المفهوم الخاطئ للذكورية ولغة الحب

خواطر إسلامية إنسانية "4"

والمفهوم الخاطئ للذكورية ولغة الحب

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

لغة الحب والجمال كثير من الرجال يخجل منها أو بالبوح بها لزوجته لحلاله ، بل لربما لا يعرفها في غير أيام شهر العسل أو الخطوبة أو عقد القران ، لتنقضي بانتهاء هذه المدد أو ما قبل ذلك ، عند المواجهة الأولى لمشاكل الحياة التي يجب أن يواجهانها مجتمعين  ، وبدلاً من التعاون فيما بينهما للتغلب عليها ، نرى بأن الرجل وحده الذي تقع عليه مسؤولية تحمل الأعباء ومواجهتها بنفسه كونه أبو البريمو الذكر ، ولربما يتبعها بزيادة الطلبات من الزوجة التي لم تحس بشقى الزوج المحسود على ذكوريته التي لم تدعه يتنازل ليشرح موقفه ، وضرورة مُشاركة رفيقة دربه معه المسؤولية ، بل بالعكس فقد أخذته العزة بالإثم ليشخط وينخط ، حتى أنه منع زوجته من العمل المُناسب لتشق طريقها في الحياة وتتحمل جزءا من الأعباء ، لتتعمق بعد ذلك الخلافات ، وتزول معها لغة الحب والألفة وتتجذر لغة المُناكفة ، ليدخل الزوجان في حياة العكننة التي قد تطور ، لتسود لغة الشؤم ولغة التهديد والوعيد والشتائم وما شابه ، وتصل الأمور الى الطلاق ، أو لربما يُكتب لها الاستمرار ضمن ما يُعرف بالحرب الباردة لاستنزاف الطرفين جسدياً ونفسياً ومالياً كون صار بينهما أولاد ، وفكرة الانفصال صارت مُستبعدة للحفاظ على الأولاد

 وفي الحقيقة الحياة الزوجية لا تحتاج إلى هذا الكثير من العناء فيما لو كانت أُسس الاختيار سليمة ، لأن الحياة الطيبة اللينة الخصبة الرائعة تتجاوز الكثير من الصعاب ، وبالتالي فإن الله سبحانه يُبارك بها ويُهيئ من يرعاها ويحميها دون أن ننسى بأنه من الطبيعي أن تمر تلك الحياة الموفقة في مراحل من الصعاب التي تحتاج إلى صبر الزوجين وتفاهمهما لكي يتغلبوا عليها ، كتلك الحالة الرائعة للخليفة الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز الذي كان يعيش عيشة الأمراء والقصور والرخاء والبطر ، ومن ثم انتقل بزوجته ابنة الخليفة سليلة أُسرة المجد والسؤدد ، ليعيش وإياها على حصير بال ويقبلان بأن يستدينا من خادمهما وقت الضرورة ويعيشا حياة القناعة والبساطة رغم شظف العيش وصعوبة الحياة ، ويواجهان بشخصيهما القياديين أعباء الدولة وهموم الناس وليس للتصدي لمشاكلهما فحسب من بيتهما المتواضع الجديد ، الذي كل واحد منهما تحمل عبئ قضية وشطر المسؤولية في الأمّة ، بل استطاعا أن يكونا أنموذجا مثالياً للكفاءة وحسن الاختيار ،  ومثالاً تطلعت إليه الأعناق في التوافق الفكري والهدف ، والرضى في السراء والضراء كُل منهما من الآخر ، فلم تطلب منه الفراق أو الطلاق رغم عرضه عليها إن لم تكن تستطيع تحمل عبئ الحياة الجديدة القاسية ، بل كانت له عوناً وفكرة متوافقة معه ، وانسجاماً رائعاً ليُسجل لهما التاريخ أروع مثال في التضحية والتعاون والتفاني والإخلاص والمحبّة التي تجاوزت الماديات ، لتعيش في كنفه بالمحبّة والترابط ولو على القليل تُسند فيه البطون ، والمتواضع من المأوى ، ليعيشوا الحياة الأمثل مع قلة ذات اليد ، والقدرة في نفس الوقت لأن ينهبوا خزائن الدولة ، ولكنها القناعة التي لا تُبلى ، والإيمان الصادق الذي فعل معهم كل هذه المفاعيل ، والحب السامي الذي إذا ما سعى إليه الناس وجدوه ، عند التفكير في تأسيس البيوت القائمة على التفاني والإخلاص والحب بكل معانيه الطيبة

 ولعلنا الكثير منا يعلم قصة الزوجة سعدى التي أراد أن يُفرقها أهلها عن زوجها بسبب فقره بعد غناه ، والتي رفعت الأمر للحاكم الذي أُعجب بها ، وخيرها بينه وبين زوجها إن رغبت الطلاق ، فأشارت بأنها لا تستعيض عن زوجها وإن كان في إطمار ، وقالت لست بخاذلته ، لقد كان لي معه عيشة راضية وأنا أحق من صبر معه على السراء والضراء ، وعلى الشدة والرخاء ، وعلى العافية والبلاء وعلى القسم الذي كتب الله لي منه ، مما زاد من إعجاب الحاكم بها لعقلها ولمروءتها  وأمر لهما بعشرة ألاف درهم إجلالا لهذا الوفاء ، وكذلك علينا جميعاً أن نتخير لأولادنا وبناتنا النسل الطيب المبني على أساس الأخلاق والدين والتكافؤ ليُسعدوا ، لا أن نقف حجرة عثرة أمام تطلعاتهم وطموحاتهم الصحيحة ، لندفع بهم إلى عمليات المُساومة والبيع والشراء والابتزاز فيشقوا ، ويشقى من معهم ، ويكون ذلك نتيجة الاختيار السيئ ، المبني على أُسس خاطئة بعيدة عن توجيه الله سبحانه.