بوح
بوح
بقلم: عبد الله الطنطاوي
في بحار من الظلمات، بعضها فوق بعض..
وفي حشود من الشرّ يأتي بعضها إثر بعض..
وفي أرسال من الشك يردف بعضها بعضاً..
في زمجرة الأعاصير..
في تفجّر البراكين..
في أمواج البحر المتلاطمة..
يلجأ
المؤمنون إلى إيمانهم، فيملأ قلوبهم برداً وسلاماً وأمناً..
ويفيئون إلى ربهم، فيسبغ عليهم سلاماً منه ورضواناً..
ويرجعون إلى كتاب هدايتهم، فيملأ عقولهم حكمة وعلماً..
ويلتفون حول رسولهم، فيزيدهم بصيرة وثباتاً.
حينذاك.. يناجي المؤمنون ربهم، وقد خضعت له جباههم، وخشعت قلوبهم.
"ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته، وما للظالمين من أنصار"
"ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفّر عنّا سيآتنا، وتوفنا مع الأبرار"
"ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك، ولا تخزنا يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد"
هنالك يستجيب لهم الحق بوعد صدق:
"أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى، بعضكم من بعض، فالذين هاجروا وأُخرجوا من ديارهم، وأوذوا في سبيلي لأكفرنّ عنهم سيئاتهم، ولأدخلنّهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثواباً من عند الله، والله عنده حسن الثواب".
ويبصرهم الحق، مصير الحشود والأرسال، واستعلاء الكفر والضلال:
"لا يغرنّك تقلّب الذين كفروا في البلاد، متاع قليل، ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد".
ثم تدفعهم يد الله إلى طريق المعركة مبينة لهم وسائل النصر:
"يا أيها الذين آمنوا، اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
ويسير المؤمنون وهم يرفعون أصواتهم بالدعاء:
"ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة، إنك أنت الوهاب".
ويخوضون معركة الحق وهم يرددون:
"ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبّت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين".
ويسجل
كتاب الخلود نتيجة المعركة بثلاث كلمات: "فهزموهم بإذن الله".