قطوف وخواطر
قطوف وخواطر
أرقامها من 481 إلى 500
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
81- الشَّماتَةُ .. والحَسَد!
الشَّمَاتةُ والحسَدُ خُلُقان مُتداخِلان ومُتشَابِكان؛ كلٌّ منهما مؤداه إلى الآخر، فالحسد يؤدي إلى الشّماتة بمصاب وآلام وأحزان الآخرين .. والشَّماتة تُؤدي إلى الحسَد بما أصاب الآخرين من خير أو نعمةٍ .. فكل منهما لازم وملزوم للآخر .. وكلُّ شامِتٍ حاسِدٌ .. وكل حاسِدٍ شامِت.
ومِن أكثر ما يُشِين المرء ويُعيبه .. ويُنقِص من إيمانه وعقله ومروءته .. ويُردِيه إلى مستوى التَّافهين .. خُلُق الشَّمَاتة .. الشَّماتة بمصابِ الآخرين، فتراه يَتلذَّذ بمصائبهم .. وآلامهم .. وأحزانهم .. كأنه يتناول العسَل المُصفَّى .. لا يستطيع أن يعيش ولا يهدأ له بال .. ولا يعرف لنفسه راحةً ولا هَدأة .. إلا على موائد آلام وأحزان ومصائب الآخرين .. وأكثر ما يكون ذلك ـ وللأسف ـ بين الأقارب والرّحم .. فيتغلَّظ حينئذٍ الظلم ويتضاعف العدوان .. إن أصابتهم ضرَّاءَ أصابته سرَّاء ما بعدها سرَّاء .. وإن أصابتهم سرَّاء أصابته ضرَّاء ما بعدَها ضَرَّاء .. وهذا ظالمٌ ـ من ذوي الظلم المركَّب والمُغلَّظ ـ لنفسه .. ولغيره .. ظلماً شديداً .. لا تَسأل عن درجة تفريطه بحقوق العباد .. وحق رب العباد عليه .. وهو مريض بمرضٍ عُضَال .. يَسري في خلايا دَمه وعُروقه .. لا يُرجى لدائِه دواء .. سوى الإكثار من الدعاء .. فيُكثر من هذا الدعاء ) رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (الحشر:10. وأن يحمل نفسه حملاً على أن تحبَّ لعباد الله تعالى ما تُحبُّ لذاتها .. ويروّضها بتدريبات وإجراءات عملية على ذلك .. وأنَّى له بذلك .. إلا إذا شاء الله تعالى .. وَقَدَّرَ مُعجزَةً أو آية .. فاللهُ يفعل ما يشاء.
* * * * *
482- مِن عَلامَات الإخلاص.
للإخلاص علامات:
منها: وهو أقواها وأعلاها .. أن تُخالف هواك، وهوى من تُحِبَّ من العِباد .. في مرضاة الله تعالى .. فتؤثِر في العمل الذي تقوم به .. أو تريد القيام به .. مرضاة الله على ما تهوى ويهواه محبك من الناس .. كأن تُنفق على من لا تُحِب .. ولا يُحبه من تُحبهم من الناس .. ابتغاء مرضاة الله .. لأنه يستحق النفقة شرعاً .. والله تعالى يُحب منك أن تُنفق عليه!
ومنها: أن تخفي عملَك الصالح عن أحبِّ وألصقِ الناسِ بك .. ثم لا تجد في نفسك حرجاً من ذلك .. كما لا تجد ذلك الإلحاح الباطني .. الذي يدعوك .. للحديث عن عملك .. لمن تُحِب من الناس .. فالصبر على الإخلاص أحياناً يكون أشد إيلاماً لصاحبه من الصبر على ألم الجراح .. وهناك من يصبر على الجراح لكنه لا يصبر على الإخلاص!
ومنها: أن يستوي عندك ظهور العمل وخفاؤه .. فظهور العمل لا يُضفي على نفسك معنى زائداً عن المعنى المصاحب لإخفائه .. ومن كان إخفاء العمل أحب إلى نفسه من ظهوره .. فهذا أقوى في الإخلاص .. وأكثر دلالة عليه.
ومنها: أن لا تمتنع عن العمل الصالح لكون العمل سيظهر للناس .. بل تقوم بالعمل بحسب ما يقتضي منك؛ سواء اقتضى منك الإخفاء أم اقتضى منك الإظهار .. فمن الرياء أن تترك العمل الصالح خوفاً من الرياء.
ومنها: أن لا يَجِد في نفسه حاجةً ماسّة على أن يُشْكَر ممن أسدى إليه معروفاً .. أو أن يُقابَل معروفه بمعروف .. أو أن يُطارِدَ مَن أسدَى إليه معروفاً فيُطالبه بمعروف مماثل ومقابل .. فمن مقتضى الإخلاص أن لا ينتظر المُحسِن ممن أحسن إليهم جزاءً ولا شُكُوراً .. كما قال تعالى:) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (الإنسان:9. وإن كان شكر المعروف واجباً .. فمن لا يشكر الناس لا يَشكر الله.
