الورود البلاستيكيّة

منال علي بن عمرو - الإمارات دبي

[email protected]

كلّما قارب عام على الانتهاء تصبح حركة الأشياء عندي بطيئة، تصاحبني أمنية عدم انتهاء العام هكذا، إن الوقت يمضي بسرعة من بين لحظات العمر من دون أن ندرك، وحجم ما أنجز لا يوازي حجم الأحلام والأمنيات. الغريب أني حين أراجع عامي المنصرم أجدني خلقت أحلاما جديدة وحققت أمنيات لم تخطر لي يوما!.. وأجد أيضا ما يجعل فرحي بما حققته لا يكتمل.. تلك الأحلام البسيطة التي لا تعني أحدا سواي ولا تقدّم أو تؤخّر، لكنّها تضفي سعادة من نوع آخر، فرحا حقيقيا وبهجة لا تتوقف.. أجدها أحلاما تراكمت مع الوقت في زاوية النسيان أو التجاهل، وأجدني أصاب بتلك الغصة الكبيرة التي تكون بحجم التراكمات، وبأسف على الوقت الذي قررت فيه أنّها أحلام صغيرة تأجيلها لن يضر.

في ظل الانشغال الدّائم ما بين العمل والحياة، لم أجد أمام خطواتي حلا إلا التقدّم، وأمام العثرات سوى التجاوز، وعند حافة الأمنيات سوى الصبر والمثابرة، ومن الطبيعي ركن صندوق السعادة جانبا، من الكبيعي خرق خارطة المستقبل والسعي إلى التقدم والإنجاز، ما يقلقني الآن ألآ تناسب تلك الأحلام ما آلت إليه نفسي من ملامح الزمن العملي، والشكل الحديث للإنسان، هل ستقدّم تلك الأحلام الصغيرة الفرح المتناسب مع التغييرات الكبيرة؟ قلق يولّد الذهول، أبسط الأمور كان لها وقع السعادة وقيمة معنوية، أبسط الأمور كانت تزرع الفرح وتعيد برمجة السعادة إلى شكلها الحقيقي ونكهتها الصادقة بلا تكلّف أو تصنّع.

إنّ الاستنزاف وهدر طاقات الرّوح والعقل والجسد في الجري وراء كلّ الأشياء ينمي شعور اللااكتراث حتى في الالتفات إلى الأحلام الصغيرة، ونعتاد نسيان معالمها وفقدان تفاصيلها، والصمت يطبق على الرّوح ويملأ الدروب بورود بلاستيكيّة تشبه الحقيقية تماما، لكنّها بلا رائحة ولا ملمس رقيق.. مجرّد شكل يضفي الشّعور المزيّف الذي يرتسم على جميع الملامح التي تدّعي أنها تعيش السعادة الحقيقيّة في زمن السرعة والانشغال التام.

يقترب العام على الانتهاء.. ويكبر حجم صندوق الأحلام شيئا فشيئا.. كذلك يزداد عدد الورود البلاستيكيّة عند دروب التفاؤل.