عربية أنا
عربية أنا
آمنة بدر الدين الحلبي*
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
فأنا من ياسمينة الأرض النديه...
ومن مهد الحضارات الدمشقيه...
قديمة أنا، من موروثٍ ثقافي..
مفعم بالحضارات الشرقيه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
فأنا من شآم فيروز...
أمويون، بالفتوحات الإسلاميه..
من ضفاف بردى...
من رائحةِ الفلِ الشاميه...
من صهوات اللقاء والفروسيه...
فوق الغوطتين أغرد...
وبين الرواشين الهندسية...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
فأنا من أرض الكرامة والشهامه...
من قلعة أبي الفداء الأثريه...
ناعورتي تئنُ على نهرٍ...
صفحاته مليئة بالحريه...
رائحته من عبق الشهداء...
أيام جلاء الفرنجة الفرنسيه...
هزيمتهم كانت على العاصي...
وحكايات والدي بفرح الحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
سمرتي تحكي قصة عروبتي...
وعيني مرسومة في الهويه...
مكتوب عليها اسم والدتي...
الطاهرة، قديسة بصلاتها المحمديه...
علمتني عندما ولدتُ بسم...
الله وحب الوطن والحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
إليكم هويتي مصكوكٌ عليها...
مؤمنة أنا بكل الديانات السماويه...
محفور عليها مذهبي وعقيدتي...
من أبجدية الحروف القرآنية...
مطبوع في قاع ذاكرتها...
أنا ابنة الأرض العربية...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
أوقفوني، سألوني، بعثروا كتبي...
نثروا قراطيسي...
قلبوا هويتي، راجعي الشرطة النظاميه...
أجنبية أنتِ، بكل المقاييس
بالفكر، بالعقل، بالمفردات الإرهابيه...
قيدوني بنظرة ذلٍ، وحفروا...
على خاصرتي، ختم السبية...
رفعوني بالمقصلة إلى عمودٍ...
مكهرب ليسرقوا مني الحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
اصطنعوا الأقاويل، ضللوا الحقائق...
بصكٍ شرعي من الهيئة الدولية..
نهشوا، كرّوا، فروا أشعلوا...
جميع الإشارات الضوئية...
صامدة أنا أمام الشهب...
والنيازك، والحبات العنقوديه...
مزقوا قلبي، وفلذة كبدي...
أغيثوني، فأنا الأم العربية...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
أعيدوا لي ابني، حبيبي...
أيقظوه، من نومته الأبديه...
أضمه إلى صدري، أرضعه...
أرسمُ في عينيه آية قرآنيه...
أشم رائحة دمه، ألثمها...
أعفرُ وجهي بعبق الحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
اغتصبوا آدميتي، قطعوا أوردتي أوردوني...
تحت شعار، مرسوم بالديمقراطيه...
بتروا لساني، وخازوق دق في...
خارطةِ الطريق، ببصمة الصهيونيه...
هدموا بيتي بنظارة سوداء...
وورود الحب، بالمعامل البيولوجيه...
أحبكم، أخاف عليكم، من المغول...
والتتار، فأنا ابنُ مريم المجدليه...
الطفلُ في المغارة وأمه مريم...
بريئان من خطابات النازية...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
فأنا من بغداد الرشيد، من ...
كلدان وآشور، وسلالتي الأمورية...
أين ثقافتي؟ أين حضارتي؟
كانت مدونة، بالمتاحف الأثرية....
أأذكرُ لكم تاريخ بلادي...
فأنا لملمته من البوابات...
والمسارح البابليه...
أأذكر لكم، مدرستي، وقصة حبي،
وبيتي القديم...
ومعابد بابل، والحضارة السومريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربية...
أنا حفيدةُ الأمين والمأمون...
والحسن والحسين، من السلالةِ الهاشميه...
لا تصيغوا العقود المزيفة، حبري...
الأسود، وبلاد الرافدين الأبيه...
ماءُ فرات.. وملح أجاج...
وكتابي، نطق بالمعجزة الإلهيه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
قطعتم أوصالي، قسمتم قلبي...
خنجر مسموم، باسم العنصريه...
