قطوف وخواطر
عبد المنعم مصطفى حليمة
" أبو بصير الطرطوسي "
الصفحة الثامنة والعشرون: أرقام الخواطر من 341 إلى 360.
341- مراتبُ الكلام.
فقد تأملت الكلامَ .. فرأيت أعلاه، وأجمَعَه، وأجملَه، وأطيبَه، وأكثره عطاء وبركة .. كلام الله تعالى في كتابه الكريم .. ثم كلام نبيه محمد r .. ثم كلام أصحاب النبي محمدٍ r .. ثم كلام التابعين لهم بإحسانٍ في القرن الثاني ثم الثالث من هجرة النبي المصطفى r .. ثم أن كلام الناس من بعدهم .. يتفاضل ويتمايز جودة وعطاء .. هبوطاً وصعوداً .. قوة وضعفاً .. بحسب حومهم وقربهم من منهج وأسلوب الكتاب والسنة .. وبحسب اقتياتهم من معين ومائدة الكتاب والسنة .. فأحسنهم كلاماً أقربهم إلى أسلوب ومنهج ولغة الكتاب والسنة .. وأردأهم كلاماً أبعدهم عن أسلوب ومنهج ولغة الكتاب والسنة .. مهما جاء كلامهم مزوقاً ومزخرفاً .. ومحشواً بغرائب الألفاظ والمعاني .. فالتكلُّف فيه واضح!
* * * * *
342- مَن قدوتك؟
ما نَشَدَ العُلا .. والرفعة والسؤدد من كان لقدوته ومثَله الأعلى مثيلاً .. أو ندَّاً .. أو مكافئاً .. يوازيه في خصائصه .. ومرتبته .. ودرجته.
كثير من يُسأل عن قدوته، وأسوته في حياته، فيجيب: العالِم .. أو المصلح .. أو المفكر .. أو الزعيم .. فلان ابن فلان .. وعند المراجعة والتحقيق .. نجد أن لهذا المثَل المختار .. والفلان ابن فلان .. عشرات الأقران ممن يُماثله ويُكافئه .. وبل ويفضل عليه .. فيكون صاحبه باختياره له كمن يستبدل الذي أدنى بالذي هو خير منه .. وكمن يستبدل الأدنى بالأعلى!
فإن قيل: فمن هو قدوتك .. وترونه يَصلح أن يكون قدوةً للبشرية جمعاء؟
أقول: مَن لا يُدانيه أحد شرفاً ومرتبةً .. مَن لا يرقى إلى مستوى أخلاقه وعظمة صفاته مخلوق قط .. مَن إذا وزِنت الأمة .. بل والبشرية كلها به .. لرجح عليهم .. إنه الموصوف من قِبل رب العالمين بأنه على خُلقٍ عظيم .. إنه محمدٌ رسولُ الله صلوات الله وسلامه عليه.
آتوني ـ إن استطعتم ـ برجلٍ مثل محمد r .. ومعكم الدهر كله .. وأنَّى!
أعجب لمن عَرفَ النبيَّ r .. وسمعَ به .. ثم يرتضي ـ لنفسه ـ غيرَه قدوة وأسوة .. ومثَلاً أعلى!
يكفي النبي المصطفى r شرفاً وعظمةً .. ومرتبة سامية .. أن الله تعالى خالق الخلق .. قد ارتضاه قدوة وأسوة حسنة للناس أجمعين .. ولكل من يرجو السعادة والفوز في داري الدنيا والآخرة معاً .. وجعل اتِّباعه والاقتداء به سبباً جالباً لمحبة الله تعالى على المتَّبِع المقتدِي .. ومن أحبه الله تعالى فقد نجا وفاز .. كما قال تعالى:) لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (الأحزاب:21. وقال تعالى:) قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (آل عمران:31.
* * * * *
343- الفقهاء والنبيُّ صلى الله عليه وسلم.
مِن الفقهاء من يُسيء الأدب مع النبي r .. وهو لا يدري .. إذ تراه يستدل بأقوال النبي r كما يستدل بأقوال مذهب من مذاهب الفقه .. ويستدل بقوله r كما يستدل بأقوال فقهاء المذاهب الفقهية .. ويجعلهما في قوة الاستدلال سواء .. وأحيناً تراه ـ تعصباً لقول مذهبه الفقهي ـ ينتصر لقول المذهب .. وأرباب المذهب .. على قول النبي r .. ويُحسّن ويُصوّب قول المذهب وفقهاء المذهب .. دون قول النبي r؟!
