوح ، في زمن قلة فيه الصراحة وكثر فيه الكذب .
أحبائي القراء ، سيدي ، سيدتي ، حبيبي، حبيبتي ، لاتبخل على من تحب بعواطفك وخصوصا ان كانت عواطف نبيلة فلا تتردد عزيزي الرجل في البوح بعواطفك لزوجتك كلما أتيحت لك فرصة ذلك ، وانت كذلك عزيزتي المرأة بوحي بمشاعرك ولكن لمن يستحقك ................ فالعمر يكبر ...والساعات تصبح دقائق ...والدقائق تصبح ثواني ...والثواني ...........تنتهي....فقد صدق انيس منصور حين قال الحب لايعرف الملل فهو كطفل صغير يلعب بالقلوب السعيدة