* * * * *
483- قواعد في الطَّاعة.
للآباء والأمهات حق الطاعة على الأبناء .. والزوج له حق الطاعة على زوجته .. وكذلك للحكام والأمراء المسلمين لهم حق الطاعة على رعيتهم .. والعالم المعلم له حق على تلامذته والناس .. لكن لا طاعة لأحدٍ من هؤلاء .. ولا لغيرهم .. في معصية الله .. فلا طاعة لمخلوق ـ أيَّاً كان هذا المخلوق ـ في معصية الخالق.
وفي الحديث:" السمع والطاعة حق ما لم يُؤمر بمعصية، فإذا أُمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة " البخاري.
كذلك لا استئذان لأحدٍ من هؤلاء .. ولا لغيرهم .. في القيام بفرائض الله تعالى .. فإذا تعين الفرض .. تعيَّن الفعل .. وتعيَّنت الحركة .. ولا إذن ولا التفاتة حينئذٍ لمخلوق في ذلك .. فأمر الله تعالى مُقدّم على أمر عبده .. وحقه I مُقدَّم على حق أو حقوق عباده.
أما إن تعارضَ مندوب متعلق بحق الله تعالى على عبده .. مع فرضٍ متعلق بحق العَبد على العبد .. ثم استحيل التوفيق بينهما .. قُدّم الفرض المتعلق بحق العبد .. ولا بد .. مثاله التنفل بالصوم بالنسبة للزوجة إن كان يتعارض مع الفرض المتعلق بحق زوجها عليها.
فإن تعارض فرضان .. كلاهما متعلقان بالعِباد .. ثم استحيل التوفيق بينهما .. قُدِّم الفرض المتعلق بمن له حق أكبر وأوكد من العباد .. مثاله حق الأخ وحق الأب أو الأم .. فيُقدّم الفرض التعلق بحق الأب والأم لأنه أغلظ وأوكد .. أو حق الزوج وحق العم أو العمة .. فيُقدّم الفرض المتعلق بحق الزوج .. أو حق الفرد وحق الجماعة فيُقدَّم الفرض المتعلق بحق الجماعة .. وهكذا بقية المسائل والحقوق والواجبات المتعلقة بموضوع الطاعة.
هذه قواعد عامَّة .. شامِلَةٌ لامَّة .. لا تستثني أحداً .. فمن فهمها وعَقِلها استراح وأراح .. والتزم جادة الحق والصواب .. وفهم نصف دينه.
* * * * *
484- أنواعُ المرض.
المرَض أنواع: منه العضوي، ومنه المعنوي .. فالعضوي هو الذي يقتصر خطره على الجسد .. وهذا مرض يُرجى بُرؤه، وعلاجه ـ بإذن الله ـ إن التُمِسَت أسباب العلاج.
أما المرض المعنوي: فهو المرض الذي يطال الجانب الخفي من الباطن .. يطال القلب والروح .. والنفس .. وهو أخطر على الإنسان من المرض العضوي .. من جهة خفائه وتحديد موضعه .. ومن جهة أثره .. ومن جهة علاجه والتماس الدواء المناسب له .. وهو ثلاثة أنواع:
أولها: مرض الشهوات .. شهوات البطن والفرج ومتعلّقاتها؛ والتي منها شهوة الحرص على المال وتكثيره .. وعلاجه اقتناع النفس بحظها المباح والمتاح من الشهوات .. فإن لم تحصل هذه القناعة .. وطلبت المزيد .. ظل المرء يركض وراء شهواته لإشباعها .. يستشرف الحرام والمباح منها .. كالكلب المسعور .. وكمن يلهث وراء سراب .. وأنَّى له أن يُشبعها .. أو يروي ظمأها .. وإنما هو بفعله هذا .. يُؤجّج نارها .. وهي تقول له: هل من مزيد!
ثانيها: مَرَض الشُّبهات .. وهو أخطر من سابقه .. لتعلقه بالإيمان والاعتقاد .. إذ منه ما قد يكون كفراً .. ومع ذلك فصاحبه يحسب نفسه محقاً .. وأنه ممن يحسنون صنعاً .. وأنَّى لهذا أن يتنبه لمرضه .. فضلاً عن أن يتنبه لدوائه أو أن يُبادر إلى التوبة والتراجع!