وهؤلاء ـ وإن تسموا بالفقهاء! ـ لا يحسبون أنفسهم على خير .. بل هم على شرٍّ عظيم .. ولهم قسط كبير من قوله تعالى:) فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (النور:62. وقوله تعالى:) وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً (النساء:115. لو كانوا يعلمون ..!
* * * * *
344- الفضُولُ والتطفّل!
التقيتُ بدمشقيٍّ لقاءً عابراً .. فلم يمضِ على اللقاء سوى دقائق معدودات .. إلا وبادرني السؤال: ما اسمك .. من أي البلاد أنت .. ومنذ متى لم تذهب إلى بلدك .. وهل أنت من جماعة هؤلاء الإخوان وما الإخوان .. وأين تعيش .. وكيف تعيش .. وماذا تعمل .. وهل بيتك ملك لك أم بالإيجار ..؟!
فقلت له: اليوم كان طبخنا في البيت الأرز والفاصولياء ...!
فقال لي: ولكن أنا لم أسألك هذا السؤال ..؟!
قلت له: أعلم أنك ستسألني هذا السؤال .. فأجبتك عنه قبل أن تسألني إياه .. رحم الله أيام زمان ـ أيام زمن السلف الصالح ـ كان الضيفُ لا يُسأل عن اسمه وقبيلته .. وحاجته .. إلا بعد أن يُضَافَ ثلاثة أيام .. ويكون الضيفُ قد اطمأنَّ للمُضِيف .. ونحن في هذا الزمان .. نُسأل كل هذه الأسئلة؛ الشخصية منها .. وغير الشخصية .. خلال ثلاث دقائق .. وفي لقاء عابر .. ومن دون ضيافة .. أو أن نُضَاف!!
* * * * *
345- من علاماتِ استحواذِ الشيطانِ عليك!
من علامات استحواذِ الشيطان عليك .. أنك تتثاقل طاعة ساعة .. ولا تمل لهو ولعب مائة ساعة وساعة!
تتثاقل عن قراءة صفحة من كتاب الله .. ولا تمل قراءة مائة صفحة من قصةٍ أو رواية!
إن راقبت فلماً أو مسلسلاً تلفزيونياً .. ألزمت كل من حولك بالصمت .. والهدوء .. والخشوع .. لتفهم الفلم ورسالته .. بينما إذا دخلت في الصلاة .. ووقفت بين يدي رب العباد .. لم تفقه من صلاتك شيئاً .. لأنك ـ وأنت في الصلاة ـ تفكر في كل شيء .. وتسمح لتفكيرك أن يسيح في كلِّ شِقٍّ ووادٍ .. إلا الصلاة .. وما تقتضي منك من خشوع وتأمل .. لا تحظى منك على شيء من ذلك!
إن صادفك موقف يوجب عليك أن تنفق في سبيل الله .. جبنت .. وتردّدت .. وأكثرت من الحسابات والتساؤلات .. بينما لم يحصل شيء من ذلك .. عندما تتوسع في الإنفاق على الكماليات .. والمباحات .. وما هو غير مباح!
فإن كنت كذلك .. فاعلم أن الشيطان قد تمكّن منك .. واستحوذ عليك .. فبادر إلى مخالفته .. والتماس العلاج للتخلّص منه!
* * * * *
346- كلامُ السَّلَف وكلامُ الخَلَف.
كلامُ السَّلف .. أقلُّ كمَّاً .. لكنه أكثر نوعاً ودلالة .. وبركة وعطاءً .. بينما كلام الخلف أكثر كمَّاً .. لكنه أقل نوعاً ودلالة .. وبركة وعطاءً.
القليل من كلام السَّلف يدل على المعنى الكثير .. والكثير من كلام الخلَف يدل على المعنى القليل .. حتى أن منهم من تقرأ له مائة صفحة .. أو تسمع لكلامه أكثر من ساعة .. ولم تستخلص من كلامه فكرة أو فائدة واحدة!
