أنت يا بحر سر الوجود
أنت يا بحر سر الوجود
مصطفى أحمد البيطار
في يوم ساطعة شمسه, ساكنة أمواجه, عالية نسماته,باسمة بساتينه, مهفهفة رياحينه,شادية أطياره,مياسة أشجاره.وقفت على شاطئ البحر متأملا سارحا في خيالي وراء الأفق الأزرق الرجراج. مخاطبا أعز صديق وأوفى جليس وأنيس.
أنت يابحر فيك سر الوجود
في قاعك أصداف لؤلؤ منضود..
كم غاص من أجله على مر العقود..
فمنهم من حظي به والكثير ضحى
بنفسه , وبات طعاما للحيتان ولم
يعد للوجود..
*******************
تنام العيون نشوى من سهاد
عند شطآنك , وهدير موجك
مهيب يخشاه أحيانا كل موجود ..
وعلى سيفك يفترش رمالك الغواني
ناهدات الصدور عاريات بلا شفوف
ولا أستار ولا خمر ولا قيود..
لا خجل ولا وجل ولا حياء من العبيد ولا المعبود..
أين الحياء والحجاب ياأصحاب الغيرة
ياربات الحجال من المعهود..
يابحر أرخصت لحما كان مصونا
في أطماره, وأستاره, وحجراته
فعريته على شطآنك فتساوى شاهد وشهود..
لله درك.. على ظهرك يطفو كل غثاء
وفي بطنك الدر بأصدافه موجود..
كم من الأحايين بخيالي سرحت
في مداك البعيد متحررا من القيود..
أغسل هموم فؤادي وفكري المكدود..
أستريح من صخب الأيام . أستجم وأغفو
على ذراعك الممدود..
ثم أصحو متأملا غروب الشمس عند الشفق الأحمر
يتراءى لي من سجف السحاب ألوان الورود..
هناك بعيدا أشتم نسم الصبا يعبق بشذا الريحان
من خلف الحدود..
أطير بأحلامي , وأمنياتي مجتازا كل العوائق و السدود..
لأرى مهد صباي في الروابي
عند سفح الجبال. في التلال . في الحقول
على حواف السواقي . بين النرجس والياسمين
أفترش خمائل الروض الندي في الوطن الغالي
مهد الجدود..
ياوطني الغالي ماسلوتك ولا هجرتك طواعية
ولكن هجرت شريعة الغاب التي يعيش فيها
الوحوش والأفاعي والحملان الذين يدعون أنهم أسود..
أسود على أبنا جلدتهم
لكنهم على أعدائهم إخوان القرود..
ليس غريبا أن ينفى كل حرأو يقتل أو يصفد بالقيود..
سلوا التاريخ كم من ماجد, كريم أبيٍّ صاحب فكر نير
مات في المنفى أو في زنازين الطغاة قهرا
مستأنسا بنور الله في الركوع والسجود..
هذا طريق الأحرار, فاعتبروا ياأحفاد عاد وثمود..
وأنت يابحر الحياة . يغوص فيك كل كنز ثمين,
ويطفو كل قش وعود..
قال الله جل في علاه :
( فأما الزبد فيذهب جفاء, وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال)