أختاه… أين أنت
أختاه… أين أنت
م.نجدت الأصفري
في خضم المعارك الشرسة يطلقها الأوغاد ضد المخلصين ، نلتفت حولنا نفتقد ركنا هاما من أركان المجتمع ذاك هو نصف المجتمع وعماد خيمته وأصول وجوده ، وقطب الرحى في حياته .
لم نسمع إلا أصوات كوكبة متألقة في ساحة النضال تكاتف أخاها الرجل وتشد عضده وتشحذ همته ، سلمى السهروردي ، وبثينة الناصري ، سميرة رجب… وغيرهن ممن سابق الرجال وسبقوهن ، وقادوا الفكر ونوروا العقل ، تكلموا فأجادوا ، وشرحوا فأفاضوا … ولكن نصف المجتمع يختزن أكثر من ذلك عددا ونوعا ، فهل رضيتن ألا تكونوا كأسلافكن من زنوبيا ، إلى أسماء ، إلى الخنساء .. أرضنا خصبة بكن ، وحياتنا عامرة بقلوبكن ، وثورتنا متأججة برأيكن وحكمتكن .
أيتها الأخت ، أيتها الأم ، أيتها الزوجة …. مشاركتكن في ساحات المعارك أدعى لبث الحماس فيمن لا يزال في صدره تردد ، وفي قلبه وجل ، إن من أخواتكن من رشقن أزواجهن بالحجارة عندما تقاعسوا عن اللحاق بالمجاهدين فكانت هزة روحية أشعلت في قلوب المتخلفين ضراما فما دخلوا بيوتهم ، وما استراحت نفوسهم إلا بتنفيذ ما رمت إليه صويحباتهم ، ودعت إليه زوجاتهم .
المعركة اليوم قائمة على قدم وساق ، بعيدها قريب ، وقريبها سريع ، ويومها قادم بنور ساطع سيكشف بطلان المبطلين ، وزيف المدعين ، لينكشف المجرمون ، ويعرى الفاعلون ، ويعود للحياة رونقها ، وللأسرة إلفتها وبناؤها ، وللنفوس سعادتها وراحتها . ونضن أن تكون الأفراح بعيدة عنك ، خالية من وجودك ومشاركتك .
أجدر بجميع مكونات المجتمع المعذب أن تتضافر جهودهم ، نساء ورجالا ، فليس الرجال في الإخلاص أكثر منكن ، ولا سابقوكم إلى الواجب ، فأين جهودكن ومشاركتكن ؟
عهدي بكن ، مصدر الإخلاص والوفاء ، أنتن من علمتن الرجال معاني الحياة في الكرامة والشهامة والرجولة والفداء ، لهذا كان لغيابكن اليوم وقع كبير ، وأثر رهيب .
حريّ بكن أن تكن خلف الرجال ناصحات وموجهات ، تثيرون في قلوبهم ما فطتموهم عليه وغذيتموهم به من الوفاء لوطن أكلنا خيره وشربنا ماءه وترعرعنا فوق ترابه .
المعركة اليوم لا يؤجج لهيبها إلا كلمات مخلصة من أم تحمل معاني الإباء والشهامة والمروءة فتسائل من ربتهم على ذلك عما حفظوا وما ضيعوا ، فتدفع المتراخي وتؤنب المتكاسل وتشجع المتردد وتقود الطلائع إلى ساحة أعددتهم لها وأنشأتهم على قيمها .
نريد من لم تبرز بعد للساحة – وهن كثير – أن تبادر فلم يعد في الزمن متسع ، ولم يبق إلا أن نرى الكل في نسق يحتفل بالنصر المؤزر للخلاص من الأشرار والطواغيت .
إذا كان الرجل يقيم بخبرته وعلمه ، لكن المرأة تقيّم بسعة صدرها ودقة ملاحظتها ، وسداد حكمتها ، وإخلاصها في كل شأنها ، ورقة عواطفها ، وبشفافية دمعات الأمل والرجاء تدفع بهن الأبطال للتضحية بلا حساب لربح أو خسارة .
بلادنا جنة ليس لها مثيل في أهلها وتآلفهم ، وموسوعة شمولهم ، وتناغمها في تعددهم ، ولم يعد ينقصنا إلا أن نعود إليها مكللين بتاج الغار .تحف زغاريد البهجة مسيرتها وفرحتها .