كلام السَّلف يميل إلى الإيجاز والإفهام .. بينما كلام الخلَف يميل إلى تعقيد المبَسَّط .. وتصعيب السَّهل .. وتَعسير المُيَسَّر .. وتكرار المكرر .. وتفصيل المفصّل .. وشرح المشروح .. إلى درجة الإطناب الممل .. والمخِل للمعنى .. فكثرة الكلام يُنسي بعضه بعضاً .. ويُنسي أوله آخره، وآخره أوله .. ويكون ذلك في الغالب على حساب وقت وظرف، وقدرات القارئ ـ أو المستمع ـ الاستيعابية!
كلام السّلف على قوة عباراته ومتانته .. وجماله .. وعلو فصاحته .. يميل إلى الوضوح والبساطة .. والسهولة .. والتيسير .. بينما كلام الخلف على ضعف عباراته .. ولغته .. وفصاحته .. يميل إلى الغموض .. والصعوبة .. والتعقيد .. وكأنك تتعامل مع رموز وطلاسم .. وألغاز .. وليس مع كلام عربي فصيح .. حتى أنك في كثير من الأحيان يصعب عليك أن تفهم ماذا يريد المتكلم ـ منهم ـ من كلامه!
هذا بشكل عام .. ولا ننفي وجود الاستثناء أو الشاذ من ذلك العام.
لذلك قلنا ونقول: أن كلام السَّلف الصالح .. هو الأسلم والأحكم .. والأجمل .. والأعلم .. والأطيب .. والأكثر بركة وعطاء .. وقد خاب وخسر من قدّم كلام الخلف على كلام السَّلف .. وفهم وفقه وعلم الخلف على فهم وفقه وعلم السَّلف!
* * * * *
347- حين يَغِيبُ الإنصافُ من العَالَم!
حين يسود الظلم .. ويغيب الإنصافُ من العالَم .. ومن المؤسسات الدولية العالمية المتنفّذة .. ويتساوى ـ في نظر تلك المؤسسات العالمية ـ الظالم مع المظلوم .. والجاني مع المجني عليه .. والمعتدي مع المُعتدَى عليه .. والقاتل مع المقتول .. وتُسمِّي الأشياءَ بغير مسمياتها .. وتُقلَب الحقائق والمعايير والموازين .. وتُكالُ الأمور بمكاييل عدة .. بحسب ما تقتضي مصالح وساسة الكبار .. وإن كان ذلك على حساب حقوق المستضعفين من الصغار .. ليُصبح القاتل هو المقتول .. والظالم هو المظلوم .. والمظلوم هو الظالم .. والمعتدي هو المُعتدَى عليه .. والمُعتدَى عليه هو المعتدِي .. حينئذٍ لو وجد من الناس من يُعلِن الحرب على هذا العالَم الظالم كله .. وعلى تلك المؤسسات الدولية العالمية الظالمة كلها .. التي تُشرّع لذلك الظلم والقهر والاستعباد .. فإن حربه حينئذٍ ستكون مفهومة ومُتفَهّمة .. ولها مبرراتها .. ومسوِّغاتها .. مهما اصطلح العالَم على تسمية حربه بغير اسمها الصحيح .. أو وصَفَها بأوصافٍ سلبية مُهينة!
* * * * *
348- لماذا يجب أن تقرأ ..؟
مهما قِيل عن علمك .. وأنك قد بلغت الدرجات العُلا في العلم .. فما تجهله أكثر بكثير مما تعلمه .. وأنت في النهاية ممن لم يُؤتَوا من العلم إلا قليلاً .. لذا يجب عليك أن تقرأ .. وأن تجعل من يومك نصيباً مفروضاً للقراءة.
يجب عليك أن تقرأ .. لأن القراءة تُثري مخزونك اللغوي، والفكري، والثقافي .. وهذا مما يُعينك على الإعراب .. والبيان .. والعطاء .. والتجديد في العطاء.
يجب عليك أن تقرأ .. لأن القراءة تصلك بالماضي .. وتجعلك تعيش وتفهم الحاضر .. وتُعينك على التخطيط للمستقبل.
ثم بعد ذلك ـ والأهم من كل ذلك ـ لأن الله تعالى قد أمر بالقراءة، فقال تعالى:) اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (العلق:1.