ثالثها: مَرَض الطَّبع .. وهو أصعب أنواع الأمراض الآنفة الذكر من جهة علاجها .. وخطورته تكمن في كونه يسري في دم وجينيات الإنسان .. يصعب التخلص منه بسهولة .. كمرض البخل والجبن .. ومرض الحسد والشّماتة وحب التّشفي .. ومرض الحقد .. والكِبر .. ونحوها من الأمراض الأخلاقية الطَّبَعِيَّة التي لها جذورها الممتدة في دمِ وجينيات صاحبها .. وعلاج هذه الأمراض لا يُمكن أن يتم عن طريق الوعظ والإرشاد وحسب .. وإنما من خلال رياضة عملية طويلة .. وتدريبات مكثفة .. تتضمن حمل النفس على فعل ما هو مضاد لتلك الصفات .. فالبخيل علاجه مثلاً: أن يحمل نفسه على التصدق والإنفاق .. وأن يقهرها ويُخالفها بإكرام الضيف .. واستقبال الضيوف باستمرار من غير انقطاع طويل بين الاستقبال والاستقبال .. وكذلك غيرها من الأمراض الطَّبَعِيَّةِ الآنفة الذكر .. مع التأكيد على أهمية الإلحاح في الدعاء وسؤال الله تعالى بأن يشفي ويُعافي .. إذ لا شافي إلا هو I .. نسأل الله تعالى لنا ولكم الشفاء من كل داء .. ما ظهرَ منه وما بطن .. إنه تعالى سميع قريب مجيب، وصلى الله على محمد النبي الأمي، وعلى آله وصحبه وسلم.
* * * * *
485- اتَّقوا الله، وحافظوا على الثوابت!
من العاملين في حقلِ الدعوة .. والمنتمين لبعض الجماعات الإسلامية المعاصرة .. تراهم لضعف في أنفسهم وإيمانهم .. يخطبون ودَّ الآخرين .. بينما الآخرون في إعراض عنهم ومنأى واستعلاء وكِبر .. فيصرحون لهم ـ ليرضونهم ـ التصريحات المنافية لتعاليم الإسلام وأصوله، كقولهم المكرر والممجوج: هدفنا وهمنا تحقيق الحريات أولاً .. نتحالف فيما بيننا على تحقيق الحريات .. نحن نناضل أولاً من أجل الحرية والحريات .. ثم بعد ذلك نسعى إلى تطبيق الشريعة .. من خلال أجواء الحرية والحريات .. واختيار الشعب الحر .. وعلى قد المقاس الذي يريد!
يحرصون على تحقيق حقوق الآخرين وحرياتهم ـ بكل أطيافهم ومذاهبهم وأحزابهم .. وباطلهم ـ في الحكم وإدارة البلاد والعباد .. كما يحرصون على حقوقهم في ذلك وأزوَد .. فالإسلام ـ دين الله ـ طرف من جملة الأطراف الموجودة .. يتساوى معها في الحقوق والواجبات .. والدرجة .. كما يتساوى أي مخلوق مع أي مخلوق .. وهذا من الوحدة الوطنية التي يسعون لتحقيقها .. ويدعون إليها .. بينما في المقابل الآخرون لم يعترفوا بهم .. ولا بشرعية تجمعاتهم وأحزابهم .. بل وليس لهم عند القوم وأنظمتهم سوى السجن .. والتنكيل .. والمطاردة .. وتكميم الأفواه!
ومنها: قولهم المكرر بالديمقراطية بكل أبعادها ومفهومها الشامل والسائد والمعمول به في الأمصار .. وغير ذلك من الاطلاقات الخاطئة المدمرة .. التي تتناقض مع تعاليم ومبادئ الإسلام .. التي لا يستفيد منها إلا أعداء الأمة الحاقدين!!
ولهؤلاء نقول: اتقوا الله .. اصبروا وصابروا .. حافظوا على ثوابت هذا الدين .. لا يحملنَّكم نفاد الصبر وطول الطريق .. ووعثاء السفر على التنازل عمّا هو حق خالص لله تعالى .. وعلى الاعتراف بشرعيّة الباطل والشِّرك .. والإلحاد .. ولا تكونوا كمن نقضت غزلها .. بعد عمل طويل وشاق كاد أن يُؤتي ثماره .. كما قال تعالى:) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً (النحل:92.
إن من الأنبياء من لم يُؤمن به إلا الرجل الواحد .. وما حمله ذلك ـ حاشاه ـ على أن يغيّر أو أن يُبَدّل .. وإن نوحاً u ظلّ يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً .. فما آمن معه إلا قليلاً .. وما حمله ذلك ـ حاشاه ـ على أن يغيّر أو أن يُبَدّل!
* * * * *
486- القيادَةُ الفاشلة!
القيادة الفاشلة الضعيفة .. هي التي تكون غير قادرة على استيعاب واحتواء العناصر القوية المميزة من أفراد جماعاتهم!
القيادة الفاشلة الضعيفة .. هي التي تتعامل مع الأفراد الأذكياء والمميزين بصفات قيادية .. بروح عدائية .. وغيرة وحسَد .. وغالباً ما ينتقمون منهم بإقصائهم وإبعادهم عن المواقع القيادية .. والخطوط الأمامية للمسؤوليات!
همهم الأساس حاضر الجماعة .. والمكاسب الآنية التي ترتد عليهم .. أما مستقبل الجماعة .. فلا اعتبار ولا اكتراس له!
لجهلهم وعجزهم وفشلهم .. يضيق صدرهم بالنصيحة والرأي الآخر .. لا يُحسِنون الاستماع إلى الآخرين .. لأنهم لو استمعوا لما أحسنوا ردَّاً .. فيربُّون شبابهم على مبدأ " لا تعترض فتنطرد " .. ولا تفكّر فالقيادة تُفكر بالنيابة عنك .. فينشِّئون جيلاً جباناً .. ذليلاً .. سلبياً .. جاهلاً .. ليس على مستوى الأحداث .. والتحديات!