وجدارٌ طويلٌ، يفصل بطيني...
عن أذيني، إكراماً للصهيونيه...
توسلتُ بكل لغات العالم...
بكل أبجديات العالم...
فأعادوني معصوبة العينين والحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
"تكتوك" بيني وبين ابني...
لأعترف، بأنني المرأة الإرهابيه...
الشاة المذبوحة لا يهمها السلخ
أنقذوني فأنا الأم الفلسطينية...
رهينة أنا، منذ زمن بعيد...
أنتظر مفاتيح القدس العربيه...
عمر بن الخطاب.. أم صلاح...
الدين، كل ينطق الضاد والأبجديه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
الجولانُ شامخةٌ، ترنو...
بعين الاستقلال لرائحة الحريه...
والعاشقان مفصولان، بأمر الحدود...
والإرهاب، على الأسوار التكعيبيه...
الورود في مزارع "شبعا" مصلوبة...
تنتظر الخلاص من الصهيونيه...
العرسُ غداً في الجنوب...
وحبيبي شهيدٌ، من المقاومة اللبنانيه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
سأجمعُ ورود الحب من بيروت...
لأرسم لوحة حبي الانطباعيه...
سأجمع شجرَ الصنوبر من بيروت...
لأزينَ نعش حبيبي...
وأصيغَ حديقة عشقي التشكيليه...
وأدق في النعش إكليل غار...
أرزٌ، وفي المحافل الدوليه...
هذا عرسي، فرحُ الأبطال...
هديةٌ... لبيروت الحرة الأبيه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
أنا بيروت العشق، وباريس الشرق...
في قلب الأوطان العربية...
تفوح مني رائحة الياسمين...
وعبق الشهادة، ورائحة الحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
أنا وطنٌ عربيٌ واحد...
لأصد عدوان الصهيونيه...
من الفرات إلى النيل...
ناطقٌ بالضاد والأبجديه...
من المحيط إلى الخليج...
إلى أرض الكنانة الحرة الأبيه...
إلى مصر العروبة والحضاره...
وكل الانتصارات العربية...
عربية أنا، فوق جبيني..
إكليل غار، معقودٌ بالحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
أعادوني من الحدود، بعد ...
أن طمسوا معالم الهويه...
ونقشوا عليها ختماً صادراً...
من وزارة الحرب واللاحرب...
ممنوع الدخول للأجنبيه...
ويا ليتني، كنت المرأة الأجنبيه...
بعيون زرقاء، وشعر أشقر...
لعبرت الحدود، بكل وسائل الحريه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
لم يشموا رائحة النخيل...
ونداءات الزنبق الزهيه...
كانت قلادتي مصاغة منه...
موشاة بالفصوص اللؤلؤيه...
وعباءتي مزركشة، بكل...
أحجار الفيروز، والحبات المرجانيه...
بيتي مزين، بشفاه البحر...
الأحمر.. والمحارات الصدفيه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
أوقفوني للمرة الأخيره...
بحكم الأحوال الشخصيه...
التأشيرة منتهية، والفيزا...
مجهضة، لأنك المرأة الأجنبيه...
أقسمت لهم بأنني المرأة العربيه...
والله شاهدٌ، على قسم الحريه...
الله ربي، والقرآن كتابي...
وسنةُ نبي... المحمديه...
اعتقلوني، بأسئلة بوليسيه...
وساقوني مقيدة للشرطة النظاميه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
عربيةٌ أنا، فلا تدخلوني...
حقل التجارب...
سئمت من رائحة العقاقير...
والأدوية الجرثوميه...
عربية أنا، اقبلوني بحضارتي...
بشريعتي...
بعقيدتي، برسالتي السماويه...
أخطأ من قال:
أني لستُ عربيه...
فأنا ابنة الحرمين الشريفين..
أنطق الضاد، واللغة القرآنية...
عربية أنا، مسلمة أنا...
وعلى سنة إبراهيم الحنفيه...
عززتُ قسمي، ورفعت رأسي...
فأنا ابنة الأرض العربيه..
*أديبة وكاتبة سورية – جدة