عندما كنت أنتحل صفة شاعر
بن يونس ماجن
عندما كنت انتحل صفة شاعر
كنت كالمولود الجديد
الذي يتعلق بثدي امه
ويمقت حليب الصدر
لشدة ملحه وطعمه
لم اكن اتوقع يوما أن اصبح شاعرا
ولم احترف نظم الابيات والقوافي
وعندما بلغت من العمر شيبا
تزوجت بقصيدة يتيمة
لا اتذكر هل خلعتني
ام انفصلنا بالتراضي
اكتشفت اخيرا انني تحولت
الى عملة متوقفة عن التداول
في كف متسول
خبير في صكوك العهود الغابرة
ولا دخل لي بمرور الوقت
فرقاص ساعتي انتحر مع الزمان الحقير
كل ما في الامر انني تقمصت
شخصية ضرير
ارى الظلام ولا يراني
استند الى اعمدة الانارة
اتجول بين الاضواء
واختفي وراء شمعة
تحترق في الفراغ
الكل يعرف انني أمارس غوايتي
ومتورط في جمع المناديل الورقية
وقصائد التي لم اكتبها بعد
عندما اصبح شاعرا مسنا
ساستاجر بيتا
من بيوت الشعر
واركب بحرا من بحوره
على متن قوارب الملاح الفراهيدي
وساحاول الوصول الى شط النجاة
بمجذاف واحد
حتى لا يجذبني شيطان الشعر
الى ارخبيلات المعاصي
لم يحالفني الحظ كالاخرين
هل سمعتم يوما عن نعجة نطحت ذئبا
في زريبة أسد مدجن؟
لا يمكنني ان اكون شاعرا
وانا ادفع للناشر الاف الدولارات
لطبع الف نسخة على نفقتي
واكدسها في بهو بيتي
حتى تسطو عليها الفئران
فتلتهمها اربا اربا وبلا رحمة
ثم اوزع كتبي بالمجان
على الاصدقاء والمعارف والخلان
الكل صار يكتب الشعر
ورنين الاجراس في الاندية لا يهدأ
ومنارات مهجورة بلا مرفأ
هل هناك حقا قراء للشعر؟
يتلهفون على آخر الاصدارات
العالقة برفوف المكتبات
التى اتلفها غبار النسيان
وتتدفق النصوص من هنا وهناك
ما اكثر الشعراء وأنا واحد منهم
حتى اختلط الحابل بالنابل
وصار الرديئ يضاهي البديء
فضلات الشعراء المخمورين
تعبق برائحة العفن
وخربشاتهم المهووسة بالهذيان
تراود الشيطان عن فعل الخير
في كلمات مبهمة لا يفقهها الا الغاوون
ولكني أتساءل على أي حال
ما جدوى الشعر في زمن الرواية
ايها المتشاعرون ...؟