يا أبتِ!...

يا أبتِ!...

إلى روح الأستاذ عليّ الطنطاويّ

أبو دواة

طالب في كلية طب المنصورة

[email protected]

 في عام 1956م نادى الشــيخ علي الطنطاوي ابنته...

وما ابنته إلا كل فتاة مسلمة... وأنا اليوم أناديه عنها...

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد... وبعد...

يا أبتِ...

أنا فتاة على أبواب الثلاثين... إنْ صحّتْ في دِين الثلاثين فتوّةٌ لعانسٍ... وأنا قارورة... وهذه صفتي في النساء عند رسول اللهصلى الله عليه وسلم-... قارورة... بكل ما تحمله الكلمة من معاني الضعف والبريق والوعائية... أنا ملح رجولة الرجل بضعفي... ووحي كمالاته ببريقي... وأرض منجزاته على هذه الأرض الخطّاءة بوعائيتي... أنا الحياة لو أرادتْني الحياة...

لقد ذهبتْ أيام الربيع... انتهت المدرسة... والجامعة... انتهى الأمل إلا في الله...

لقد تبدّل قلبي حتى نكرتُه –يا أبتِ-... من أين لي هذا القلب؟!... لقد حلّقتُ في سماوات الخيال (الرومانس) حتى خررْتُ... فما كان إلا أن دُقَّ عنقي... إنني أعي الحياة... أعيها إلى الأعماق... لم يعد هناك المزيد... لم يعد هناك من يحتاج إليّ... من يشتمّني وينميني ويرويني ويغرّد حولي... أنا وردة في الصحراء... لمن أنا؟!... لمن جمالي؟!... لمن عطفي؟!.... ألا أستحق أنا إلا القطاف؟!... ألا يرون فيّ إلا النار؟!... أنا... أنا كأس النور الدهاق... أنا خير متاع الدنيا... أنا السرور... أنا الطاعة... أنا الحِفظَ مِنْ حِفظ الله!

حتّام يا أبتِ؟... حتّام؟... أفأجوز الأرض هذه ولا أخلّف أثرًا.... وردةً... قبلةً على جبين الحياة الجاحدة... طفلًا نظرةٌ منه بدنيا خيال؟!

أويرضيكم –يا معاشر الرجال- أن أنزل سوقكم أعرضني... بل أعرض قشوري... فأين أنا في قشوري... أنا هنا... أنا الروح... أنا التي لتكون أمًّا... أنا أحقّ الناس بالصحبة لو يخرج مني النور... لو يدرج ويخطر ويعمُر الأرض...

أنا أذبل كلَّ يوم... كل يوم يموت فيّ الرجاء موتًا على موته... لينبعث أكثر قبحًا...

لقد زاغ بصري... وتلطّخ قلبي... وتوقّحتُ على الناس بلحاظي أسألهم: "هل من مريد؟!"

أأكون أنا مخطئة؟!... أيكون المنادي مبتذلًا بندائه إذا كان المنادى أصمَّ؟!

لك السلام يا أبتِ من التي كانت...