لحظات الاعتراف
لحظات الإعتراف
د.محمد سالم سعد الله
قد يعجزُ اللسانُ عن البوح باسمكَ ، وقد يُلجم آلفاه عند استحضار صورتكَ ، وقد يطير القلب شوقاً إذا ما شمّ بريق ظلكَ ، نعم إنها الأقدار التي جمعت بين روحينا ، وقربت بين جسدينا ، إنها المشيئة التي أعلنت سِفر البعاد ، وخيمت بلعنتها أرض الازدياد ، إنها العيون المتلألئة حزناً وفخراً : حزناً لأنكَ ملكتَ الفؤاد ، واختفيتَ خلف الكلمات ، وفخراً لأنّ البوحَ يصعد آفاق الودّ ، ليعانق العبرات .
كيف أغفو ، وقد أصبح العراق وساماً يزين وجنتيّ قبل الشروع بالخجل ، ويمنحني حباً بعد جفاء ، وقرباً بعد رجاء ، بحثت عنك في دواوين العشق ، ومذكرات الأتقياء ، فتشت كلّ الأزقة ، كلّ الفيافي ، ومع الأشياء ، أردتك ملاكاً . إنسياً . جنياً لا فرق ، فالعبرة بالنقاء.
آهٍ كم أُدميتْ صفحاتٌ من أيامي : ( طفولة معذبة ، وأخوة قتلى ، ونساء ثكلى ، وشباب تائه ، وحروب شعواء ، وحصار ظالم ، ودين معطل ) ، ورحتَ تنسج ذكرياتي بالدماء ، كنتُ قد قرأتُ يوماً أنّ الحبيبَ جزءٌ من العقل والقلبِ، لكني اليوم أعترف أنّك كلُّ الأجزاء .
إنهض آن الأوان لك ، إنهض وارسم نهاية سعيدة ، وعانق ذاك السناء ، سأقرأ سورة العصر . النجم . الحشر فكلّ ميدان للثناء ، سأصبر مع الفجر ، وقرب الأحقاف ، ومع النساء ، سأستعيرُ عُيونَهنَ وأرشقُ بالحُجُرات الأعداء ، سأفرشُ قلبي تمراً وعنباً ، قرباناً لعيونك عراق .