خواطر من الكون المجاور الخاطرة 66 ..كوكب المجانين

قبل سنوات قليلة أحد العلماء وبعد حصوله على جائزة نوبل أعطى رأيه بكل صراحة أمام الجميع ( المجتمعات اﻹنسانية اليوم تعاني من إنحطاط روحي ، والسبب هو المدارس نفسها ، جميع الكتب المدرسية يجب فحص معلوماتها بدقة وإعادة كتابتها من جديد) صراحة هذا العالم أزعجت الكثير من المفكرين فذهب بعضهم واتهمه بأنه لا يستحق جائزة النوبل وطالبوا بسحبها منه. 

رأي هذا العالم عن سبب الإنحطاط الروحي الذي تعاني منها اﻹنسانية اليوم ، شعرت به روحي منذ كنت طفلا في التاسعة من عمري عندما حدثت في حيِّنا الفاجعة اﻷولى( إنتحار الطفلة سعاد ) ، وإزداد هذا الشعور عندما رأيت في حيِّنا نفسه تحدث الفاجعة الثانية ( إمرأة تحرق نفسها بالبنزين وتنتحر ) . الحادثتين هذه جعلتني أشعر بنوع من الظلم يقع على عاتق هاتين المسكينتين ، شعوري هذا جعلني أخسر ثقتي بالكبار ﻷنهم لم يفعلوا شيئا من أجلهما ، وشيء فشيء راح معنى كلمة ( الكبار ) يأخذ معناه الحقيقي وتحول من معناه البدائي ( كبار أهل الحي ) إلى معناه الشامل (كبار رجال العلم والفن ) الذين هم من يتحكمون بعجلة قيادة تطور المجتمعات الإنسانية. منذ كنت فتى في المرحلة الثانوية كنت مقتنعا تماما بأن اﻹنسان لا يولد صدفة ولكن الله يعطي لكل اﻹنسان دورا في هذه الحياة، وكنت مقتنعا تماما بأن سبب إنتقال عائلتي ( المسلمة ) إلى هذا الحي ( المسيحي ) لم يكن عبثا ولكن حكمة إلهية ، فطالما أنه في هذا الحي سيحدث مثل هذا النوع من الحوادث ( إنتحار طفلة ) والذي لم يسجل التاريخ مثل هذه الحادثة من قبل ، لذلك أتت عائلتي لتقيم في هذا الحي ، فهذا الحي كان بالنسبة لي رمزا يعبر عن حقيقة ما يحصل على مستوى اﻹنسانية بأكملها، فالمعروف عن الحي بأنه حي مسيحي ، ووقوع حادثة اﻹنتحار فيه كان رمزا لما يحدث في المجتمعات اﻹنسانية الحديثة ، حيث الفكر الغربي هو الذي يسيطر على جهة تطور المجتمعات. ومن المعروف أن ديانة الشعوب الغربية هي الديانة المسيحية ، فالموضوع هنا لم يكن له علاقة بالدين ولكن له علاقة بالقاعدة الفكرية التي يعتمدها المنهج العلمي الحديث والذي بدأ يظهر في أوربا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ليصل إلى ما عليه اﻷن والذي جعل كتب التاريخ تسجل في صفحاته بالخط العريض ( لم تعرف اﻹنسانية وحشية مثل وحشية إنسان قرن العشرين ، حيث وصلت اﻷمور إلى ولادة ظاهرة جديدة في تاريخ اﻹنسان وهي ظاهرة ( الجريمة الطفولية ) حيث الطفل يشارك فيها سواء كان في دور القاتل أو دور الضحية ، والطفلة سعاد لعبت في حادثة إنتحارها الدورين معا القاتل والضحية . في تلك الفترة - المرحلة الثانوية - قرأت مسرحية ( نهر الجنون ) للأديب العربي توفيق الحكيم ، قصة المسرحية بشكل مختصر تحكي عن نهر تلوثت مياهه بوباء الجنون ، فصار كل شخص يشرب من ماء هذا النهر يصاب بالجنون ،ومع مرور اﻷيام راح عدد المجانين يزداد في البلاد حتى أصبح جميع سكانه مجانين ما عدا الملك والوزير. عندها سأل الملك الوزير كيف سيحكم شعب كل أفراده مجانين ، فرد عليه الوزير بأن اﻷمر ليس كما يتصوره