أحر التعازي بمناسبة قدوم العام الجديد 2005

أحر التعازي بمناسبة قدوم العام الجديد 2005

أمير أوغلو / الدانمارك

[email protected]

بمناسبة العام الميلادي الجديد نتقدم لسكان الكرة الأرضية بأحر التعازي وأخلص آيات الحزن والأسى واللوعة.  

أحر التعازي لضحايا الزلزال الذي كان يمكن تجنب الكثير من أضراره لو دفعت الدول المتقدمة ما تدفعه الآن من أجل دفن موتى وضحايا هذا الزلزال , لتأمين نظام إنذار مبكر للزلازل لا يكلف أجزاء من التكلفة التي تتكلفها هذه الدول الآن هذا النظام الذي أوقفته أستراليا بحجة نقص الإمكانيات المادية لديها منذ سنوات وهي الآن تدفع ثمنه ضحايا من مواطنيها بالإضافة إلى عشرات آلاف الضحايا من الجنسيات الأخرى , ولكن هذه بعض محاسن النظام العالمي الجديد الذي يجمع المال في أيدي عشرة بالمائة من سكان هذا الكوكب .

أحر التعازي , لهيئة الأمم المتحدة , ومجلس الأمن , وجامعة الدول العربية , ورابطة العالم الإسلامي , ومنظمات الإتحاد الإفريقي والأسيوي والأوروبي الساكتين على حماقات أمريكا ورئيسها الأهوج والذين يقيسون الأمور بمقياس المصلحة الآنية ويرتضون بالفتات مما يلقى إليهم من مائدة حكام العالم الجديد والنظام الجديد .

أحر التعازي , لشعوب الدول العربية والإسلامية , التي عاشت عاما كاملا جديدا تحت نير العبودية والظلم والقمع  والإستبداد , والتي لم يستطع قطر واحد منها أن ينال استقلاله من حكامه الذين يسومونه سوء العذاب , يضعونه  في أسفل مراتب التقدم بين الأمم ويسرقون أمواله وينهبون ثرواته ويبيعون أحلامه من أجل يوم زائد في الحكم لهم أو لأولادهم من بعدهم .

أحر التعازي , لحكام العالم الإسلامي والعربي ومسؤوليه , الذين اقترب أجلهم عاما كاملا وقصرت أعمارهم  عاما , واقترب منهم الوعد الحق عاما , سيلاقونه بعدها وقد شخصت أبصارهم ليُسألوا عما فعلوا بشعوبهم وبأماناتهم , ليُسألوا عن كل قرش اكتسبوه من أين جاؤوا به وأين أنفقوه , ليُسألوا عن كل طفل من هذه الأمة بات جائعا وهم يعبثون ببقايا الطعام على موائدهم , ليُسألوا عن كل طفل في هذه الأمة بات عطشانا وهم يتفنون بخلط أمزجة الشرابات بعد أن لم يعد الماء يروي لهم ظمأ , ليُسألوا عن كل أم باتت تبكي ابنها في سجونهم وعن كل امرأة باتت تنتظر والد أطفالها الذي يعذب في أقبيتهم لأنه عارض وخالف ولم ينحن للذل ولا للقهر ولا للعبودية , ليُسألوا عن أوطانهم وماذا قدموا لها وأين وصلت في عهودهم في مصاف الأمم , ليُسألوا هل كان همهم الحكم والبقاء فيه أم كان همهم الشعب والأمة والناس الذين استخلفهم الله فيهم ؟

أحر التعازي لعلماء الأمة ومثقفيها ونخبها الساكتة الصامتة عن جرائم الحكام في حق الشعوب , والمبررون للحكام والمفتون بوجوب طاعتهم والسير على منهاجهم , فقد خسروا عاما جديدا من عمرهم وهم سادرون في غيهم ينتظرون صلاح الحاكم واستفاقته من غفلته . فقد مر عام كامل ارتكب فيه الحاكم ما يعرفون وما لا يعرفون من الأعمال التي أصدروا لها الفتاوى والمبررات وأخرجوا الآيات والأحاديث ونفضوا الغبار عن كتب الأثر ليجدوا لها تخريجا يرضي الحاكم ويخدر الشعب المخدر أصلا . ماذا سييجيب هؤلاء عن سؤال الذي يعلم السر وأخفى عندما يقول لهم هل كانت ستكون هذه فتواكم لو كنتم في سجون الحاكم كغيركم من بقية العلماء بدل أن تكونوا موظفين لديه ؟ أم أن الفتوى ستتغير حينها وتتبدل بتبدل الزمان والمكان ؟ عندها سيختم الله على أفواههم وستنطق أيديهم التي قبضت الرواتب والعلاوات والمنح والإكراميات ويا لهول ما ستقول .

 أحر التعازي لكل مسلم فهم الإسلام دين صلاة وصيام وزكاة وحج وخنوع وخضوع ورضا بالواقع الأليم , ولم يفهم لماذا أنزل الله الأديان وبعث الرسل وأقام الحجة على عباده ليحييهم حياة طيبة لاحياة الذل والفقر والجوع والتخلف والمهانة, الأديان التي أنزلها الله على رسله ليقيموا العدل في الأرض وليخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد حتى يصلوا إلى أعلى مراتب العزة والكرامة في الدنيا قبل الآخرة , لا ليعيشوا كالأموات ثم يقدموا قرابين على مذابح مصالح الحكام , الأديان التي جاءت لتكرم الإنسان حيثما كان ومهما كان , لالتكرم الحاكم وتذل المحكوم بين يديه ولا لتكرم المسؤول وتذل المحتاج إليه , الأديان التي أمرت الإنسان بالصبر على مكاره العمل والسعي والدأب للتغيير والتقدم والتطور لا الصبر على أهواء الحكام ورغباتهم ومفاسدهم ومساوئهم وتعليق كل هذا على شماعة القضاء والقدر كما يوحي لنا أرباب العلم والفتوى .

 أحر التعازي بقدوم عام جديد لا نصحو فيه كلنا , ولا نفهم ولا نتحرك , ونرضى بالعلف بديلا عن الحرية , وبالكلام بديلا عن العمل , وبالصبر والاستكانة بديلا عن الرفض والتغير .

29 كانون الأول – ديسمبر 2004