لأجل هذه الأوجه مجتمعة قلنا لك يجب عليك أن تقرأ .. وأن تستمر في القراءة إلى أن يتوفاك الله .. وأن تكون القراءة جزءاً من برنامجك اليومي .. الذي لا فكاك لك منه.
* * * * *
349- المرأة التي تتكلم عن حقوق النساء.
لا حرج ولا ضير أن تتكلم المرأة عن حقوقها .. وتُطالِب بها .. لكن نصيحتي للنساء أن لا ينتدِبْنَ للكلام والذود عن حقوقهِنَّ الأصناف التالية من النساء: المرأة الفاشلِة في حياتها الزوجية .. والمرأة المترَجّلة .. والمرأة الفاسقة .. لأنهنَّ مرضى لا يُحسِنَّ تمثيل المرأة السويّة حق التمثيل .. ولا يُحسنَّ التحرر من مشاكلهن الشخصية .. والنفسية .. والعاطفية .. والتي تؤثر سلباً على لغتهنّ وخطابهنَّ، وطريقة سعيهِنّ في تحصيل الحقوق للمرأة .. فالمرأة من تلك الأصناف عندما تتكلم عن المرأة وحقوقها تُسيء للمرأة .. ولحقوقها أيما إساءة .. وتظلم المرأة .. وتزيد الظلم عليها .. من حيث تدري أو لا تدري!
وقد قيل من قبل: من لم يجد حكيماً ينتدبه ممثلاً عنه .. فليمثل نفسه بنفسه .. ولا يسمح لغيره بأن يتكلم نيابة عنه!
* * * * *
350- ماذا يريد الرجل من المرأة؟!
كتبت إحدى الفاشلات في مقالة لها عن الرجل ـ بصيغة التعميم من دون استثناء ـ ماذا يريد الرجل من المرأة .. فقالت مستنكرة ومستهجنة .. وساخرة: إنه يريد منها أن تكون المرأة الخارقة .. والزوجة الحبيبة والعشيقة .. والأم الحنون .. والطفلة الشقيّة اللعوب المندفعة وراء جنونه .. والحكيمة العاقلة الرزينة .. الطبيبة والممرضة .. الساهرة على راحته، وإشباع رغباته .. مديرة منزل ممتازة .. وخادمة نشيطة .. وطاهية ممتازة .. ذكية لطيفة .. مرحة فكاهية .. مثقفة بليغة .. إلى آخر القائمة التهكمية بالرجل وأطماعه!!
وأنا أقول لهذه الكاتبة ـ ولمثيلاتها من الكاتبات الفاشلات ـ كذبتِ: الرجل يريد من المرأة أن تكون قصيرة اللسان .. فلا ترد على الكلمة بمائة كلمة .. وكأن لسانها مُندَلِقٌ أمامها أمتاراً!
يريد منها الصفات التي ذكرها النبي r في حديثه الشريف:" خير نسائكم الودود، الولود، المواتِيَةِ، المواسية، إذا اتقين الله ".
فإن لم تكوني ـ أيتها الكاتبة ـ من هذا الصنف النبيل الرفيع من النساء .. فاصمتي .. وأقصري .. وأفسحي الطريق لغيرك من النساء .. ولا تُسيئي لهن .. وتُحْدِثي فتنةً بينهنّ وبين شقائقهِن من الرجال!
* * * * *
351- لكي تَسْلَم ..!
لكي تَسْلَم من الغَدر .. والطعن في الظهر .. والوقوع في الحفر .. قدِّمْ إساءة الظن ـ بمن حولك ـ على تحسين الظن إلى أن يثبت لك العكس ..!
فإن قلت: ولكن هذا بخلاف المتفق عليه، والمعمول به، والذي ينص على أن الأصل في الناس البراءة حتى يثبت العكس!
أقول: قولك هذا صحيح عندما تريد أن تصدر حكماً معيناً على شخص معين .. وهذا شيء تلزمك فيه البيّنة .. بينما تقديم إساءة الظن إلى أن يثبت لك العكس ـ الذي يحملك على أن تحطات لنفسك ودينك ـ لكي تسلم من الغدر والطعن في الظهر .. شيء آخر .. لا يُشترط له البيّنة.
