شجرة الصفصاف
سقى الله تلك الأيام
د. عمر العاني
لا يقنعني أحد أن خبزًا أطيب من خبزها
لا أطيق سماعًا ولو بكلمة أن هناك أجمل من وجهها
وهو يتوهج من حرارة التنور
خبز حار مقسمس أي فيه صلابة محمودة كالكعك
مقسمس بإسكان السن وكسر الميم الثانية
لا أجمل من تطريز شوائها من حمامة أو سمّانة أو حجلة برية
أو قطع من لحم خروف تضلع من ماء الفرات
من الحاج يوسف السيف قصاب الحارة كل كيلو بسعر 250 فلسًا
لا ألذ من بطيخ بستان السقعة الأحمر أو الشمام الأصفر
كانت تضعه لي في حقيبة من قماش أزرق
لا أروع من زورقي الذي كان الصبية يعجبون به لطرافة هندسته وشكله
صنعه بيده عمي الذي كان صنائعيا لسبع صنائع
كنا نعبر الفرات إلى جزيرة بشر بكسر الباء وإسكان الشين
وهي قبالة بيت جدتي المطل على الفرات
وفي الجانب الثاني من الجزيرة
وتحت شجرة الصفصاف كنا نخرج عدة الصيد
ونصطاد بالسنّارة أنواعًا من الأسماك
نأكل الشواء بالخبز الحار المقسمس هكذا يسمونه
ونسبح في الفرات مع البطيخ الأحمر الذي يغوص طويلا ثم يطفو
ونلحق به كأسراب الدلافين الصغيرة
ولكثرة ما نسبح نعود إلى البيت جائعين
تبهجني وفرة الصيد
ويتهجني أكثر ابتسامة أمي التي تفرح لفرحنا
وابتهالات جدتي وهي تصلي على رسول الله لتعيذني من حسد الحاسدات
طفولة بابلية نقشتها الذاكرة قمرًا لا يغيب من سماء حياتي
ويومها لم أكن قد بلغت الثانية عشرة من العمر
يتذكرها الأستاذ أسامة العاني مدير اتصالات الفلوجة اليوم وهو خال أولادي
يا سقى الله تلك الأيام