عيد الفالنتين
عيد الفالنتين
شيماء محمد توفيق الحداد
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية
ما الحبُّ إلا نغمةٌ قدسيَّةٌ ضاءتْ بها الأكوانُ وَالبِيدُ القِفارْ
قالتْ ليَ العلياءُ: إنَّا أمَّةٌ أشواقُهـا فِكْرٌ سميٌّ وَازدهارْ
في هذه الأيام تعاني أمَّتُنا الغاليةُ الويلات، وتقاسي غزة ما لا يتصور وجودَه عاقلٌ ولا مجنون، ويُقتَل الأطفال والرجال، وتُأسَر النساء، ويُهان الضعفاء والشيوخ، ويهيمن الظلم، ويسود الفساد، ويستأسد الشر، ويستغيث الحق، وينادي الدين أن أنقذوا أنفسكم قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم..... ومع كل ذلك، ومع كل ذلك... نجد أناساً من بني جلدتنا، يتكلمون بلسان كلساننا - وإن تخلَّلته لكنات أعجمية - ، ولهم ملامح كملامحنا العربية - وإن طالتها يد التشويه والتفرنج -، يحتفلون بعيد الحب كأنما حِيزَت لهم الدنيا، ويبثون الأشواق دونما حياء ولا خجل!!، كأنما العالم الإسلامي متَّحد، والرخاء سائد فيه، ولا أثر لجهل أو فقر في ربوعه، ولم تبق هناك مشكلة إلا..... ذلك المسكين أو تلك المسكينة يعانون من لوعة الفراق وصبابة الحب!!!!!!..
إن للمسلم عيدين لا غير، ولا حاجة لنا بتقليد أعمى لمن هم سبب في معاناتنا وشقائنا، ومن غير المعقول أن نعزف على هذه الأوتار الرَّديَّة وأطفالُ غزة يبكون آباءهم وأهاليهم. ولا يُعقَل أو يُقبَل أبداً أن نتبادل الورود وعبارات التهنئة ( ! )، بينما إخواننا يتبادلون النظرات الكسيرة ويتعزَّى كلٌّ منهم بمصاب غيره من البؤساء!!. ليت شعري كيف سننتصر ونحن على هذه الحال؟؟، وكيف سيرزقنا الله تعالى من فيض جوده وعطائه ونحن نجاهره بالمعاصي ونعلن بكل برود عدم اكتراثنا بآلام إخواننا؟؟.. إن لم يكن هؤلاء المحتفلون يقصدون هذا فليقدموا الدليل العملي على خلاف ذلك إذن!!..
أين السلاح الأدبي المتمثل في الشعر والنثر المُصْلَت في وجه الغزو الفكري والذائد عن حقوق إخواننا؟؟.. أين التَّعمُّق في سبْر أفضل الطرق لإعادة الشباب إلى دينهم الحنيف؟؟.. هل يجب أن يصيبنا ما أصاب إخواننا حتى نرتدع ونرعوي؟؟.. أم نحن بشر يحق لنا التنعم والترفه وهم ليسوا من بني آدم - عليه السلام - ؟!!.. أين العدل في هذا؟!!.. ألن يسألنا الله عن كل ذلك يوماً ما؟.. الأمر ليس هيناً أبداً، فكيف إذا صدر من أرباب الفكر وقادة الأقلام؟؟..
نحن – الأدباء - لسان الأمة الشاكي، نحن نبض الألم الكامن بين الضلوع، نحن آمال تتراءى في أحلام النصر وأهازيج الأمل، نحن من نلقم العادين حجراً وجمراً، ونذرُّ على البؤساء أملاً وصبراً، نحن من عاهدنا اللهَ وأقسمنا أن نصون الأمانة، ونبلِّغَ الرسالة، فلا يُعقَل أن نرى شابّاً ( مسلماً ) يمسك وردة حمراء وظهره منحنٍ ووجهه شاحب وعيناه شبه مغمضتان!!!!!.. هذه الصورة ليست عندنا، بل عند المخنَّثين من الكفار والفسَّاق، أما شبابنا فعزمهم حديد، وقولهم سديد، واهتماماتهم تزري بالثُّريَّا، وآمالهم تعانق صفاء السحاب، هذه صورة شبابنا المسلمين، أحفاد الأنبياء والصحابة والتابعين.. أغلقوا تلك الصفحة السوداء الدنيئة، وافتحوا أخرى بيضاءَ ناصعة، تنطق سطورها بفخرِ الانتصار، وتشرق أحرفها بوميض الشموخ والإباء..