وأقول كذلك: زمن تقديم تحسين الظن على إساءة الظن له بيئته المؤمنة الطاهرة .. السليمة .. التي تخضع لحكم وشرع الله U .. وهذا ما نفتقده في هذا الزمان .. حيث أننا ـ وللأسف ـ نعيش في بيئة هي أقرب إلى الغاب .. الوحوش والأفاعي تكمن لك في كل زِقٍّ .. وحفرةٍ .. ومنعطف .. لا تدري من أين، ومتى تأتيك الطعنات واللدغات القاتلات!
من هنا جاء توجيه المولى I باجتناب كثير من الظن .. وليس كل الظن .. لأن من الظن ما ينفع صاحبه .. وبخاصة عندما يفترش المرءُ أرضاً مليئة بالسِّباع .. والسَّعابين .. والعقارب اللاسعة .. وفي الأثر:" من لا ينفعه ظنُّه لا تنفعه عينُه "!
هذه نصيحتي لك .. إن شئت فاعمل بها .. وإن شئت فدعها .. ولكنك عندما تقع .. وتُلدَغ من جحرٍ واحدٍ مرات ومرات .. فلا تلومَنَّ إلا نفسَك!
* * * * *
352- الحاكِمُ وشَعبُهُ.
فقد تأمَّلت حالَ الحكامِ وشعوبهم .. فرأيتُ أن الحاكمَ الظالم الفاسد سيئة من سيئات شعبه .. يُعاقبهم الله به .. وأن الحاكمَ العادلَ حسنةٌ من حسنات شعبه .. يُكافئهم الله به .. وأن التغيير من حال إلى حال لا يكون إلا بعد أن يغير الناس ما بأنفسهم، كما قال تعالى:) إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11.
وفي الحديث الضعيف:" كما تكونوا يُولَّى عليكم ". فالحديث وإن كان ضعيفاً من حيث السند إلا أن معناه صحيح، والله تعالى أعلم.
* * * * *
353- ظاهرةٌ طبيعيّة.
قد تأملت أبناء غالب الحيوانات .. الكاسرة المتوحشة منها والأليفة .. فألفيتها كلها تلازم أمهاتها في الحِل والترحال .. دون آبائها .. أو الذكور منها .. كما أن الأمهات من تلك الحيوانات يلازمن أبناءهن .. ويقمن بواجب الرعاية لهم .. من دون الآباء أو الذكور منها!
فقلت: يا سبحان الله .. هذا القانون يجري على جميع الخلائق .. حتى الدواب والحيوانات منها .. إلا الشاذات من نساء هذا الزمان .. المتحررات والمتفلتات .. يردن أن يتحررن من حضانة أطفالهنّ .. فيتركن رعاية وحضانة الأبناء للآباء .. أو لغيرهم من الناس .. لكي يخرجن ويضربن في الأرض فساداً .. تحت زعم عمل المرأة .. وحرية المرأة .. وحقوق المرأة!
فيا أيتها المرأة المتحررة .. أترضين أن تكون الوحوش الكاسرة أرحم لأبنائها .. مِنكِ لأبنائك .. وأكثر شعوراً بالمسؤولية نحو أبنائها .. منكِ نحو أبنائك؟!
* * * * *
354- عندما تكون المرأةُ أكثر تحصيلاً من الرجل.
في غالب الأحيان يكون الرجل أكثر تحصيلاً للشهادات العلمية .. وأكثر ثقافة وعلماً .. من زوجته .. ومع ذلك فالحياة الزوجية بينهما ـ في الغالب ـ تكون طبيعية .. وعادية .. يسودها الود والتفاهم والإنسجام .. ومن دون مَنٍّ ولا أذى .. ولا ترفّع .. من قِبل الزوج.
بينما عندما تكون المرأة أكثر تحصيلاً أو ثقافة من زوجها .. فالحياة الزوجية حينئذٍ ـ في الغالب ـ يسودها النَّكد والاستعلاء .. والإذلال والترفّع والتباهي من قِبل المرأة .. وهي إلى آخر عمرها مع زوجها تندب حظها .. وتشكو قدَرَها .. لا تفتأ تذكّره ـ عند أدنى خلاف وأحياناً بلا خلاف ـ بالفارق العلمي والأكاديمي بينهما .. وأنها أكثر منه تحصيلاً .. وعلماً .. ومع ذلك قد صبرت عليه .. ورضيت به .. ولا يخرج عن هذه القاعدة إلا القليل القليل من النساء!
