غناء من تحت الركام
محمود خليل /الأردن
تحت الركام حوصرت , لا تقوى الحراك , ألم في قدمها يبكيها ولا سامع لبكائها ,دماء تبلل جدائل شعرها و تسيل نهر كرامة على وجهها فغرقت في ظلمة تحت ظلمة ,صارت تنادي أمها تنادي والدها ما من مستجيب , نادت الضمير ناشدت , أربع ساعات مرت و لا زالت بين الركام تغني اخر أغنية تعلمتها في فصلها تمتزج الاهات بالغناء , بحة صوتها أبكت السماء , لا زالت طفلتي تغني تارة و تارة تنادي , تمتد يدها في مساحة الظلام الضيق تتحسس شربة ماء أو قطعة بسكويت تسد جوعها أصابعها الرقيقة تلامس جسدا طريا دافئا تعرفت عليه! هذه أمها عرفتها من دفئها من رائحة الطيب الممزوجة بالتوابل أشتد صراخها و ظلت تنادي تنادي و ليس من مستجيب ,تعود يدها تلامس الركام الخشن علها تجد شيئا يؤنس و حدتها , يرشدها الرب من فوق السماوات إلى مكان دميتها تشدها تأتي بها تحضنها تحادثها تلاعب شعرها كما تعودت ,ترتجف الطفلة بردا ثم تبدأ شيئا فشيئا بالهدوء , ينشق الصمت أخيرا كالفجر من عمق الظلام ,ها هي أمها تناديها تراها هناك في السماء ,بعد ثمان ساعات من الحصار , تطير بأجنحتها , تودع بيتها تودع أصدقائها و تطير مسرعة إلى أمها و يدها لا زالت تمسك بدميتها , سمر إبنة السبع سنوات إستشهدت ,في هذه اللحظة اختارت شجرة زيتون في الجنة هي و رفاقها من غزة ليغردوا و يطربوا أهلهم ومن رافقوهم بالغناء.
إلى كل والد و والدة لو كانت طفلتك سمر ماذا تفعل ماذا تقول ؟
أستقول مثل والدها "الحمدلله رب العالمين "
عليهم السلام جميعا من يوم رحلوا عنا إلى يوم الدين.