أحلام مشروعة
حنان محمد فارع
لو سألنا أنفسنا بماذا يا ترى يفكر كل واحد منا ؟ ما هي أحلامه وأمنياته وأهدافه في الحياة ؟
دائما ما تكون اهتمامات الإنسان هي انعكاس لفكره ونظرته لدوره في الحياة وطموحه فيها ؛ إذ يسعى إلى إشباع حاجاته ورغباته نتيجة لما يقابله من حالة الافتقار إلى شيء ما إذا تواجد تحقق الإشباع والرضا .
يدون الكثيرون في أجندتهم الأساسية بعض الأحلام التي تدل على مدى اهتمامهم في تحديد مسار ذات قيمة لحياتهم وأن يصبح لوجودهم على هذه الدنيا معنى وقيمة حقيقية، فليس للحياة قيمة إذا لم نجد شيئاً نناضل من أجله ، والحياة بدون أحلام أشبه بالكأس الفارغة .
الأحلام مهما كانت كبيرة أو صغيرة ، خيالية أو حقيقية تظل مجرد فكرة أو مجموعة أفكار تختمر في العقل البشري قيد الإنشاء وتسيطر على كل التفاصيل اليومية لتصبح محور حياتنا تبحث عن واقع يتلاءم معها لتخرج من حالة التقوقع وتجمد الدم في العروق وبها يتحلى الإنسان بالقوة والإصرار لتبحر سفينة أحلامه وتصل به إلى شاطئ الأمان .
يبقى الحلم حقاً مشروعاً لكل إنسان طالما يمنحه الرغبة على الاستمرار في الحياة ويكون حافزاً للبقاء؛ إذ يمضي أوقاته بحثاً عن مرسى لسفينته، ويتمنى أن يحقق أحلامه دون أن تعانده الحياة أو يُصدم بواقع بائس، بين الواقع والحلم مساحة إما للحزن أو السعادة ، آلاف الأحلام ابتلعها الواقع وظروف الحياة وبين هذه الإشكالية وجد العديد ممن ضاعت أحلامهم ولم يتمكنوا من التصالح مع الواقع ومنهم من استطاع التصالح مع واقعه وأن يحيا بلا طموح رغم أنه كان ضحية حلم لم يتحقق .
تختلف أحلام الناس باختلاف تكوينهم الثقافي والفكري وحسب البيئة التي نشأوا عليها، فالفقير يحلم بالمال، والمثقف يحلم بعالم أكثر مثالية، والأقل علماً وثقافةً يحلم بأمور قد تبدو لنا ساذجة لكن من وجهة نظره مهمة للغاية، ويمكن أي موقف حياتي يومي يتسبب في تشكيل أحلامنا، وحتى لا نغرق في الأحلام ونصحو على واقع مزعج لابد أن تكون كل أحلامنا منطقية ومشروعة ومقبولة ولا تتجاوز الواقع لتكون قابلة للتحقيق وفق الإمكانات المتاحة، من تلك الأحلام المشروعة : إكمال التعليم العالي، الوظيفة المحترمة، الزواج والاستقرار ، ومشروع صغير يوفر دخلاً متواضعاً يساعد في موجة غلاء تكاليف المعيشة، وإذا عجز الإنسان عن تحقيق أحلامه المشروعة صرخ بأعلى صوته : ضيعت حياتي وأنا أحلم ، لا أعرف كيف أصل، لن أحلم بعد اليوم ولم أكبد نفسي عناء الحزن على ضياعها.
كرد فعل على ضياع الأحلام وتحطمها على صخرة الواقع يبادر البعض إلى حلم آخر جديد وهو الهجرة من الوطن كحل وحيد للهروب لعدم قدرتهم على الصبر والكفاح والتغلب على ظروف الحياة ، بينما ذلك الحالم بالهجرة والاغتراب يتناسى أن الكفاح داخل الوطن هو الأجدر لإنسانية الإنسان وأنه إذا هاجر دخل في نسيج مجتمع آخر شعر بغياب قيمته وتحول إلى مجرد رقم في حسابات العمل.
الأحلام المشروعة لا ينبغي أن تكون ارتجالية بدون تخطيط مسبق أو تصورات مستقبلية أو خطة مدروسة يتلمس خلالها الحالمون مسارهم الصحيح ، بداية تحقيق الحلم هو صعود السلم درجة درجة مع وجود تخطيط سليم مسبق وإحساس عالٍ بالمسؤولية، فكلما تقدم الوقت ازدادت الخبرة واقترب الإنسان من بلوغ هدفه .
الحلم ليس قولاً أو تمنياً بل هدف نسعى بكل ما أوتينا من قوة لتحقيقه حتى لا يصبح مجرد وهم ، فالأحلام لا تغير من الواقع شيئاً لكن التشمير عن السواعد والعمل والجد والكد هو السبيل الوحيد لتحقيق الأحلام والتمنيات والظفر بالأماني وبلوغ ما سطره الفرد من أهداف في عالم الواقع .