لأنَّهم من دون أعراض ياناريمان

محمد صالح الشمّري

لأنَّهم من دون أعراض

ياناريمان

محمد صالح الشمّري

لقد ساءهم يا ناريمان أن يجدوا أنَّ في الفيحاء – على الرغم من كلِّ جهودهم المحمومة ونفثهم المسموم – مَن يوقَّر الفضيلة ويُجِلُّ مكارم الأخلاق ويعتزُّ بالشرف والعرض الحصين .

لقد ساءهم ذلك فتطاولوا على أخلاقِكِ الكريمة . لقد سخّروا كلَّ إمكانات البلد: مالاً وتعليماً وإعلاماً.. في حربٍ فاجرة ضدَّ الأخلاق الحميدة وضدَّ الشرف والعفاف عندما تفقّدوا أنفسهم فوجدوها خاويةً من كلِّ خُلقٍ ، فقيرةً مِن كلِّ قيمة ، وأدهشتهم الفيحاء بتجذُّر العفاف فيها إلى أعماقٍ سحيقة تمتد ألفأ وخمسمئة عاماً في مناخات : " إنّما بُعثتُ لأُتمِّم مكارم الأخلاق ... " ساءهم يا شامة الدنيا مقارنةٌ حاقدة بين عِزِّكِ وذُلِّهم ، بين حُرِّيتكِ وعبوديتهم ، بين أصالتكِ وتفاهتهم ، بين عفافكِ وتبذُّلهم ، بين شرفكِ وتهتُّكهم ،فأمضهم ما يمضّ كلَّ وضيع ٍ وهو يرنو إلى قمم النبلاء ، واستفزّوا من استطاعوا من جنود أبالستهم ، وحملوا مكانسهم المتسخة وراحوا يثيرون غبار الأرض في سعيٍ محموم لحجب شمس الفضيلة عن سماء الفيحاء ، ودأبوا على إفكهم هذا ما يزيد على أربعين خريفاً كالحاً أجدب، حتى خُيّل إليهم أنّهم قد حجبوا النور عن أزقّتكِ الأصيلة الهادئة الرزينة ، ولكنًّهم فوجئوا بعد كلِّ جهودهم وتعبهم وعرقهم ، بوجود ناريمان وأخواتها ممّن يتحصّنّ بالخلق الكريم ويتدرّعن بالعفاف ويتزيّنّ بالشرف ، فجُنَّ جنونهم إذ وجدوا أنَّ ما قدّموا مِن عمل كان هباءً منثورا..ً فاستلّوا خناجر الخسّة ليغمدوها في جسد شامة الدنيا ممثلةً بناريمان وأخواتها من ربّات الخدور ، وظنّوا أنّها سوف تسكت على ضيمها و تسكت على تطاولهم الدنيء، ولكنَّ ابنة الفيحاء ، خيّبت آمالهم وصفعت رهاناتهم الخاسرة و تحدّت مواقفهم الفاجرة ، وأعلنت بعالي الصوت : هم الذئاب فاحذروهم ، كُفّوا أنيابهم النجسة عن الأجساد الطاهرة والأعراض المصونة ، فنهم الذئاب ما خبا ورائحة الدماء تؤزّهم نحو المزيد من الافتراس..

فهل تسكت ليوث الشام وتستكين لهذا الهوان ، أم أنَّ شوارب الرجال في الشاغور والميدان ستهتزُّ لهذا الحدثان ، وتصيح لبيك يا ناريمان ، لبيك من كلِّ صاحب نخوة وسليل مجد وابن أصلٍ أصيل ، في داخل البلد وخارجه ليزيح عن شامة الدنيا هذا الكابوس الثقيل والزمرة الفاسدة المفسدة التي نخرها فسادها وباتت تأكل بعضها بعضاً ، وتختصم على حصصها من الغنيمة المنهوبة من خيرات الشام وبنوك لبنان ، لقد فاض الكيل يا شامة الدنيا وبانت عوراتهم ، وفاح نتنُهم ، وحان رحيلهم ، إلى غير رجعة . ويومئذٍ يفرح السوريون بانتصار الفضيلة في أجواء متى استعبدتم متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا..