تماثيل متحركة
مصطفى الشيخ الأحمد
إن من أشد الأخطار التي تهدد نقاء الهواء في العقول ،وليس أشد خطرا ًمن فعل جاهل و متعصب لجهله ، بل أشد وأكبر خطر قائم على المجتمع الإنساني برمته،هم هؤلاء الذين تُستغل أسمأهم ويستغلون ما يملكونه من شهرة ومكانة بين الناس من معزة وحب وأعجاب إتجاههم من قبل الكثيرين ،ومن وسط تلك الظلال بما يخفوه وراء أقنعتهم الملونة في قيامهم ببث سموم أفكارهم على مسمع وأعين البشر ،ومدى تأثيرها على الكثير وخاصة لمن هم لتلك الشخصية مؤيدين وما تخلفه لديهم من أضراروأختلافات ومتاهات كثيرة في تشويه منهج صدق حياة المجتمع الإنساني، ومنع إقامة العلاقات السليمة بين أفراد المجتمع فيما بينهم. من خلال قناعتهم الداخلية لتلك الشخصية الملونة ، بكل ود وطاعة وعدم الالتفات حتى وأن كان الشخص نفسه غير مقتنع بما يسمع أو يشاهد وأن ما يقوله ذلك المشهور صحيح لا إعتراض عليه لأنه أديب ربما عالم وهو مشهور الأسم و له مكان مرموق وسط أفراد المجتمع وأنه تكلم بجرأة في صدق كلمة وحرية قلم ...(في يوم كان سقراط مع أحد تلاميذه. جالساً على حافة بركة فيها مياه راكدة. فقال سقراط لتلميذه ماذا في هذه البركة ؟ قال التلميذ: إنه الماءإلا أن سقراط بدأ يستدل له، أن ذلك ليس ماء، وأورد عشرات الأدلة على ما ذهب إليه ويبدو أن التلميذ استسلم لأستاذه، رغم قناعته بعكس ذلك. غير أن سقراط مد يده إلى البركة واغترف كفاً من الماء، ثم رماه في البركة، وقال لتلميذه: هذه الحقيقة أكبر دليل على أنه ماء وأن ما ذهب إليه ليس صحيحاً ). ..
ان لم يكن الإنسان صادقا مع نفسه بحركاته وأقواله ٠فكيف يمكن أن يقتدى به
ولا يقول الحقيقة إلا من تربى وشاب على الصحيح .وجرع من المر شربات .
إن الصدق والجرأة في قول الحق والحقيقة بما يخدم مصلحة الإنسان ،هو أن يناسب في مجراه بما يقتضي الأمر توافق العقل والمنطق وأن يكون العدل بينهما في الأتجاهات وليس من الحرية في التحرر نشر السلبيات ، والعبث بحياة البسطاء والمساكين من البشر وتعقيد الأمور بتزيف وأنحراف وصب الزيت على النار واللعب بجمرات فتن وإثارتها ورميها على عقل وجسد وروح الإنسان ،
إن كل فكرة سامة .هي مخدر بطيء تشق طريقها إلى أن تلوث العقل وتفتك بالجسد حتى تمتد وتتمدد إلى إطفاء نور روح الإنسان ، إن أرواح البشر ليست لعبة . (( إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء )) . ....
مؤسف حقا ً : أنه من وراء مثل تلك الشخصيات المزيفة التي إرتضت في أن تكون أسيرة لجيفة الدنيا وطلاب جيفتها ٠٠٠٠ في أن تتاجر بعقول البشر على حساب روح الإنسان .بما تكتب وتقول في ما لا يدعي السرور بين كل صغيرة وكبيرة .تحرث وتدور من أهواء نفس سيئة تنشر بخور . ولاتتفكر أن سهامها المسمومة ربما تغتال روح إنسان مجهول وتفتح باب كراهية تحرق سهول ، .هذا ما حال إليه الحال مما يعاش من حزن وسوء أفعال وصور شوهت الحقيقة .بصوت ومقال وتركت العقول في شتات ليس له مثال وإختلطت الأمور في تصحيح مسار . لقد أصبح الشارع العربي أضحوكة في أفواه الملايين مما يدور من ضياع وجهل فاق حدود التدوين .
.كلنا يعلم أن الأدب كان له الدور الأكبر في إنقاذ وتحرروأزدهار الأمم والشعوب
وأن الأدباء العظماء . قدموا تضحيات كبيرة ملموسة في مجالات شتى لخيرحياة الإنسان من فكروعطاء ورسم تجديد بما يتوجب من مراعاة تتماشى مع الأحداث و الأنهيارات التي أصابت أعماق الإنسانية في ذلك الوقت فيما مضى من قرون وسنين . وإنعكافهم التام على أيجاد الحلول لها وأخراج الإنسان من ظلام تلك المتاهات إلى النور والطريق الصحيح . بذورعلوم وفكر ثمارها بيد الإنسان و ميراث ثمين مازالت عطوره تتناقل بين الأجيال الطالبة من جيل الى جيل إلى يومنا هذا في شتى بقاع الإرض قدمه مفكرون عظماء لشعوبهم من صدق وأمانة
ليست ثروة الأمم هي الذهب الأصفر والأسود والمال
ثروة كل أمة هي أجيالها ومجدها بشباها ٠٠ الإنسان مربي إن كان يمتلك التربية
وكل إنسان بعطره فواح .
الأدب وجميع العلوم : إن كانت مبنية على الصدق والخير والعطاء ، وإن كانت مبنية على الشر والكذب والنفاق ، فكل نتائجه وبذوره تنموا وتصب في طريق حياة الإنسان إرتقاء أو حضيض.
أين نحن الأن من ذلك ؟؟