يقرّبون إليهم .. ويُنِيبُون عنهم .. مَن هم أضعف منهم وأجهل .. مَن لا يُحسِن سوى إحناء الرأس وهزِّه إلى أسفَل .. وأن يقول كلمة " نعم " على كل ما يسمع ويرى .. ليضمنوا الموافقة على كل ما يقولون .. ويفعلون .. ويوقّعون .. من دون أدنى معارضة أو نقاش .. أو سؤال .. فإن رحلوا عن الحياة ـ ولا بد أنهم راحلون ـ خلفهم في قيادة الجماعة أو الحزب .. هؤلاء الضعفاء؛ الأشد منهم ضعفاً .. ليكرروا سيرة سلفهم في قيادة الجماعة أو العمل بصورة أسوأ .. ولتنتقل الجماعة من تخلف إلى تخلف .. ومن ضعف إلى ضعف .. ومن جهل إلى جهل .. ومن فشلٍ إلى آخر .. حتى ينقضي عليها تماماً .. وتُصبح أثراً بعد عين!
وهؤلاء القادة أقل ما يُقال فيهم أنهم قد خانوا الأمانة .. وغشّوا الناس وأمتهم .. ووضعوا الرجل في غير موضعه المناسب .. وأنهم سيُسألون عن ذلك!
كما في الحديث:" من تولَّى عملاً وهو يعلم أنه ليس لذلك العمل أهل فليتبوَّأ مقعدَه من النار ".
وقال r:" إن شِئتم أنبأتكم عن الإمارة: أولها ملامَة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة، إلا من عدل ".
* * * * *
487- بينك وبين السَّلامَة خطوة!
ترى كثيراً من الناس ـ لكسلٍ من عِند أنفسهم ـ يُؤثِر أحدُهم أن يتجاوز الطرق السريعة .. بطريقة غير قانونية .. فيُعرّض نفسَهُ للخطَر .. ولا أن يقصدَ المكان المخصّص لعبور المشاة .. علماً أنه ليس بينه وبين هذا المكان سوى أمتار قليلات!
تَرى أحدَهم ـ لِقلّة صبره ـ يَعبُرُ الطريقَ قبل أن تظهرَ الإشارة الضوئية الخضراء؛ التي تُفيد السماح للمشاة بالعبور .. فيعرّض نفسه للخطر .. علماً أن ظهورها قد لا يستغرق سوى ثوانٍ معدودات .. وهؤلاء لو أصابهم مكروه .. أو اصطدمت بهم سيّارَة .. يطالهم شيء من معنى قوله تعالى:) وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (البقرة:195. وقوله تعالى:) وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (النساء:29.
* * * * *
488- من أسماءِ الله الحُسنى " الجميل ".
من أسماءِ الله الحسنى، وصِفاتِه الُعليا " الجميل "؛ فالله تعالى له الجمَال المُطلق، وكمال الجمال .. فهو ذاته I جميل .. وكلامه جميل .. وجميع صفاته جميلة .. ومن لوازم جماله I أن لا يَصدر عنه إلا الجميل .. فخَلْقُه جميل .. فيه آيات من الجمال .. وشرعه جميل .. وكل ما خالفه فهو باطل وقبيح .. وأمره جميل .. ونهيه جميل .. ووعده جميل .. ووعيده عدل وجميل .. وهو I جميل يُحب الجمال في الأمور كلها، كما في الحديث:" إن الله جميل، يُحب الجمال " مسلم.
لِذا عُدَّ من استقبحَ شيئاً مما شرَعه الله تعالى وأمر به، وجمَّل وحسَّن ما هو مضاد له كأن يقول الحجاب المفروض على المرأة ليس جميلاً، والسفور والتبرج أجمل وأحسن .. كافراً بالنص والإجماع .. لأنه في حقيقته قد وصف الله تعالى بوصف يتنافى مع كمال جماله .. كما يتناقض مع مقتضيات ومعاني اسمه العظيم I " الجميل ".
* * * * *
489- عندما تواجهك مشكلة!
عندما تواجهك مشكلة حلّها مرتبط بأطرافٍ آخرين .. من الخطأ أن تضع لها حلاً واحداً ثم تُفاوض عليه الآخرين .. إمَّا أن يُجيبوك إليه .. وإلا فالمشكلة ستظل قائمة من غير حلٍّ .. وقد تتفاقم وتتوسع مع الزمن وتُصبح المشكلة مشاكل .. فيستعصي حينئذٍ على الحل ما كان حله سهلاً!
