أولادنـا والعطلة الصيفيـة
أولادنـا والعطلة الصيفيـة
خالد أحمد الشنتوت
يخطئ الكثيرون عندما يفهمون أن العطلـة نوم ولعب وأكل فقط ، فيضيعون بضعة أشهر من عمر أولادهم كل عام بدون فائدة ، بل تلحقهم أضرار العادات التي اعتادوها خلال العطلة . فقد تعودنا معشر المدرسين على نوم الطلاب في الفصول خلال الأسبوع الأول من العام الدراسي ، وذلك لأنهم قضوا معظم الصيف ينامون النهار ، ويسهرون الليل كله أو أكثره .
ومن المؤسـف جداً انسـحاب عادة النوم هذه على العام كله ، فصار الطالب ينام يوم الخميس حتى العصر ، كما ينام الجمعة حتى قبيل الصلاة ، وشيئاُ فشيئاً صار الطالب المسلم يقوم من نومه من أجل المدرسة ، مكرهاُ متثاقلاً ، بل رأينا مرات ومرات السائق يوقظ الطالب النائم في السيارة ، الذي أجبر على مغادرة الفراش ليذهب إلى المدرسـة .
العطـل نصـف العـام :
يبلغ عدد أيام الدراسة الفعلية في المملكة العربية السعودية ـ وهي أكثر منها في بقية الدول العربية ـ (185) يوماً ، بمافيها أيام الامتحانات ، وبقية العام يذهب عطلاً ( خميس وجمعة ، رمضان ، وعطلة الحج ، والعطلة النصفية ، ثم الصيفية ) ، وفي غير المملكة تكثر الأعياد الوطنية ولايزيد العام الدراسي الفعلي عن المملكة وربما يقل عنه ، أي أن الدراسة نصف العام فقط ، وهذا قليل جداً ، ومع هذا يضيـع الناس العطلة ، لأنهم لايستفيدون منها . أما في اليابان فالعام الدراسي الفعلي (240ـ 250) يوماً ، ويزيد عن العام الدراسي الفعلي الأمريكي بنسبة (25% ) .
العطلة تغيير لنظام العمل ونوعـه :
وأتمنى أن يفهم الآباء والمربون أن العطلة تغيير لنظام العمل ، وليست تعطيلاً كاملاً للعمل ، ففي أيام الدراسة يقضي الطالب من (5 ـ 6) ساعات دراسة في المدرسة ، كما يحتاج إلى ساعتين في البيت لحل الواجبات ، أما في العطلة فيكفيه ثلاث ساعات في اليوم يقضيها في التعلم الفردي الذاتي في البيت ، أو يعلمه أحد أفراد أسرته ، وسنفصل مجالات هذا التعلم بعد قليل .
وفي أيام الدراسة يستيقظ الطالب في السادسة صباحاً ، أما في العطلة فيستطيع أن ينام حتى التاسعة مثلاً .
مجالات للدراسـة خلال العطلة :
لايشك المربون أن التعلم الذاتي أكثر أساليب التعلم فعالية ، وقد فتح الحاسوب الشخصي مجالات للتعلم الفردي كثيرة جداً ، وتقدم شركة الدوالج وغيرها اسطوانات (cd) تحوي برامج مدرسية كالرياضيات والفيزياء والكيمياء والقواعد والانجليزية وغيرها ، يستطيع الطالب العادي الاستفادة منها فائدة كبيرة . وهكذا يحضر طلاب الشهادات موادهم الأساسية في الصيف استعداداً لمعركة مصيرهم في عام الشهادة الثانوية .
كما يستطيع الطالب في المرحلة المتوسطة أن يصمم قاموسـاً للانجليزية ، يجمع فيه الكلمات التي قررت له في صفوف المرحلة المتوسطة ، وإن شاء أشـار إلى الإسم والفعل والحرف وتصريف الفعل … إلخ .
ومن المفيد بل من الضروري للطالب في نهاية المرحلة الابتدائية وبداية المتوسـطة الإكثار من التدريبات على جدول الضرب ، وربط الضرب بالقسمة ، وإن شاء التوسع إلى الكسور وتوحيد المقامات وتبسيط الكسور ، مما يقف عائقاُ أمام كثير من الطلاب في المرحلة المتوسطة والثانوية . والشيء نفسـه بالنسبة لقواعد اللغة العربية ، لابد من التدريبات الوافية على الإسم والفعل والحرف وأنواع الفعل وأنواع الجملة .. إلخ .
البـيت مدرسـة صيفيـة :
غالباً نجد في البيت طالباً أو طالبة في الابتدائية وأخر في المتوسطة وثالث في الثانوية أو الجامعة ، وهذه المستويات المتفاوتة تساعد الأب والأم الحصيفين على تشغيل مدرسة صيفية في البيت بحيث يعلم الجامعي طالب المرحلة الثانوية ، ويعلم طالب الثانوي أخاه في المتوسط ، ويعلم طالب المتوسط ابن المرحلة الابتدائية . وفي هذه الحالة يستفيد المعلم والمتعلم ، فالمعلم يذاكر ماتعلمه ويثبته في ذاكرته ، والمتعلم يحضر منهج العام القادم ، أو يثبت المعلومات الأساسية التي سبق الحديث عنها .
لابـد من اللعـب :
وإذا كان الطالب يلعب سـاعة واحدة في اليوم خلال العام الدراسي ، يجب أن يلعب ثلاث ساعات يومياً في العطلة ، ويترك للطالب اختيار نوع اللعب بعد أن يوفر لـه البيت أنواعاً عديدة منه مثل الحاسوب وبرامجه المسلية ، و(الفيديو) والأشرطة التعليمية والإسلامية النافعـة ، وطاولة (التنس ) ، ومما لابد منه الإكثار من الخروج إلى الحدائق والبساتين خلال العطلة كي يلعب الأطفال في الهواء الطلق مع أصحابهم تحت الإشراف غير المباشر من الكبار .
جمعيات تحفيظ القرآن الكريم :
ومن الأنشطة المفيدة للناشئة حفظ القرآن الكريم ، في جماعات التحفيظ المنتشرة في المساجد جزى الله القائمين عليها كل خير ، وفي الالتحاق بهذه الجماعات فوائد تربوية كثيرة أهمها توفير الرفقـة الصالحة ، ومنها تقويم اللسان بحفظ القرآن ، وتوسيع الثروة اللغوية للناشئ . ومنها تأدية الصلاة جماعة في المسجد .
المخيمات الصيفيـة والمعسـكرات الإسلامية :
ومن الأنشـطة الصيفية النافعـة للطلاب المخيمات الصيفية ، حيث يدرب الطلاب على الحياة الإسلامية كالاستيقاظ المبكر ، وصلاة الجماعة ، والأذكار اليومية ، وصوم التطوع ، وقيام الليل والتهجد ، والاستماع إلى العلماء والدعاة للاستفادة من خبراتهم وعلومهم .
وفي الختام ندعو الله عزوجل أن ينفعنا بعمرنا ، ولايجعلنا ممن يضيعون عمرهم في النوم والأكل واللعب ، والحمد لله رب العالمين .