لماذا .......................؟!
أُمسِكُ عن الجواب حتى لا أُفهَم خَطأً ...!
* * * * *
355- تَتَمنَّع وهي راغبة!
ظلّت امرأة تشكو زوجها لي ـ ولغيري ـ لأكثر من ثلاث سنوات .. فلم تدع نقيصة إلا وألصقتها به .. دائمة التذمر والشكوى منه .. وأنها أعلى منه مرتبة .. وتديناً .. وثقافة .. فما هو الحل .. وكيف الخلاص من هذا الواقع المرير؟!
فأرشدتها إلى الحل .. بل إلى جملة من الحلول .. ليس منها الطلاق والفراق .. لكن كلها لم تُجدِ معها نفعاً .. فاستمرت المرأة في الشكوى .. والبكاء على سوء الحظ!
فما كان من الرجل ـ لكثرة ما شكته وتشكو منه ـ إلا أن طلقها .. فلما طلقها .. وبلغها قرار الطلاق .. بكته بكاء شديداً .. وأخذت تحتال وتفكر كيف تُثنيه عن طلاقه!
قلت: يا سبحان الله .. تتمنّع وهي راغبة .. تترفع على زوجها ونفسها فيه .. وما أكثر اللاتي يفعلن ذلك من نساء هذا الزمان .. ويكون ذلك على حساب سلامة البيوت .. وتنشِئة الأبناء تنشئةً صالحة!
* * * * *
356- إيَّاكَ وما يُعتَذَرُ منه!
ليست البطولة أن تعتَذر .. وأن تُعرِّض نفسك لكثرة الاعتذار .. ودواعي الاعتذار .. وإنما البطولة أن تصون نفسك عن مواطن الزَّلل .. وأن لا تضطرها للاعتذرا .. وللمواقف التي تجبرك على الاعتذار .. وتكرار الاعتذار!
وفي الحديث، أن رجلاً قال: أوصني يا رسولَ الله وأوجِز! فقال r:" عليك بالإياسِ مما في أيدِي الناس، وإيَّاك وما يُعتَذَرُ منه ". أي لا تُعرّض نفسك للمواقف الخاطئة التي تضطرك للاعتذار ممن قد أخطأت بحقهم!
* * * * *
357- كُفرانُ العَشِير!
كفران ونكران العشير .. وفضل ونعمة العشير .. صفة هي ألصق بالنساء منها بالرجال .. ولا يلزم من ذلك تعميم هذه الصفة على جميع النساء .. لكن أيضاً لا يُستثنى الرجال من هذه الصفة .. فليس كل الرجال ـ لكونه رجلاً ـ بمنأى عنها .. إذ أن منهم من يَكفر نعمة ومعروف الزوجة .. لأدنى سبب .. وأحياناً بلا سبب .. فالمرأة تحسن عشرته .. وتسهر على راحته وخدمته .. وتفني جسدها في تنشئة وتربية أبنائه .. وتجميل بيته .. وتعيش معه دهراً طويلاً من العمر .. فتشاركه الحلوة والمرة .. ثم هو بعد ذلك ـ لأدنى سبب ـ يلفظها .. ويرميها .. ويلعنها .. ويُكثِر من شكايتها .. وينسى معروفها وفضلها .. ويكفر نعمتها .. ويقول لها: ما رأيت منكِ خيراً قط .. ما رأيت منكِ إلا شرَّاً .. نعم يوجد ـ وللأسف ـ من رجالات هذا الزمان الأنانيين الذين يفعلون ذلك .. وهؤلاء فيهم خصلة كفران العشير سواء علموا بذلك أم لم يعلموا!
قال تعالى:) وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ (البقرة:237. وهذا خطاب يُعنى منه الرجال والنساء سواء؛ فكما لا يجوز للمرأة أن تَنسى وتُنكر فضل الزوج عليها .. كذلك الرجل لا يجوز أن ينسى وينكر فضل الزوجة عليه .. وما كان بينهما من فضل وعشرة وخير متبادل .. وبخاصة عند حلول الخصام والاختلاف .. حيث يَعزّ العدل والإنصاف!