والصواب في مثل هذه الحالة .. أن تضع عدة حلول وخيارات لحل المشكلة .. إن لم يصح الأول .. جُرِّب الثاني .. فإن لم يصح الثاني طُرِح الثالث .. ثم الرابع .. وهكذا إلى أن تُحَل المشكلة من دون أن تُترَك للمستقبل المجهول .. لتتفاقم وتتضاعف .. وهذا يستدعي منك مسبقاً أن تُعِد هذه الخيارات والحلول بصورة جيدة ومحكمة .. وترتب طرحها على مسامع الآخرين بحسب الأولوية .. وبما تسمح به ظروف المشكلة .. والأفكار التي تواجهك وأنت تحل المشكلة!
* * * * *
490- من البلاءِ الشَّديد!
بحكم المشاكل التي تحصل بين الأزواج .. والتي تُعرَض علي .. وجدت كثيراً من الحالات يكون فيها الزوجُ صالحاً بينما الزوجة تكون طالحة؛ سيئة الخلُق والدين .. أو أن تكون الزوجة صالحة، بينما الزوج يكون طالحاً؛ سيء الخُلُق والدين ـ وهذا من البلاء الشديد الذي لا فكاك للمرء منه إلا بالتفريق أو الطلاق، وهو خيار صعب ليس بسهل؛ وبخاصة إن قضى الله بين الزوجين أبناء ـ قد يكون الزوج الطالح أو الزوجة الطالحة .. بعضُ سيئات الطرفِ الآخر الصّالح .. عاقبَه الله عليها في دنياه بقرينٍ طالح .. وهو لا يدري .. نسأل الله تعالى السلامة!
* * * * *
491- تحدٍّ صعب .. واختبارٌ أصعَب!
من جهة الشَّارع يأمرُ بصلةِ الرحم .. ويُرغّب به .. ويجزي عليه خيراً كثيراً .. ويتوعّد قاطعه بالعذاب والخزي في الدنيا والآخرة!
ومن جهة ثانية لا يصدر عن الرحم الذي يجب وصله إلا الشحَّ .. والبغي .. والظلم .. والأذى .. والإدبار .. والنفس واقفة في الوسط محتارة مترددة؛ تارة تصغي لنداء الشَّارع، ووعده ووعيده .. فتمتلئ رغبة ورهبة .. ومرة تُنصِت لنداء الانتصاف للنفس من ظالميها .. ومعاملتهم بالمثل وبما يستحقون من المعاملة .. فهي تتردد بين خيارين؛ اختيار أحدهما يعني التضحية بالخيار الثاني ولا بد؛ فإن اختارت الاستجابة لنداء الشَّارع .. ضحَّت بحق النفس في الانتصاف .. وما أصعبه من اختيار .. وإن اختارت الانتصاف للنفس .. ضحَّت بخيار الاستجابة لنداء الشّارع الذي يأمر بصلة الأرحام .. وما أصعبه وآلمه من اختيار!
ألم أقل لكم إنه تحدٍّ صعب .. واختبارٌ أصعب ... ما أقلّ الذين ينجحون في هكذا اختبار .. وهكذا تحدٍّ!
فإن قلتم: حقَّاً إنه لخيار صعب .. فماذا أنتَ تختار؟!
أقول: لا أزاود عليكم ولا أتفاهم .. ولكن حسبي أن أبين ما يختاره رسولُ الله r لي ولكم، كما في الحديث، عن أبي ذرٍّ قال:" أوصاني خليلي r أن أصلَ رحمي وإن أدبَرَت ".
وعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسولَ الله! إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسِنُ إليهم ويُسيئون إليَّ، وأحلمُ عليهم ويجهلون عليَّ؟!
فقال r:" لئن كنت كما قلت فكأنما تَسِفُّهم الملَّ ـ وهو الرماد الحار ـ ولا يَزالُ معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك " مسلم.
* * * * *
492- المرأة التي لا تتزيّن لزوجها!
من النساء من لا تتزين لزوجها إلا في حالتين فقط: عندما يهمّ بطلاقها .. أو عندما يريد الزواج عليها .. وفي ليلة زفافه على الزوجة الثانية .. وما سوى ذلك .. وبقية حياتها ـ ما دامت ضامنة أن زوجها لن يتخلى عنها ولن يتزوج عليها ـ فهي هاملة لنفسها وشكلها أبدا .. تُعاقبه في نفسها كلما نظر إليها .. أو همَّ أن يقتربَ منها .. وكأنها تستكثر عليه أن يرى منها ما يسره .. ويقر عينه .. ويحفظ بصره عن الحرام!
ثم أن هذا الزوج ـ بعد هذه السيرة الذاتية النكدة لحياته الزوجية ـ إن امتدت عينه إلى الحرام؛ فلم يحفظ بصره من النظر إلى الحرام .. والصور الإباحية الفاضحة .. والمنتشرة في كل مكان .. قامت زوجته تولول .. وتُهدّد .. وتشق الجيوب .. وتُعطي زوجها درساً في الشّرف .. والخيانة .. والوفاء .. وهي بعد ذلك لا تتردد في الاتصال بالشيوخ لتشكو زوجها المجرم إليهم .. ليفتوها بالعقاب الزاجر الذي يستحقه!
