لا كرامة لأحد في مصر
د. محمد جمال حشمت
فهمنا أنه لا كرامة لعالم أو لنبي في وطنه ! لأنه لن يجد التقدير الكافي لموهبته ولا الاعتراف الوافي بقدراته وإمكاناته من أهل بلده ربما لغيرة أو حقد أو كراهية وهذا متوقع عندما يمارس ضد المتميزين وهو ما لمسناه مع كثير من العلماء المصريين الذين نبغوا في تخصصاتهم خارج مصر من مجدي يعقوب وأحمد القاضي وحسان حتحوت ومصطفى السيد وأحمد زويل وغيرهم بالعشرات في كل التخصصات و في كل بلاد الدنيا التي تقدر العلم والعلماء ! لكن العجيب في مصر الآن وفى ظل نظام الرئيس مبارك وسياسات الحزب الوطني ونهج الدولة البوليسية ، وجدنا أن الأمر قد توسع وتجاوز المتميزين وطال الغلابة والمحرومين والبسطاء المبدعين ورجالات السياسة المعارضين والموقرين من النواب وغير الموقرين !! وصار الجميع مفقودى الكرامة في بلادهم منذ أن يولد المواطن في مستشفى متواضع إلى أن يذهب إلى مدرسة لا حوش لها ولا ترابزين !! حتى إذا ذهب إلى الجامعة – ده لو ذهب – فلا علم ولااخلاق ولا دين يدرس باهتمام داخل الجامعات في ظل إشراف وسيطرة الأمن والمأمورين ! فلا كرامة لهذا المواطن عند دخول الجامعة أو عند ركوب الباص أوالمترو! وأي عسكري بمليم ياخده تحرى لحد ما يلاقو له صاحب ويمكن يتعذب لو لم يخضع لسطوة السيد الأمين ! باختصار فى سلسلة حياة المواطن المصري في الشارع أو المصالح الحكومية لا كرامة له ولا قانون يحافظ عليها أو يثأر له إذا أهينت كرامته ! فهل الإهانات المتعددة التي يلقاها المواطن المصري في كل مكان يذهب له هي متعمدة لإذلاله ؟ أم أنها ثقافة حفرت لنفسها مكانة فى نفوس المصريين نتيجة القهر والظلم والاستبداد الذي يعيش فيه منذ عشرات السنين ؟! لماذا تغير المصري الرجل الشجاع المقدام الغيور ابن البلد الحر وصار إلى ما صار إليه !؟ لقد أدركت أن المصريين رغم كل ما يعانوه فلهم قدرة عجيبة على التميز والعطاء بمجرد رفع مظلة الكبر والفساد والبطش التي تعصف بهم ليل نهار كما لهم قدرة فائقة على صياغة واقعهم الرئيس والتعبير عنها بكلمات صغيرة واستفهامات بليغة كما يفعل معى عم هاشم بائع الصحف الذى كلما سألته عن اسم جريدة يقول لى هى فين ؟ الحقيقة والدستور والكرامة ! صحيح هى فين الحقيقة ولا فين الدستور ولا فين الكرامة فى مصر المباركة ؟!