كافٌ ونونٌ

ريم الصويلحي

قال تعالى : ( بديع السموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) البقرة / 117 .

قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه الآية الكريمة ( 1/175 ) : ( يبين بذلك كمال قدرته ، وعظيم سلطانه ، وأنه إذا قدر أمراً وأراد كونه فإنما يقول له كن _ أي : مرة واحدة _ فيكون ،

أي فيوجد على وفق ما أراد كما قال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس / 82 ) أ.هـ.

وقال تعالى : ( ...قال كذلك الله يخلق ما يشاء ، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) آل عمران / 247 .

وقال تعالى : ( هو الذي يحي ويميت فإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ) غافر / 68 .

**

تلكَ الآيات السابقة تستثيرُ مشاعرَ المخلوق لاستعظامِ قُدرةِ اللهِ جلَّ جلاله وتستنطقُ الحروفَ لتبتهل إكباراً للربِّ القدير..!

كما أنَّ هذه الآيات تأخُذُ الفِكرَ لمُنعطفٍ آخر،فتستوقفهُ نشأةُ الإنسانُ من بين الأشياء الأخرى المخلوقة  بإرادة الله بفعل كلمة واحدةٍ (كُنْ)..!

هذا الإنسانُ الذي دَرجَ على هذهِ الأرضِ بعظمهِ ولحمهِ وشحمهِ إنما خُلِقَ بعد إرادة الله بفعل حرفين..!

هذا الإعجاز الرباني يقودُنا لحقيقةِ تأثُّر الإنسان بالحروف والكلماتِ عليه سواءاً كانت سلباً أوإيجابا،سواءاً كانت ذمّا أومديحا،فالإنسانُ كُتلةٌ من المشاعر خُلِقَ بعد إرادة الله بكافٍ ونون..!

كافٌ ونونٌ من أجلِّ الأحرُفِ

صيغا كفعلٍ للخليقةِ فاعرفي..!

كافٌ ونونٌ منهما كانَ الورى

أولمْ يقُلْ مولايَ كُنْ..للأزيفِ..!

بالكافِ ثم النونِ صِرنا نُطفةً

روحٌ أقرّتْ في عظامٍ تختفي

بالكافِ ثُمَّ النونِ قلُبكَ نابِضٌ

والروحُ تجري بالوتينِ الأهيفِ

بالكافِ ثم النونِ عَقلُكَ مُشرِقٌ

والدمُّ يجري بالعروقِ الضُلّفِّ

عجباً لخلقِ اللهِ في تصويرهِ

حارَ العوالمُ من بديعِ المُنصفِ..!