معرض الرياض للكتاب.. شكراً
الكاتبة الراقية الأستاذة رقية سليمان الهويريني تقول- لدى توقيع كتابها "الزائرة الفاتنة" في معرض الرياض للكتاب: ... لقد كان تعامل رجال الهيئة في غاية اللطف والاحترام.. !
رقية سليمان الهويريني
في كل عام أذهب لمعرض الكتاب قارئة مستمتعة بما يعرض فيه من أشكال المعرفة وألوان الثقافة! كما يذهب أحدنا لحفلات الزفاف. بينما هذا العام دخلت معرض الكتاب وأنا كأم العروس! حيث ما برحت أدور حول كتابي (الزائرة الفاتنة) في جناح مكتبة العبيكان، تعتريني مشاعر غريبة، وينقبض قلبي كلما شاهدت أحدا يقلِّب صفحاته، حتى وددت أن أشرح له ما قصدته في كل عبارة، وما كابدته في كتابة كل حرف!
وكان لموقف الشيخ فهد العبيكان أثر طيبٌ في نفسي، حين رأى خطواتي تتعثر كلما هممت بترك الركن الذي يتمدد عليه كتابي، ولمس حيرتي بإنسانيته ولطفه، فما كان منه إلا أن أعطى تعليماته بوضع الكتاب في جميع الأركان والمداخل وفوق طاولات المحاسبة، فزرع في نفسي الثقة بدور النشر وغيَّر فكرة الربح والكسب من وراء نشر وتوزيع الكتب وامتصاص جهد الكاتب والاكتفاء بإعطائه الفتات! ولعلها فرصة أن أناشد دور النشر وشركات التوزيع بضرورة إعادة تقدير حق الكاتب المادي وجهده في كتابه وتعبه ومعاناته حتى يصل للقارئ!
ولقد كان معرض الكتاب بحق تظاهرة ثقافية مفاجئة قضت على قناعات كانت تلازمني، وتشاؤم يتملكني ولا يكاد يفارقني! فقد رأيت في أيام المعرض مشاهد جميلة فعلا، ولا سيما حين أصادف عائلة كاملة بأطفالها وشبابها يدخلون ويخرجون محملين بالكتب، والابتسامة تعلو وجوههم، فتسكن الفرحة قلبي عندما أجد مجتمعي الحبيب في مثل هذا المحضن الثقافي، والفكر يأخذ زينته عند كل كتاب، ويمْثُل أمام كل دار نشر ومكتبة، بعد أن أخذت على مدى عام كامل الأسواق والمطاعم حصتها بالكثير من أموالهم، وملأت بطونهم بشتى الأطعمة فأوشكت أن تتعطل ملكات الفكر ومراكز التفكير!
وسعدت حقا حين رفع الآذان فاصطف الرجال في البهو الرئيسي أمام الركن البرازيلي مقيمين فريضة الصلاة، وترك البائعون محلاتهم مفتوحة، والمتسوقون أكياسهم مركونة، في لحظات إيمانية صادقة، فلا ترى في الممرات إلا السيدات والأطفال وبعض الرجال الذين يتوارون خجلا!
وفي منصة توقيع المؤلفات كان لي شرف الجلوس للتوقيع على كتابي الحبيب بصحبة أسرتي الصغيرة وأفراد عائلتي الكبيرة الغالية، وصديقاتي الحبيبات. حيث كانت المشاركة حميمية بدرجة دافئة، وعاطفة متدفقة. فلهم مني جزيل الشكر وخالص الامتنان.
ولقد كان تعامل رجال الهيئة في غاية اللطف والاحترام. كما كان التنظيم متناسبا مع الحدث، وكذلك كان القراء بمختلف أعمارهم وأجناسهم وجنسياتهم على درجة كبيرة من النضج والثقافة، فمنحوا كاتبتهم العميق من الثقة، والمزيد من الانطلاق، والكثير من المسؤولية بكل موضوع تطرقه في جريدة الجزيرة، وبكل حرف تكتبه في زاوية المنشود. مما يزيدها حرصا على الصدق والأمانة بأي مطلب توصله لمسؤول بقصد التغيير أو التطوير.
فشكرا لبلادي التي منحتني الفرصة كاملة، وأعطتني مكانتي الأدبية دون نقص، فأفسحت لي مع غيري في هذا المكان، ووسعت لي في الأركان. فأنا مدينة لها أبداً. ودعاء خالص لوالديَّ الحبيبين بالرحمة والغفران، فلقد فقدتهما حقا أثناء التوقيع، فهما اللذان تحمَّلا عبء تعليمي وتعهدا تهذيبي. وحسبي أني أهديت لهما جهدي في الكتاب بمشاركة وطني الغالي!!