زمجري يا رياح الغضب
زمجري يا رياح الغضب
عبد الله الطنطاوي
زمجري يا رياح الغضب
واشهدي يا سماء
واشهدي يا بطاح
على أننا قد جفونا الكرى وعفنا الشهيَّ منَ المَطْعَمِ
فلم تعد في الحياة لذات
ولا في المضاجع مسرّات
فقد ذهب وقت النوم..
ودقّت ساعة العمل..
من أجل الخلاص..
وآن لأبناء هذه الأمة أن يحطّموا القيود والأغلال التي أرهقتهم..
آن لهم أن ينفضوا عن عيونهم غبار البلادة والكسل..
وأن يشدّوا وتائر النفوس..
ويشحذوا العزائم على مسنّات الجهاد والاستشهاد..
وأن ينووا الشهادة في سبيل الله..
وهم يتصدون لأعتى الهجمات..
يقوم بها أخسُّ خلق الله..
هؤلاء الذين لولا سماحة الإسلام التي حمتهم من اضطهاد الأمم والشعوب..
لكانوا من الغابرين..
وكانوا من الهالكين المنسيّين..
وهاهم أولاء جاؤونا متنمرين..
ولأرضنا مغتصبين..
ولأطفالنا قاتلين..
ولشبابنا ساجنين..
وليس لنا إلا الغضب..
وإلا الحقد المقدَّس على من يريد العلوّ علينا في أرضنا..
وعلى أجسادنا..
وعلى أنقاض بيوتنا وحضارتنا..
فهيا أيها الغضب المتألق في سماوات المظلومين..
هيا أرسل رياحك الهوج..
لتجتث الظالمين من ديار المنكوبين المقهورين..
أرسل عليهم شواظاً من لهبك..
سيلاً جارفاً من حُممك..
لتغدو صروحهم بلاقع..
وقلاعهم كصياصي أجدادهم الغابرين..
هيّا يا رياح الغضب..
هيّا لتقتلعيهم من جذورهم..
هيّا يا غضب العرب..