الأمة ووحدة المشاعر

يحيى بشير حاج يحيى

عضو رابطة أدباء الشام

عندما يحس أبناء الأمة أنهم يد واحدة، وجسد واحد، معنى ذلك أن مشاعرهم واحدة في السراء والضراء! فوحدة المشاعر والأحاسيس، وشعور الأمة بالخطر الداهم يجعلها تستنفر كل قواها، فيعيش أبناؤها في حالة من النفرة الحقيقية!

إن كثيراً من أمور الجهاد تتطلب من كل مسلم أن يكون على ثغرة يحميها، وقد لا تحتمل المعركة أن يكون الجميع في جبهة المواجهة مع العدو، لأن إعداد العدة، وتجهيز الجيش، والقيام على مختلف أمور الحياة، كل ذلك يتطلب أن تكون هناك فئة تقوم على مصالح الناس، وتسد احتياجاتهم، وتلك هي الحالة المرضية لمن لا يُقدّر لهم أن يخوضوا غمار المعركة، ومواجهة العدو.

أما أن تخوض المعركة فئة، ويبقى الآخرون في حالة استرخاء يتمتعون بمباهج الحياة، وينعمون بزخارفها، وإخوانهم في جهد ومشقة ومخمصة، فتلك حالة لا يقبلها دين يعدّ أبناءَه المؤمنين كالجسد الواحد!

ولعل أقرب مثال يوضح الحالة الأولى قصة الصحابي أبي خيثمة الذي تخلّف عن جيش المجاهدين وليس له عذر، بعد أن أينعت الثمار وطاب الركون إلى  ظل الشجر وفيئه، ولكن الشعور بالارتباط بالجسد الواحد، جعله يتدارك الأمر قبل فوات الأوان، فانتصرت الرغبة بالجهاد على الرغبة بالقعود!

وأما الحالة الثانية فيمثلها بنو إسرائيل إذ قالوا لموسى عليه السلام:

اذهب أنتَ وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون؟!!

إن المشاركة الشعورية إن لم تتهيأ المشاركة الفعلية لهي من أهم العوامل في تقوية الروابط بين أبناء الأمة الواحدة ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، وقد أوضح النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر وهو عائد من غزوة تبوك:

"إن أقواماً خلفنا بالمدينة ما سلَكنا شِعباً ولا وادياً إلا وهم معنا، حبسهم العذر".