ولهذه وأمثالها أقول: عندما تمتد عين زوجكِ إلى الحرام .. فهو مخطئ .. ويطاله الوزر .. لكن أنتِ سبب فيما قد وقع فيه .. شريكة رئيسية له في كل وزرٍ يقترفه من هذا القبيل .. يطالك ما يطاله من الإثم والحرج .. لأنك ـ بإهمالك لنفسك ـ فرّطتِ بحقّه عليك .. وأعنتِ الشيطان عليه .. ولا تلومين إلا نفسك!
* * * * *
493- إلى متى ..؟!
إلى متى سنظل نسمع عن ثلة من خيرة شباب ورجالات الإسلام تُعدَم ـ بطريقة باردة مستهترة ـ على أيدي زبانية الطغاة الظالمين .. من دون أن تغضب الأمة غضبتها أو تقول كلمتها؟!
إلى متى سنظلُّ نسمع في كل يوم عن ثلة من خيرة شباب ورجالات الإسلام تُعتقل ويُزجّ بها في غياهب زنازين الطغاة الآثمين .. حتى اكتظّت واختنقت بهم السجون .. منهم من يُحكَم عليه بالمؤبد .. ومنهم من يُحكم عليه بعشرات السنين .. وكأن السنين في عرف الطغاة الظالمين أيّاماً .. وساعات .. والأمة ساكتة ساهية عن هذه الجرائم .. وكأن هذه الصفوة من الرجال ليسوا من أبنائها يحق لهم ما يحق لغيرهم من بني البشر؟!
إلى متى يستخف الطغاة الآثمون بحرمات ودماء وحرية الدعاة والعلماء العاملين من أجل الإسلام .. والأمة عن نصرتهم مشغولة .. غافلة ساهية؟!
إلى متى سيظل الالتزام بهذا الدين الحنيف .. تهمة .. وجريمة .. وعرضة للمساءلة .. يأخذ عليها الطغاة الآثمون بالنواصي والأقدام .. والأمة عن ظلمهم وإجرامهم غافلة ساهية؟!
إلى متى ستظل الأمة ساكتة على هذا البغي والظلم والعدوان .. متى ستغضب .. متى ستنهض .. متى ستنتفض؟!!
قال رسول الله r:" لا تُقدَّسَ أُمَّةٌ لا يُقضَى فيها بالحقِّ، ولا يأخذُ الضعيفُ حقَّه من القوي غيرَ مُتَعْتَعٍ ".
وقال r:" إنَّ النَّاسَ إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على يديه أوشكَ أن يَعمَّهم اللهُ بعقابٍ ".
* * * * *
494- دِماءُ المسلمين في الصين لا بواكي لها ..؟!
في ساعات معدودات قامت السلطات الصينية الشيوعية ـ بدمٍ بارد مستهتر ـ بقتل المئات من مسلمي الإيغور في إقليم " شينجيانج " .. لا يُبالون لعواقب إجرامهم .. لعلمهم أن كل ما هو مسلم وإسلامي .. سهل المنال .. لا حرمة ولا بواكي له .. وأن المجتمع الدولي سيتفهم هذه المجزرة بعقلية ديمقراطية متفتحة .. كما تفهّم غيرها من قبل .. وكيف لا؛ والمجتمع الدولي ذاته متواطئ ـ ولا يزال يتواطأ ـ في ارتكاب عددٍ كبير من الجرائم والمجازر بحق المسلمين .. في فلسطين .. والعراق .. وأفغانستان .. والباكستان .. والصومال .. والشيشان .. .. وغيرها من البلدان!
تصوروا لو كانوا القتلى من النصارى أو اليهود .. كيف كان العالم المتحضر والمتخلف سواء سيستقبل الحدَث .. وكيف كانوا سيتعاملون معه .. لربما قامت دنياهم وما قعدت .. وهم يستنكرون ويشجبون .. ويتظاهرون .. ويعدون الخطط تلو الخطط لمعاقبة الصين .. ولأقاموا نُصباً تذكارية لقتلاهم .. وحوّلوا مناسبة قتلهم إلى مناسبة وطنية سنوية يُعبّئون فيها شعوبهم ضد الفاعلين .. وأنا لا ألومهم على نصرتهم لحرمات بني دينهم وجلدتهم .. فهذا حقهم وأمر متوقع منهم .. ولكن اللوم .. كل اللوم .. على بني قومي وأمتي .. على أمة المليار ونصف المليار .. الذين يمررون مثل هذه الجرائم المتكررة بحق المسلمين .. من دون أن يقوموا بالحدِّ الأدنى من النصرة المتوجبة عليهم نحو إخوانهم في العقيدة والدين؟!
قال رسول الله r:" ما من امرئٍ يخذلُ امرءاً مسلماً في موطنٍ يُنتقَصُ فيه عرضه، ويُنتهكُ فيه من حُرمته، إلا خذله الله تعالى في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرتَه، وما من أحدٍ ينصر مسلماً في موطنٍ يُنتقصُ في من عِرضه، ويُنتهكُ فيه من حرمته إلا نصره الله في موطنٍ يُحبُّ فيه نصرَتَه ".
