الفوضى واللامبالاة
لبنى شرف / الأردن
[email protected]
لا
بد و أن يكون أحدكم قد تعامل مع شخص أو أكثر من النمط الفوضوي و غير المنظم ، و
ربما أصابه الضجر من هذه اللامبالاة التي يتصف بها هذا الصنف من الناس . فأنت إن
طلبت من أحدهم شيئاً يبقى يبحث عنه أين وضعه ، أو أين كتبه إن كان رقم هاتف مثلاً ،
فأوراقه دائماً مبعثرة ، و أموره و أوقاته غير منظمة ، و الفوضى تملأ حياته ، و في
أحيان كثيرة لا يكترث بالاعتذار منك إن تاخر عليك بالطلب الذي طلبته منه ، أو إن لم
يجده اصلاً !! و أنت تبقى تنتظر ، و قد تتعطل مشاغلك و تتأخر إن كانت تعتمد على هذا
الشيء أو هذه المعلومة التي طلبتها منه .
مثل
هذا الصنف من الناس لا يحسب حساباً للوقت ، و لا يكترث لضياعه ، فأقل شيء يمكن أن
يعيب الفوضى أنها مضيعة للوقت .
ضع
كل شيء من الأشياء موضعهُ تجده فيه إذا ما جئت تطلبهُ
و
أما النساء اللواتي يتصفن بالفوضى فبيوتهن أشبه بساحات المعارك ، فالجوارير مفتوحة
و أبواب الخزائن مشرعة و الملابس ملقاة على الأرض و ألعاب الأطفال متناثرة هنا و
هناك .. !! و الغريب أن هناك من تقول بأن الفوضى دليل العبقرية !!! .
شيء
مؤسف حقاً أن يفكر مسلم بهذه الطريقة ، فأية عبقرية هذه التي تأتي بها الفوضى !
فالكون كله مبني على النظام و الدقة المتناهية ، و كل شيء فيه مُصَرَّف و مُدبَّر
بحكمة ، و ليس من شيء يتم هكذا جزافاً أو عبثاً أو ارتجالاً أو مصادفة أو اعتباطاً
، حاش لله القائل في كتابه العزيز : ﴿ إِنّا كُلَّ
شَيْءٍ خَلَقْنٰهُ بِقَدَرٍ ﴾..{ القمر : 49 } .. (( قدر يحدد حقيقته ،
و يحدد صفته ، و يحدد مقداره ، و يحدد زمانه ، و يحدد مكانه ، و يحدد ارتباطه بسائر
ما حوله من أشياء ، و تأثيره في كيان هذا الوجود )) .
و
شعائر الإسلام كلها ، من صلاة و صيام و حج و زكاة .. كلها لها أوقات مخصوصة و شروط
محددة ، فلا مجال للفوضى . و لكن يبدو أن الفوضى في العقول و في الفهوم و في القلوب
، و هذه ضررها أكبر من الفوضى في الأشياء و المحسوسات ، و كما قال الأديب مصطفى
صادق الرافعي : (( من الخطأ الكبير أن تنظم الحياة من حولك و تترك الفوضى في قلبك
)) ! .
إن
الانضباط في الانفعالات و الأحاسيس ، و الانسجام في الأفكار ، و وضوح الرؤية و
الهدف ، يجعل الشخصية أكثر اتزاناً . و الترتيب و النظام في الهندام و في المكان و
في الأعمال ، و في كل شيء في الحياة ، يشيع في النفس ارتياحاً ، و يجعل الأمور تسير
بانسيابية أكثر . و أما الفوضى فلن تأتي إلا بالفوضى .