خواطر إسلامية إنسانية
"5"
والفارق بين الحب والعهر
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
الحب : هي تلك الكلمة الجميلة السامية ذات الدلالات الكبيرة ، وهي في الأساس لغة الطهر والسمو والعفاف، والعلاقة البريئة البعيدة عن الدنس ، ولغة التفاني والإخلاص للمحبوب ، وهذا بمفهومها العام ، بينما ما هو أسمى من ذلك هو الحب في الله الذي يعلو بصاحبه حتى يصل به الى مقام الأنبياء ، كونه مُجرد عن الهوى وحب النفس صافياً أبيضاً أبلجا ، والذي يعني التضحية والفداء للآخر حتى وإن وصلت الأمور الى ذهاب الروح دفاعاً عمّن أحب فداءً لله أو فداءً لمن أحب ، واعظمه ماكان في حبّ النبي الأعظم ومن يُعظم شعائر الله ويُجل ويُكبر المسلمين الصادقين ، واعظمهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الأتقياء على مر الزمان ، ولا يُفرق بهذا الحب المُتسامي بين رجل وامرأة لأنه بعيد عن الشهوات والمهابط الدنيوية ، كونه يرتقي الى السماء وتتعانق فيه الأرواح عن الأجساد ، ولا يعرف معانيه إلا من ذاق حلاوة الإيمان ولذة العقيدة ومعاني التوحيد
وعوداً الى الحب الأرضي الذي تتضارب فيه الأهواء وتتداخل به المصالح مع بعض الدنس الدنيوي مما يجعله مُلوثاً ونادر الحصول ، إلا في الحالات النادرة أو العلاقات العربية الأصيلة حتى في أيام الجاهلية ، التي يذكر لنا التاريخ قُصصاً عنها كقصة الحب العذرية دون المساس أو النظرة المؤذية بين عروة وعفراء التي نشأت بينهما منذ الصغر ، وحالت الظروف المادية أو القهرية من الإرتباط بينهما نظراً لجشع الأب ، مما كان لنا وللأجيال درساً في التضحية من كل واحد منهما آثر الكتمان والصبر والتعالي على اللام حتى فنيا من لهيب الشوق دون المساس أو الإعتداء من باب الإنتقام ، أو ايذاء أحدهما للآخر بكلمة أو توبيخ أو تسلق من خلف الأبواب ، فروى لنا التاريخ عن قدوم عروة لزيارة مضارب زوج عفراء الذي لم يكن يعرف بقصة حبهما ليتأكد من عدم موتها كما أخبره أبوها عنها ليطمئن على حياتها ، مما جعله يُبالغ في إكرامه ووفادته ليمضي بعدها عروة مضحياً وليس نذلاً هائماً في الصحراء حفاظاً على سمعة عفراء وكرامتها وعفتها من أن تُجرح من أن ينطق ببنت شفا عما كان بينه وبينها من علاقة عذرية من باب التمني ليتخلى عنها زوجها ، ويموت بعدها من شدة حزنه عند أحد المضارب ، ليصل الخبر فيما بعد الى عفراء التي تأثرت به كثيراً وقضت بعده بوقت قريب من شدة الألم ، بينما عشاق الهوى يجعل من تلك الذكريات ممسكاّ لإذلال تلك التي ادعى حبها ، محاولاً استجرارها الى الرذيلة والفحش معه كالكلب السعران دون ان يُراعي حُرمة او كرامة أو يُراعي لله عهداً
وجميعنا يسمع من القصص عن أمثال هؤلاء في الندالة كتلك القصص التي تظهر على شاشات التلفاز المأخوذة من أرض الواقع في الحب المزيف والمُقنع الكاذب الذي يُريد صاحبها ان يوقع من اوهمها بحبها بالرذيلة ليتخذها كعاهرة وينقض بعدها عليها كالمفترس مستغلاً إيّاها في أبشع الصور ، والمحاكم تشهد على مثل هذه الجرائم الكثيرة وما أُخفي أعظم من تلك القصص ، التي كان من أسبابها البعد عن التشريع الإلهي فيما هو مباح وما هو مُحرم ، والقاعدة الشرعية تقول من ترك شيئأٍ مما اوجبه الله ألجأه الله اليه ، ومن ارتضت البعد عن المحاذير في الغالب ستقع بشر أعمالها ، والحب الحقيقي يعني الصفاء والتمني للمحبوب كل الخير ، والعهر نقيضه مما يُتحفنا به أصحاب الأفكار الهدامة وأصحاب الأهواء من التيارات الليبرالية الذين يُريدون لبلادنا أن تُشرع الإباحية بمفهومها العام من اباحة الزنا والمثلية وما شابه ، بعدما تخلوا عن كل القيم ، ولم يبقى لهم من هم إلا إفساد مجتمعاتنا عبر ترويج العهر بمُسميات الحب
وأخيراً لا أدري لماذا لايقوم الكتّاب والمُفكرون الإسلاميون بدمج خطاباتهم ومقالاتهم ببعض المعاني السامية لمفهوم الحب الحقيقي في المنهج الإسلامي ، ويعملون على إزالة الشوائب من الفكر المتخلف القبلي ، أو الفكر الذكوري الذي لا يعرف الا اللونين الأسود والأبيض في الحياة ، حيث هناك معاني سامية في لغة الحب الإسلامي والحدود المشروعة فيه دون انغلاق ، مُستخدمين هذه اللغة التي نفتقد ظهورها ولا نسمع عنها إلا بما يُشوهها ، كتلك التي تُخاطب الشهوة والجسد من الأغاني التي تتغزّل بالعلاقات المُحرمة والمُنكرات والشهوة وليس بالآداب والرصانة والعلاقات ضمن اطار الزوجية ، التي بوجودها قد تكون مُساعداً للزوجين على الإندماج وتلقي ماينفع في الغزل وعدم الإنكماش ، على أن تُصاغ باسلوب شيق ومُحبب وبما يتوافق مع الذوق الإسلامي الرصين ، وبما لا يخدش الحياء ، وهذا يحتاج الى جهد وتفكير وإقدام ، ويحتاج الى داعمين
واليكم بعض الجمل التي قيلت في الحب
الحب الحقيقي هوا الذي يرسم لنا طريقا نلتمس منه اجمل أيام واجمل ذكريات وأجمل أحلام
وأجمل شئ عندما تحب تشعر بنبضات قلبك تدق مثل زفازيز العصافير في الصباح تشعر بشريان دمك يعود اليك من جديد!
الحب الحقيقي هوذلك الذي يعيشه كل من المحبوبين بكل المواقف الحياتية , لا بأس ان نعيش بصدق ذاك الحب في يوم معين من السنة كإشارة للتجديد لما لا بشرط ألا يتشوه المعنى الحقيقي للحب, كما يمارس اليوم بتكلف وتصنع , واعتقد بأن الفالنتاين نفسه لو كان حياً الآن ويرى ما يفعله الناس من تصرفات فارغة وخاصة في مجتمعاتنا
ربما عجزت روحي ان تلقاك
وعجزت عيني ان تراك ولكن لم يعجز قلبي ان ينساك
اذا العين لم تراك فالقلب لن ينساك