وقال r:" من نصرَ أخاه بالغيبِ نصرَه الله في الدنيا والآخرةِ ".
وقال r:" المؤمنون كرجلٍ واحد، إذا اشتكى رأسَهُ اشتكلى كلُّه، وإن اشتكى عينَهُ اشتكى كلُّه ".
فأين نحن من الوفاء بهذه الحقوق .. ومن هذه المعاني الأخوية النبيلة التي يجب أن تكون بين المسلمين؟!
* * * * *
495- حِصارُ غَزَّة!
تناولت يعض وسائل الإعلام خبراً مفاده: أن سفينتين حربيتين إسرائيليتين، قد عبرتا قناة السويس من البحر المتوسط إلى البحر الأحمر .. والسفينتان الحربيتان هما: المدمرة " حانيت "، والمدمرة " إيلات " تبلغ حمولة كل منهما ألفي طن من السّلاح!
وقد علق المسؤولون المصريون على هذا الخبر بقولهم:" ليس هناك ما يمنع قانوناً السفن الحربية الاسرائيلية من عبور قناة السويس .. إنه يتم السماح للسفن المدنية والعسكرية بالمرور فى القناة طالما أنها تراعي ما يُعرف بحق المرور البريء "!
قلت: يا سبحان الله .. عبور السفن والمدمرات الحربية للعدو الصهيوني عبر الأراضي والمياه المصرية .. لا حرج فيه .. ولا يوجد ما يمنع من ذلك .. وعبورها بريء لا يتعارض مع القانون المصري .. بينما عبور رغيف خبز .. أو علبة دواء .. عبر الأنفاق تحت الأرض من الأراضي المصرية إلى غزّة .. فهو عبور غير بريء .. وغير قانونين يحمل النظام المصرية على مصادرتها .. وتجريم الفاعل ومعاقبته .. ومن ثم تدمير الأنفاق على من فيها من المسلمين الجياع؟!
أيكون عبور السفن الحربية للعدو .. بريء وقانوني ومسموح به وفق القانون المصري .. بينما عبور رغيف خبز للجياع من أبناء وأطفال غزة المحاصرين .. جريمة لا تُغتفَر .. ومخالفة للقانون يُؤخَذ عليها بالنواصي والأقدام؟!
حقاً .. إنه أمر مُضحِك .. مبكي .. محزن .. مُخجِل .. ينم عن مدى الخيانة والظلم والعمالة والخِسّة .. والتخلف .. وانعدام الحياء .. عند تلك الأنظمة الطاغية الفاسدة .. كما يدل عن مدى الجُبن الذي أصابَ الشعوب!
* * * * *
496- المجاهِدُ وأمَّتُه.
عجِبتُ لأمر هذا المجاهد .. هو يُجاهِد ـ في سبيل الله ـ دون أمته .. يذود عنها بنفسه وماله .. وبكل ما يملك من غالٍ ونفيس .. وهي تكشف ظهرَه .. وتُسلِمه لعدوها .. وعدو الله!
يحرسها .. ويحميها .. بدمه .. وهي تخونه .. وتغدر به .. وتتخلى عنه .. وعن عائلته وأطفاله .. فتخلفه فيهم بالقطيعة والشح والظلم!
هو يركب المخاطر، والصعاب، ويقتحم الخطوب .. من أجلها وأجل سلامتها .. وسلامة حرماتها .. وهي تتخلى عنه .. وتتبرأ منه .. ومن جهاده .. وتستكثر عليه كلمة شكر وتقدير وعرفان!
هو يقلق لأجلها .. لا همَّ له إلا كيف يحمي بيضتها .. وحرماتها .. ويسترد ما قد سُلِب منها .. لا يهنأ بعيش من دونها .. دائم الأحزان والتفكر بها وبمصالحها .. بينما هي تقلق من أجل عدوه وعدوها .. وتهتم لسلامة العدو من دون سلامته .. ولمصاب العدو من دون مصابه!
يفترشُ الجبالَ والكهوفَ والوديان، وكل ما هو شاق وصعب .. من أجلها وأجل مستقبلها الواعد المأمول .. وهي تفترش فراش اللهو واللعب والتَّرف .. ساهيةً لاهية عنه، لا تأبه له في شيء!
لذا لا غرابة ولا عجب مما أصاب الأمة ـ في هذا الزمان ـ ولا يزال يُصيبها من وهن .. وذلٍّ وضَعف .. وتخلف .. وحبٍّ للدنيا .. وكراهية للموت في سبيل الله .. حتى أصبحت كالقصعة المكشوفة الغطاء .. يتكالب عليها الأكلة من كل حدبٍ وصوب .. سهلة المنال .. يمتطي أسوارها كل من عنَّ له الامتطاء!
أما أنت أيها المجاهد البطل .. لكَ الله .. لكَ الله .. ومن كان الله له .. فلا خوف ولا ضَيعة عليه.
* * * * *
497- وما سوى ذلك فهو عَبَث.
