كارثة محزنة في البيت الأبيض

فيصل الشيخ محمد

صدر عن البيت الأبيض الأمريكي يوم الأحد الماضي الرابع من كانون الثاني الحالي بيان نعى فيه وفاة الهرة (ويلي). وجاء في البيان (إن الرئيس بوش وزوجته لورا وابنتيهما باربارا وجينا حزينون لرحيل هرتهم اينديا – المعروفة بويلي)  وأضاف البيان إن (القطة كانت عضواً محبوباً في عائلة الرئيس بوش لنحو عقدين).

هذا البيان الحزين المفعم بالألم ذكرني بالحكم الجائر الذي حكمت به محكمة أمريكية في ولاية كاليفورنيا بحق المواطن الأمريكي (جيمس آندرو) بالسجن المؤبد بعد إدانته بقطع رأس كلبة بطريقة وحشية.

العالم المجنون بأمريكا والمفتون بثقافتها الكلابية والقططية لا يزال مطفئاً سراج عقله ويتبع أحمق البيت الأبيض الذي جر العالم إلى أتون حروب ومنازعات في كل مكان تحت الشمس يقطن فيه إنسان.. فهذا الأحمق المعتوه صاحب الشذوذ الخُلقي والقيمي يحزن على موت هرة ولا يحزن على شلالات الدم التي تفجرها إسرائيل في غزة.

اليوم تذبح إسرائيل على مرآى من العالم بقوة آلة التدمير الجهنمية الأمريكية - التي يغدق بها البيت الأبيض الأمريكي عليها بلا حساب - البشر والشجر والحجر في غزة، لتستأصل حضارة تضرب جذورها في أعماق أعماق التاريخ، حملت للعالم النور  والرقي والمدنية والحب والأمن والسلام.. وهذا العالم المعصوب العينين عن كل ما يجري في غزة لا يستجيب لنداء الضمير والعقل ويجري وراء سفيه البيت الأبيض يأتمر بأمره كالأبله المعتوه، ولا يفكر للحظة واحدة أن الذي يجري في غزة سوف يفرّخ في قابل الأيام عليه قنابل بشرية، هي أيضاً قد أُطفئت سراج عقولها واندفعت لتنتقم من هذا العالم، الذي أصم أذنيه وأغمض عينيه وتبلد إحساسه حيال ما يفعله اليوم سلاح أمريكا وفيتو البيت الأبيض ومجرمي تل أبيب في غزة!!

البيت الأبيض وعائلة بوش تعيش أيام حزينة لفقدان القطة الأمريكية الأولى (ويلي)، ويصدر بيانات النعي إلى الشعب الأمريكي ليشارك عائلة البيت الأبيض حزنها على فقدان قطتها السوداء (ويلي).. وهذا البيت لم نسمع منه كلمة إدانة – ولو خجولة – لإسرائيل عن كل ما تفعله بغزة.. فالقطة (ويلي) هي أغلى عند معتوه البيت الأبيض من كل أطفال غزة ونسائها ورجالها وشجرها وحجرها وهوائها وكل العرب والمسلمين المليار والنصف في هذا العالم.

موت القطة (ويلي) تستحق من البيت الأبيض كل هذه الهالة من الحزن والأسى لفقدانها وإصدار بيانات العزاء لأجلها.. وقتل شعب غزة يحتاج إلى كواليس الأمم المتحدة ومشاورات مجلس الأمن ومراوغات كوندليزا رايس وزيارات ساركوزي المكوكية بين الشرق والغرب، لوقف شلال الدم المتدفق من صدور أطفال غزة وبطون نسائها وأجساد رجالها وصخر حجرها وجذوع شجرها وحبات ترابها وذرات هوائها.. فهل عدنا لعهود كان فيها:

قتل كلب جريمة لا تغتفر

وقتل شعب مسألة فيها نظر؟!