هل من وقع لتمنيات الخليفة المنصور عند حكامنا
هل من وقع لتمنيات
الخليفة المنصور عند حكامنا؟!
فيصل الشيخ محمد
من خلال مطالعاتي مرت معي صورة ناصعة من حياة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولأهميتها أردت أن أسوقها إلى الحكام العرب وأخص بها حكام بلدي سورية، لما فيها من عبرة وعظة قد تصلح حال الرعية والراعي في بلدي والبلدان العربية، التي تفتقر إلى مثل هذه المعاني العظيمة في سياسة الحكام لمحكوميهم وما يتفق ومصالح شعوبهم.
كان الخليفة المنصور يقول متمنياً: ما أحوجني أن يكون على بابي أربعة نفر، لا يكون على بابي أعف منهم، هم أركان الدولة، ولا يصلح الملك إلا بهم، أما أحدهم: فقاض لا تأخذه في الله لومة لائم. والآخر: صاحب شرطة ينصف الضعيف من القوي. والثالث: صاحب خراج، يستقضي ولا يظلم الرعية، فإني عن ظلمها غني. ثم عض على إصبعه السبابة ثلاث مرات، يقول في كل مرة: آه. آه. قيل: ما هو يا أمير المؤمنين؟ قال: صاحب بريد (رئيس مخابرات) يكتب خبر هؤلاء على الصّحَّة (رجل يخبرني بما يفعل هؤلاء لا يزيد ولا ينقص). هكذا كان المنصور حريصًا على إقامة العدل، ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وإلى جانب هذا، فقد كان يراقب عماله وولاته على الأقاليم، ويتتبع أخبارهم أولاً بأول، ويتلقَّى يوميّا الكتب التي تتضمن الأحداث والوقائع والأسعار ويبدي رأيه فيها، ويبعث في استقدام من ظُلم ويعمل على إنصافه متأسيًا في ذلك بما كان يفعل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
إن ما جاء في تمنيات الخليفة أبي جعفر المنصور حكامنا أحوج ما يكونون إليها، وقد تفشى الظلم وكثرت الضرائب وعم الغلاء وضاق الحال على العباد وانتشر الفساد، وقُرّب المفسدون وأبعد الصالحون، ووسّد السفهاء دون العقلاء، وكثر المخبرون والمدلسون.. والقائمة طويلة وطويلة لا يمكن الإحاطة بها في كلمات قليلة.. نتمنى على حكامنا أن يتقوا الله فينا فإنهم محاسبون وستعرض أعمالهم يوم الحساب ويجزون بما فعلوا خيراً بخير أو شراً بشر (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا)!!