حلم ونبيذ ووطن..

إبراهيم القهوايجي

حلم ونبيذ ووطن..

إبراهيم القهوايجي/المغرب

ياأيها المجــروح وطني

يغريني رذاذ غيمك المباح،

فيطاردني كالمسيح يجرمنفاه

ماذا ستفعل يا أيها المجروح في قلب الجريح

وأنت تسكن بين الرماد والنار،

 وتفقد كل يوم ذاكرة ذكورتك،

وتسلمني إلى كفني ، حيث يقبع النجم

!ليضيء غرفة جنوني؟

فلتسكن أيها الحرف

مواثيق الجرح

في وطن حسبته جنـــة

وحيثما ارتحلت ألفيته جحيما.

*      *         *

وطني يا أيها المتشــح في الســواد

والمنتصر حين أكرع كأس النبيـــذ،

كيف أهرب منك إليك

وعساكرك تحرس دمعي في عيوني الجــافة؟

إلى أين أمضي

وأعشاش طيورك فارغـــــة؟

قصاصات صباحاتك مغسولة بالدم،

وأنباء مساءاتك تستدعي وليمة المدام.

سأحمل ، يا وطني ، حزني على كتفي،

وأرحل عنك في مواسم الهجرة إلى الشمــــال

لعل جيــوش صحوك تطاردني،

فأقص أجنحـة الليل كي يطير سريعــا

حتى لا تظل كابوسا لعصافير الوشاية والأحــلام.

*      *       *

وطني يا أيها المستباح بعهر الكــلام،

الضـاج بالموتى الذين يقطفون الأشعـة

أنت تقشر برتقالة حياتي ،

وتطرز كلماتــي برقصة الريح

وأنا أخط على قبرك حرفا جميــــلا،

وأوقـــد عليه شمعة الوداع الأخيــر.

فما الذي يتبقى لي من انتماء

وأنت تفر عني إلى مستودع الأموات؟

يا أيها الوطن القابع في الزنازين

" يحتاج النجم إلى حقول ظلام كي يضيء" ،

 ويسكر الحب والموت والخمـر..    

ويـورق الشجر ويولد البشــر..

*       *         *

وطني يا أيها السائــر في الحلم بلا ذاكــرة

ارفــع عنك خيـــوط العناكب،

وخذ من حلمــي وردة

تهش بها على شوارعك المرسومة على خارطة الســواد،

ليبدأ فيك تاريخ الفرح الحــزين ،

وتفتح معاقل الأمـــل أبوابــها.

هــذا وطـن النبيذ والنســـاء

وطن البارود والغنـــاء. 

فلتذهب أيها الشاعر للخـــــلاء،

ولتكتب سيرتك في العـــــــراء

آنــذاك سنقيم للفرح مأتمه ،

ونرحل على نهاية الغيـــــــاب

و لا نجد سوى باب يوصده الغيـــــــاب.

مكناس في 27/11/2004.