السعادة ومفاتيحها
م. عبد الكريم المهلهل
يولد المرء و يحيا باحثاً عن أمورٍ متعددة فتارةًً يبحث عن الراحة و تارةً يبحث عن الأمن و تارةً يبحث عن الصداقة و هكذا تراه ساعياً إلى ما يحقق ما يحتاجه و يعوزه ، و إنْ بحثنا عن هذه الأمور و ما تشتركُ به فسنجد أنَّه يبحث عن شيءٍ رئيسيٍّ يجمع بين ما يبحث عنه ، ألا و هي ( السعادة ) .. و الجميل في معنى السعادة أنَّها لا تمنع نفسها عن أية إنسان غنيٍّ كان أو فقير ، بكامل صحته أو فاقداً شيئاً منها .. و يمكن أن أٌشبه ( السعادة ) بباب يحتاج إلى مفتاح من المفاتيح التي يملكها الإنسان .
و للإسف فإن كثيراً من الناس يملكون هذه المفاتيح لكنهم يضعونها كـ " قلادة " يفتخرون بها لكنْ لا يَعونَ الهدف منها ، فهذه المفاتيح يوجد بها ما يمكن فتح باب ( السعادة ) من خلالها ، و هذه المفاتيح في الحقيقة متنوعة بتنوع مالكيها ، فنجد مفتاح " الصبر " لا يملكه إلا من وطَّن نفسه على الصبر و قاد نفسه نحو معاني الصبر و عجائبه ، و نجد مفتاح " الرضا " الذي تهدأ به النفوس و تطمئن نحو خالقها و ما قدَّر لها و تسكن به و بمعانيه ، أما مفتاح " التفاؤل " فهو الذي يعطي الإنسان الدفعة تلو الدفعة لينطلق نحو ما يرنو إليه و يصبو .
إلا أني أرى أن أهمَّ المفاتيح و لا يمكن الإستغناء عنها في فتح باب ( السعادة ) هو مفتاح " العطاء " و ما أجمله من مفتاح ! ، و لعلَّ سرَّ السعادة و كنزها الثمين يكمن في هذا المفتاح و يظنُ بعضنا أن السعادة تكمن بالأخذ و إن كانت كذلك فهي سعادة لحظية سرعان ما تنتهي ، أما السعادة الأبدية إن كانت بمقياس دنيانا أو ديننا فهي تكمن بالعطاء و معانيه من تضحية و بذل و إيثار في سبيل إسعاد العنصر البشري ، و يكفي أنَّ الله تعالى يُخلٍّد ذكر الإنسان بما يعطيه لغيره و إن كان هذا الإنسان غير مؤمن بالله تعالى ، فالله تعالى يوافي أجره في الدنيا بينما المسلم فله أجري الدنيا و الآخرة.