كل عملٍ تقوم به أو تريد أن تقومَ به ـ أي عملٍ كان ـ انظر هل فيه خير راجح لنفسك .. أو لغيرك من الناس .. فإن كان نعم، فامضِه وتوكّل على الله .. وإن كان غير ذلك؛ لا يوجد فيه خير راجح لنفسك، ولا لغيرك من الناس .. فأمسِك عنه .. واحترم نفسك ووقتك .. وعمرك .. واعلم أنه من العَبَث الذي نُهِينا عنه.
هذا هو الميزان .. وهذا هو الضّابط الذي به ومن خلاله تَقبَل هذا العمل أو ترده .. وتُقبِل على هذا العمل أم على غيره من الأعمال.
* * * * *
498- من علاماتِ طَلَبِ العلمِ وحُبِّ العلم.
من علامات طلَب العلم وحُبِّ العلم .. حُب العلماء .. واحترامهم .. وتوقيرهم .. ومراعاة حقوقهم .. والحرص على مجالستهم والقرب منهم .. والتقرّب إليهم بما يُحبون مما ليس فيه معصية لله تعالى .. فإن لم يحصل شيء من ذلك .. ثم بعد ذلك زعم زاعم أنه من طلبة العلم وممن يُحبون العلم .. ويهتمون بالعلم .. فاعلموا أنه كذّاب .. وأنه يتشبَّع بما لم يُعطَ!
* * * * *
499- أهلُ الحقِّ وأهلُ الباطلِ.
أهلُ الحقِّ يُنصفون أنفسَهم والآخرين .. وأهل الباطلِ يُنصفون أنفسهم دون الآخرين.
أهلُ الحقِّ يستدلون بما لهم وما عليهم .. ويُظهرون ما لهم وما عليهم .. وأهل الباطل يستدلون بما لهم دون ما عليهم .. ويُظهرون ما لهم ويخفون ما عليهم.
أهلُ الحق يُنصفون الحقَّ ولو من أنفسِهم .. وأهل الباطل يُنصفون الحقَّ ما قضى لأنفسِهم!
أهلُ الحقِّ يُظهرون الحقَّ ولو كان على أنفسِهم .. وأهل الباطل يكتمون الحقَّ إن كان على أنفسهم .. وما خالف أهواءهم وشهواتهم!
أهلُ الحقِّ يُحبون الحقَّ لذاته .. ويدورون معه حيثما دار .. وأهل الباطل يُحبون الحقَّ لغيره .. ما دام يتماشى مع مصالحهم وأهوائهم .. يدورون معه ما دار معهم .. فإن خالفهم خالفوه!
أهل الحقِّ تَبَعٌ للحقِّ .. وأهلُ الباطلِ الحقُّ تبَعٌ لهم!
أهلُّ الحقِّ؛ الحقُّ عندهم وسيلةٌ وغاية .. وأهلُ الباطلِ؛ الحقُّ عندهم وسيلةٌ لغاية!
لذا فإن أهلَ الباطل لا يستحقون الاستخلاف؛ فهم غير أمناء على الأرض .. ولا على قيادة البلاد والعباد .. بخلاف أهل الحق.
* * * * *
500- الرِّياضَةُ البدنيَّة.
الرياضَةُ البَدَنيَّةُ سلوكٌ حضاري راقٍ .. يجب أن يُمارسه الإنسانُ في جميع مراحل وأطوار حياته بحسب استطاعته، وبحسب ما تتطلبه كل مرحلة من مراحل عمره وحياته .. وهو مَطلبٌ صحِّي وشرعي في آنٍ معاً: أمَّا أنه مطلبٌ صحي .. فقد تحقَّق إجماع الأطباء وخبراء الصحة ـ من دون مخالف ـ على أن الرياضَة نافعةٌ جداً للبدَن .. وأنها شرط لسلامةِ الصحة والبدَن من كثير من الأمراض.
أما أنه مَطلبٌ شرعي .. فهو مرتبط بكثير من الواجبات والفرائض الشرعية التي تستلزم جسداً صحيّاً وقوياً .. بخاصة منها فريضة الجهاد في سبيل الله .. وما لا يتمّ الواجبُ إلا به فهو واجبٌ .. وقوله تعالى:) وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (الأنفال:60. يشمل الإعداد البدني الجسدي .. وكذلك قوله r:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " مسلم. فهو يعني ويشمل القوة البدنية الجسدية .. وممارسة الرياضة البدنية على هذه النية؛ نيَّة الإعداد والتَّقوِّي على طاعة الله .. من أعظم العبادات التي يتقرب بها العباد إلى ربهم عز وجل .. وما أكثر الذين يغفلون عن هذه العبادة!
مما يُدهشني في المرء .. أنه من جهة تراه يريد الجهاد .. ويستشرف مواطن الجهاد .. بينما جسده يعني أنه لو تيسَّر له الجهاد .. سيكون همَّاً وعالةً على المجاهدين .. كما سيكون صيداً سهلاً للعدو!
501- ... يتبع في الصفحة التّالية إن شاء الله.