أسرار الكنز
أدميت جرحاً فيّ لايندمل أيها الوطن
أثقلت كاهلي بعمر التاريخ أيها الوطن
فديتك بما غلا وبما طاب ، و لم أدخل معك في خصام ، ولدتُ وشاخت طفولتي بين
أزقة حاراتك ، تعثرتُ وأدمت كواحلي دروب ملاعبي وساحات سباقاتي ، شربت
ماء الحب وأترعت شراييني بين مدارس الهجاء وبيوت العشيرة ، جعلت ُ ريعان
شبابي رهينة لقدسيتك ....أثخنتَ في طلباتكَ وأمليتَ شروط الرجولة فكانت جسراًفي
فدائك ، باهلت ُ الأوطان تحت ألوان علمك ، وحاججت ُالأقوام في الإنتماء لهويتك
لم أكتب يوماً لعلم لم يرفع شراعاً بإسمك ، ولاناصبت مصادرالعلوم لأنها ...
تمهرالإجازات برسم ختمك ، وها قد أكملتُ إستيفاء العهود لإكمال دعائم مجدك .
كل شيء تلوّن ببحور نشيدك ، وقوافل القلوب في الرجولة تهاب الردى ، ماضون
أيها التاريخ ، مثلما عكست بأسطر المهاجرين نوايا نبذ ، لمّا أباحوأ خفايا الإخلاص
لعزّك ، ذهبوا تاركين أجيالاً كانوا يوماً أجدادنا ، وها نحن مثلما نذرتنا في العزم
والإصرار أحفادك ، ! ولكن أيها الوطن لم تبد في حسن الصراحة ، كيف أخفيت
أحلام أمراءك ،؟ وأين دفنت نفائس أنفاسك ، ونوايا سلاطينك ؟ .
أيها الوطن ، مامن سجال تجرأت البوح به في حضرتك ، مثلما هذه الساعة ، وأنا
مثلما ترى الآن ، وعفواً... أعلم أنك الآن مغيّب ،أو أعلم أنك مأسور والكلام لك غير
مباح ، وها أنذا أعذرك على الأسطر، ولكني لاأعذرك في قلبي ، لأن قلبي الآن في
اتحاد مع كبدي ، وكبدي هاهو أضمّه بقوة بين يدي ، أخاف عليه من غدر هول البحر
وإنك لاترى الآن أين أنا ....ولو رأيتني لأصابك العجز وأنت العاجزالمحطم ، ولا
أريد لك أن ترى ، وعفّ لي استرسال بوحي ، لأن الزمن أنذرني بليل مدلهم قادم أعتى
من الذي غادرته فيك ، وهو جاثم على أركانك ، ! هاهم أطفالي فلذة كبدي ، وكبد كل
أبناءك أريد أن ألقيهم في جوف غاشميك ، أتعرف لماذا ؟ لأ لّا أرى حزناً على ناصية
جبهتك، فأنا لازلت على عهدي في الرباط من أجلك ، وحذاري ياوطني : لاتكتب في
أسطر صفحاتك أني ترددت بفدائك ! لا لا أيها الوطن الأسمى مثلما أخذت منك ، هاك
خذ مني ، أنا والبحر في مفترق أجل ،أنت حضنتني وكنت حاضنتي ، ودفئاً وأمناً من
خوف غربة ، ووحشة إعتداءات ، هاهم أطفالي أحضنهم كما فعلت أنت ، وهم الأمانة
لأرجعهم لك رجالاً ، فهل ترضى ألاّ أرددها لك بكامل عدتها ، سأحكي للبحر قصتهم ،
سأغريه بسوالف آبائي وأجدادي ، علّه يغض الطرف لحظة ، ويأنف عن ابتلاع
الأمانة ، سأقول له إنهم فقط فلذّات أكبادنا ، سأكتب وصيّتك ياوطني ، وأودعها فراغ
زجاجة ، وأطعمها لأمواجه علّها يوماً تقذفها إلى شواطئك ، ليلتقطها طفلاً لاينتمي
بالإسم ولا باللون ولا بحرف الهجاء لأي من أبناءك ، يحملها فرحاً إلى من جاؤوا به
إلى هذه البلاد تختالهم فرحة العثور على لغز الكنز ، أحرف ورموز لن يفقهوا ولن
يفهموا معانيهاهم من أقوام غزاة ، والرموزتعود لنا نحن من كان يعمرتاريخ أفناءك
،هذه أسماؤنا : عمر وعائشة ، فاطمة الزهراء وعثمان وعلي ، خالد وخديجة أم
الأطايب ،كلنا كنا هنا أطفالاً ، مثلكم نلاعب أمواج البحر ونعدّ حبات الرمل بجنباتها،
أقرؤا ماجاء في الوصية ،وقبلها قولوا في سركم: هذه تباشير نخفيها عن الكبار ،هذه
أحرف كتبها الأولون نخفيها بين صناديق الألعاب ، أيها الأطفال هذه أمانة لاتفرطوا
بها ، هذا إن كانت مفاهيمكم على مستوى بنات أفكاركم .يوماً سيأتي ياوطني تعرف
الحقيقة ، يوماً أيها الأطفال سيأتي وتعرفون الحقيقة مثلماالشمس الآن من فوقكم ،
ستكون ساعة كالسهم يخترق خزان أحلامكم ، تظلون تراجعون طلاسم خبء الكنز .
أيها الطفل الذي كان أول من التقط الزجاجة ،ستظل تسأل نفسك وتعدّ أنفاسك ، ماهذه
الألغاز ومن كاتبها ؟ تقول مجيباً حائراً :
سأكبر وأتعلّم وسوف أسأل البحر: أين ذهبت بأسرار موجك يابحر ؟ أين أبحرت
بغربائك ؟ أين دفنت من ألقى إليك يوماً زجاجة فيها مفاتيح أسرار روّادك؟.
وسوم: 642