تركيا والاتحاد الأوروبي

تركيا والاتحاد الاوروبي

محمد زهير الخطيب

 تورنتو / كندا

    نشر موقع اسلام اون لاين في 13 سبتمبر 2004  خبرا تحت عنوان "حقوق التصويت عرقل انضمام تركيا للأوربي" جاء في ثناياه أن بولكشتاين مفوض التسويق الداخلي بالاتحاد الأوربي حذر من "أسلمة" أوربا إذا انضمت تركيا للاتحاد، معتبرا أن عضويتها تمثل خيانة لانتصار المسيحية على العثمانيين على أبواب فيينا عام 1683م.

واسمحوا لي أن أقدم التعليق التالي:

إن بعض أهل الغرب لا يزالون ينظرون الى الاسلام على أنه خطر تجب اليقظة والتخطيط بعيد المدى لمنع انتشاره، وهؤلاء

إما أن يكونوا أمثال من قال:

(إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم لمهتدون)

أو أمثال من قال:

(إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى)

أو أنهم ممن صدهم عن الاسلام سوء الصورة التي يقدمها المسلمون عن دينهم أفرادا وجماعات ودولا.
إن انتشار الاسلام في الدنيا له أكثر من طريقة فمنها معارك الفتوحات كحطين والقادسية واليرموك، ومعارك العثمانيين في اوربا التي كان منها معركة عام 1683 على ابواب فيينا. ومنها طريقة انتشاره سلميا في جنوب شرق آسيا كاندونيسيا بالدعوة والمعاملة الحسنة، ولكل طريقة ظروفها ومسوغاتها الشرعية والواقعية.
وإذا كانت طريقة الفتوحات تحتاج الى شرح وتفصيل في مسوغاتها لوجود شبهة استخدام القوة، فليس هناك ما يخيف من الطريقة الثانية التي تعتمد على البلاغ المبين والكلمة الطيبة والقدوة الصالحة، ومع ذلك نجد أن السيد بولكشتاين قد حذر من "أسلمة" أوربا إذا انضمت تركيا للاتحاد الاوربي دون أن يكون هناك شبهة سيف أو ترس !!!
تركياهذه التي ينظر اليها البعض على أنها دولة مارقة عن الاسلام والتي لا يستطيع رئيس وزراءها أن يرسل ابنته المحجبة الى مدارس الحكومة لأنهم سيخلعون عنها حجابها بسلطة القانون، تركيا التي مسخ اتاتورك وجهها الاسلامي وحولها الى شعب أمي في يوم وليلة عندما ألغى الاحرف العربية وفرض الاحرف اللاتينية. تركيا هذه التي يهاجر أفرادها الى المانيا شبابا ويدركهم الموت فيها شيوخا ولم يتعلموا بعد جملة صحيحة من اللغة الالمانية، هذا الشعب البسيط المنغلق على نفسه يفزع منه بعض الغربيين من أن يكونوا سببا لانتشار الاسلام ... فكيف بنا إن وضعنا ثروات الخليج على علوم المصريين على تجارة الشاميين على مهارة الماليزيين على تكنولوجيا الباكستانيين .... لنخرج للناس دولة تكون خير أمة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله ...
لقد بلغت الانسانية مرحلة النضج ودخلت عالم التواصل وأوشك الناس ان يدخلوا في دين الله أفواجا لايمنعهم من ذلك إلا الجهل بالاسلام وسوء القدوة من المسلمين، لقد كان دين الله قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أصبح كالبناء الكامل الذي تنقصه لبنة، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكمل البناء وليبلغ الناس قرآنا يقول:

( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)

 لقد كان الناس بحاجة الى قدوة من البشر ليكون نموذجا لهم في حياتهم، فجاءت الآية الكريمة

(لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة)

 جاءت لتحدد أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو قدوة البشر. واليوم ... وبتقارب الناس وبنضج انسانيتهم وبتداخل ثقافاتهم أصبحت الحاجة ملحة لظهور دولة اسلامية رائدة تقوم بدور الدعوة الى الله عز وجل بين الامم كما يقوم النبي بالدعوة بين البشر، تبلغ الدعوة وتشرح الرسالة وتقدم دولة الاسلام كقدوة صالحة لباقي الامم. هذه الدولة يجب أن تكون قائمة على المساواة والعدل فلا محاباة ولا ظلم فيها، قائمة على العزة والحرية فلا عبيد فيها، قائمة على العمل والانتاج فلا كسل ولا تخلف فيها ... وهنا يأتي سؤال من الذي سيشيد هذه الدولة؟ الحكام أم الافراد والجواب هو أننا نحتاج الى كليهما معا، فكما تكونوا يول عليكم، وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.