عَجوز في ريعان الشباب

ضحى عبد الرؤوف المل

وردة الضحى

[email protected]

ذهول!.. وأي ذهول !..دهشة، كلَّما نَظرت إليه كأني كُنت أعرفه تماما، في الوجه علامة رأيتها وأنا أراه في حُلمي بين أكُف الغيوم...

ربَّما ميَّزته أحاسيسي المُرتبطة بحُزنه وفَرحه، حُبه وهيامه حواء التي بَحث عَنها بحثاً دؤوبا ًكَما بحث آدم عن أمنا حواء !...بَحثت عَنه في وجوه الكَثيرين !؟..أخطأت المَسير في درب كُنت أراه من كوة أحلامي كَأنَّه نور يَشع في نهاية درب مُعتم مُظلم ليحملني إلى النور ...

نَورس مُحلق !..طائر الرخ!...هُدهُد سيدنا سليمان!..الظاهِر بيبرس!..

القائد صلاح الدين!.. هارون الرشيد !...أراه في كُل هؤلاء كَنجم الطارق وهو يَطرق باب قلبي دون كَلل أو مَلل، كأننا خُلقنا لِنكون معاً توأما في حياة لم تخلو من تناقضات عِشناها مَعاً، وكُل منا في الجانب الآخر من الأرض..

أنامل طويلة كأنَّها تَخُطُّ عَلى كَف القدر لِقاء يَحمل بَهجة روح كانت تائهة، لكن آمنت أن لابن آدم كَف حين يَمسح بها تكون كَكف الأنبياء تحيى بها روح كانت مَيتة، وتزيل آلام نفس كادَت أن تَكون لوامة..

وجه مُبتسم وفَرحة ذات حَيوية وأمَل عارم كَبير في حياة يفتح لها ذراعيه بقوة الحَنان والحُب الموجودين في روح أكاد ألمسها بكل ما فيها ...

في كلماته لوحات يَرسمها ، أتأمل كَلماته كَرجل طِفل ذو حِكمة وكأنَّه من سلالة سيدنا لقمان فوصاياه حفظتها وأنا راغبة في رؤية نفسي في بؤبؤ عَينيه كأني سكنت روحه فِعلا ..

سألت نَفسي هذا هو يا ضحى!؟..هذا هو الرجل الحلُم !؟..

عَجوز في ريعان الشباب !؟..

إستقرَّت روحي استقرارا غَريبا ،كأنَّنا كُنا معاً في الماضي وسنكون في الحاضر والمُستقبل، وسنمشي دروبا مُقمحة نحصد حبا زرعناه في حَياة ملأتنا سعياً خَلف نفوس لا تَعرف مَعنى أي حب...

تأملته ،وتأملته حتى بان لِناظري أنَّ فيه ذكاء مُشع وحلُم هادىءكأنَّه يَبني شبكة هندسية قوية، ليمسك حباً انتظره، كَما انتظرته أنا مثل رجٌل العَنكبوت لكن في خُيوطه قوة ، فَكل نسمة أتنشقها من عَبير روحه تَخترق روحي ،فترتجف الجوارح مِن رأسي حتى أخمص قدمي ،كأنَّ الحَياة تَعود لِجسد مَيت ،فَََتنشر فيه برد الشتاء ونسمات الخريف، حَرارة الصيف ودفء الربيع ....لَه مِن روحي كُل حُب وهيام وكُل وجد وصبابة ولَه طمأنينتي وسَكني وقلب أفرشه لَه كَي أستقبله استقبال الدُّنيا لِعصافير الربيع فما اشتهيت يوماً إلا أن أكون حَلاله ولا تمنيت عمراً إلا أن يكون قربي، فبه النفس تَسعد ومَعه الروح تَطمئن ،فيا رجلاَ عجوزا في ريعان الشباب اسمع!..

ما كَتبت كلمة إلا كانت لك وما نَطقت بحروف أحبك إلا لِتكون لك فاجمع حُروفها كَما يجمع العَسل النحل ،فكل لمحة لمحتك فيها في حَياتي كانت آية عُمر أرى جماله الآن معك فأنت الماضي والحاضر والمستقبل والضُّحى لم تكن يوماً إلا لك..فَلو تأملتُ دروب حَياة سلكتها وأنا أفتش عَنك سأقول محرابي عَيناك وأرضي راحتاك وسمائي أهدابك، فليس كل رجل يستحق أن يكون أنت...

التاريخ يَوم أقفلت مَسيرة أعوام بدخولي مِحرابك كي أكون بين يدي الله وحبيبة هي لك أنت...