همسة لأحبابنا في غزة

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

قال وهو يحمد الله تعالى : لقد نصر الله تعالى إخواننا في غزة على اليهود نصراً مؤزراً ، فما هم فاعلون ؟

قلت : فعلاً ؛ ماهم فاعلون يا أخي ؟

فنظر إليّ نظرة من يفكر ويستنبط ما أوده من هذا التكرار ، ثم ابتسم كأنه يقول : لقد خمنت ما تريد قوله ، وقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد معركة انتصر فيها المسلمون على عدوهم التفت إلى أصحابه قائلاً : عدنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ... أليس هذا ما تقصده ؟

كدت أطير إليه وأقبل من جبينه ، فقد وفر عليّ ما أود قوله .

لا شك أن إخواننا في غزة أيدهم الله ونصرهم لقنوا العدو الإسرائيلي درساً لن ينساه ، فقد كان هذا العدو اللئيم يظن أن دخول غزة نزهة استعراضية تتم في يومين أو ثلاثة ، وتنتهي حماس ، هكذا سولت له نفسه الأمارة بالسوء والمتعجرفة ، وهكذا طلب منه عملاؤه الذين كانت حماس وإخوتها من الفصائل المقاومة شوكة في حلوق المتآمرين المحيطين بغزة الصامدة التي طردتهم من عرين هاشم شر طردة فذاقوا الذل والاستهزاء من القريب والبعيد ، وانكشفت سوءاتهم للعالم كله .

وكان الصمود الأسطوري للمجاهدين درساً في الصبر والمجاهدة للأحباب الذين واكبوا هذه الحرب البطولية من أندونيسيا إلى كندا ومن السويد إلى جنوب إفريقيا ، فكان التأييد اليومي من كل أنحاء العالم يترى ، وكان الدعاء يتوالى ليلاً ونهاراً منذ الرصاصة الأولى إلى يومنا هذا على مدى ثلاثة وعشرين يوماً أن ينصر الله تعالى هذه الفئة القليلة الصابرة على الآلة الإسرائيلية الرهيبة .

وكان هذا الصمود درساً للغاصب المستكبر اللئيم ومن والاه ، أثخن فيه المجاهدون الضربات القوية المتلاحقة ، فأفقده صوابه ، وأذل كبرياءه ، وأخنس أذنابه من المتهوّدين والمتصهيِنين الذين هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا ، فما عادوا يدرون ما يقولون ولا ما يفعلون .....

قال صاحبي : أهذا ما تقصده ؟

قلت : نعم ؛ يا أخي فما ينبغي أن نحسب أننا وصلنا إلى ما نريد ، فنسترخي . فيضيع النصر من أيدينا وكأنه لم يكن ، و" كأنك يا أبا زيد ما غزيت "  هل ننسى قوله تعالى " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " ؟ فهاهم يتنادون للقاء سريع في شرم الشيخ يطبخون طبختهم ، ويمكرون علانية وفي الخفاء .

وهاهي سلطتهم في غزة تطالب بأن لا تمر المساعدات إلى غزة إلا عن طريقهم ، قالها رئيس سلطتهم ورئيس وزرائها ، بل إن كل ما يتدفق من مساعدات عينية عالقة على الحدود بطلب من هؤلاء المتخاذلين الذين ما فتئوا طوال الأيام العصيبة الماضية يتهمون المجاهدين أنهم سبب مقتل الأطفال والنساء والمسنّين في غزة ، وأنهم سبب الدمار الذي ملأ القطاع !!، ولم تكن إسرائيل لتدمره لولا إنهاء المجاهدين للهدنة ، وإطلاق صواريخهم تجاه المعتصبات في فلسطين ، قالوها بكل بجاحة وصفاقة ، وكأن الذل والاستكانة التي يعيش فيها المنافقون المتخاذلون هي السبيل الصحيح للوصول إلى الحق المسلوب ؟!

هؤلاء يطلبون من مصر أن تحتفظ بكل ما يرسله المسلمون والعرب إلى غزة خلف الحدود وتطلب ذلك من إسرائيل  أن لا يدخل للقطاع شيء من المساعدات إلا بإذن السلطة الفلسطينية المتخاذلة .  كما أن الغرب يصر على أن لا  يفاوض حماساً وأخواتها من الفصائل  ، فالشرعية – على زعمه – للمتخاذلين من عملائه ، وإلا سقط هؤلاء العملاء في مزابل التاريخ ، وهم في الحقيقة سقطوا منذ زمن . 

لا ينبغي أن يغفل المجاهدون عن هذا المكر الذي يحوطهم من كل جانب ، وإلا سرق الأعداء والمتسلقون والانتهازيون كل المنجزات التي حققوها ، ولو عدنا إلى التاريخ القريب في بلادنا العربية والإسلامية لوجدنا الأمثلة في سرقة الثورات والمنجزات كثيرة كثيرة ، ولن يتورع هؤلاء عن فعل كل قميئة لتفريغ الانتصار الذي حققه المجاهدون بصبرهم ودمائهم وأموالهم وعرقهم وتضحياتهم  في جعبة اللصوص والسارقين ..

وأعتقد أن إخواننا المجاهدين الأبطال أحرص  على الوصول إلى الهدف المنشود ، حفظهم الله وأيدهم .