* * * * *
358- الأشَدُّ سَفَاهةً!
هو الذي يُسَاقُ له الخير كله .. ثم يَكْفُرُه ولا يَشْكُرُه .. ولا يَعرفُ له قَدْراً!
هو الذي يُسَاق له الخير كله .. ثم هو لا يحسِن كيف يتصرّف بهذا الخير .. ولا كيف يستفيد منه أو يتمتّع به!
هو الذي يُسَاق له الخير كله .. ثم هو ـ بسوء أخلاقه وإدارته ـ يهدره .. ويُهلِكه في كل وادٍ .. وسبيل .. وفيما لا نفع به .. ومن دون أن يفكر بعواقب ما تجني يداه .. وما قد سيؤول إليه أمره من ندم .. ولات حين مندم!
هو الذي يُغلِق دونه أبواب الخير بعد أن فُتِحت عليه .. ثم يحسب أنه قد أحسن صُنعاً!
هو الذي لم يترك له السَّفَه صاحباً ...!
فمن كان كذلك فهو الأشدُّ سَفَاهةً .. وعليه وعلى أمثالِه يُحمَل قوله تعالى:) وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ (النساء:5.
* * * * *
359- الرَّجلُ المحكوم!
إذا رأيت الرجل يكثر من الاستدلال في مجالسه بزوجته .. وفي محضرها وعلى مسمع منها وفي غيابها .. فيقول: قالت أم فلان .. أو كما قالت أم فلان .. فعلت أم فلان .. ذهبت أم فلان .. فاعلم أنه محكوم من زوجته .. لا فكاك له من سلطانها عليه .. على مدار السّاعات والدقائق .. فإن زعم بلسانه خلاف ذلك فاعلم أنه يَتشبَّع بما لم يُعطَ، وبما ليس فيه!
* * * * *
360- عُقُوق الوالد!
قال لي رجل فاضل: قد استعصى ولدي على حجتي .. وأرهقني في الجدال .. فلم أعد قادراً على إقناعه بأن يستبدل ثوبه العربي " الدشداشة " بارتداء بنطال وقميص واسعين .. يحققان المواصفات الشرعية .. لكنهما أقل حرجاً عليه .. وبخاصة أنه طالب يدرس في إحدى الجامعات الغربية .. وهو كثير التنقل في مواصلاتهم .. فثوبه العربي يدل عليه .. وقد يكون بسببه عرضة للأذى من قِبل العنصريين .. فحبذا لو نصحته .. عساه أن ينتصح .. وقد بلغني أنه ممن يُعيرون لك سمعهم!
فقلت للولد الطالب: أطع أباك .. فليس فيما يُطالبك به معصية لله .. إلا أن الولد ازداد عناداً وتمسكاً برأيه .. وازداد جفاء لي ولأبيه .. ورتَّب على مسألة الثوب موقفاً .. وولاءً وبراء!
فمضت الأيام .. والأسابيع .. وإذ نفاجأ بخبر مفاده أن الولد الطالب قد تعرَّض لاعتداء عنصري خطير .. وهو يتنقّل عبر مواصلات أهل البلد .. قد أفقده وعيه!
فمكث الولد في العناية المركّزة بين الموت والحياة .. وبعد أشهرٍ من العلاج .. استرد الولد بعض وعيه وعافيته .. إلا أن الأطباء قد أجمعوا له: أنه لا يمكن أن يلبس الثوب العربي .. وأنه لا بد له من ارتداء السروال " البنطال " لكي يتمكن من الحركة والسير .. ومن ذلك الوقت .. وأنا أصادفه ـ أحياناً في الطريق ـ لابساً البنطال ...!
فقلت: يا سبحان الله .. عصى والده وأغضبه من أجل البنطال .. فأبى الله إلا أن يُلبسه البنطال رغماً عن أنفه .. انتصافاً لأبيه!
وفي ذلك عبرة للعصاة من الأبناء ...............!
* * * * *
361- ... يتبع في الصفحة التّالية إن شاء الله.