الملك ﻷن الشعب يظن بأن الملك والوزير هم المجانين ﻷنهما لم يشربا من ماء النهر ، وأن هذا رأي اﻷغلبية و اﻷغلبية هم الذين من يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون. عندما سمع الملك هذه الكلمات وعلم أن الشعب يعتقد بأنه هو المجنون طلب من الوزير أن يأتي له بكأس من ماء نهر الجنون ليشرب منه هو أيضا ﻷنه من الجنون أن تظل عاقلا في دنيا المجانين. عندما قرأت نهاية المسرحية ورأيت المؤلف - توفيق الحكيم - يجعل أبطال مسرحيته يستسلمون ويسيرون مع تيار الجنون ، شعرت بخيبة أمل كبيرة ، فقد كنت في تلك الفترة بحاجة شديدة أن أسمع شيئا يقوي معنوياتي ويزيدني ثقتة بنفسي ﻷتابع طريقي وكلي أمل بأنني سأصل إلى هدفي يوما ما ، فكل إنسان وخاصة في مرحلة تكوينه الجسدي والفكري ( مرحلة الطفولة والمراهقة ) هو بحاجة إلى سماع قصص لها نهاية سعيدة لتؤكد له أن الخير سينتصر دوما في النهاية ليتعلم كيف يتمسك بمبادئه السامية بقوة وثقة ، ولكن في مسرحية نهر الجنون شعرت وكأن توفيق الحكيم من خلال هذه المسرحية يحطم هذا العالم المثالي الذي رسمته في خيالي ، فقد شعرت وكأنه يطلب مني أن أنسى الطفلة سعاد والمرأة التي أحرقت نفسها ، وأن أسير مع تيار اﻷغلبية ، فاﻷغلبية كان رأيها أن هاتين الحادثتين كانت حوادث عادية حدثت بالصدفة مثلها مثل غيرها من الحوادث، لذلك فهي لا تستاهل التفكير ووجع الرأس ، وأن أسلوب تفكيري بأكمله ليس إلا نوعا من الجنون ﻷن اﻷغلبية لا تفكر بهذا المنطق. فاﻷغلبية حسب رأي توفيق الحكيم من خلال مسرحيته ، هم الذين يضعون الحد الفاصل بين العقل والجنون أو الصح والخطأ. وهذا يعني أن كل ما أشعر به هو خطأ ، وهذا ما يجب أن أفعله في جميع نواحي الحياة أن أتبع رأي اﻷغلبية. فطالما مثلا أن اﻷغلبية تعتبر أن بيكاسو هو أعظم فنانين العصر الحديث فيجب علي أن أتخلص من جميع تلك اﻷفكار السلبية التي كونتها عنه ، وأصبح من المعجبين به وبأعماله ، ولكن كيف أستطيع أن أنظر إلى وجوه النساء في لوحاته وأشعر باﻹعجاب وقد قام بتشويهها وتحويلها إلى وجوه تشبه كثيرا الوجه المحروق الذي رأيته في تلك المرأة المسكينة في حينا التي أحرقت نفسها ، تلك التي هجرها زوجها من أجل إمرأة أخرى ليشبع شهواته الحيوانية ، فكانت نتيجة إنفصال اﻷب عن اﻷم أن يتحول اﻹبن إلى ولد شرس يحقد على الجميع ويعشق أذى الجميع ، وهذا ما جعل الأم المسكينة نفسها لا تستطيع تحمل هذه التغيرات القاسية الفجائية في حياتها، فذهبت وسكبت البنزين على جسدها وأولعت في نفسها النار، لوحات بيكاسو بالنسبة لي كانت وكأن جميعها تتمنى أن تتحول حالة نساء العالم إلى نساء مشوهات مثل حالة هذه الأم المسكينة ، كنت أشعر وأنا أرى تلك اللوحات وكأن روح بيكاسو كانت تشعر باللذة وهي ترى تمزق المجتمع ، هذا التمزق الذي يبدأ بإنفصال الأب عن اﻷم، ثم يستمر التمزق بإنفصال أﻷبناء عن اﻵباء ، واﻷخ عن أخيه ، والصديق عن صديقه ، والجار عن جاره ليشمل هذا التمزق في النهاية المجتمع بأكمله. لوحات بيكاسو التي تتميز بأن كل عنصر فيها منفصل نهائيا عن بقية العناصر لا رابط بينهم على اﻹطلاق ، عشوائية بحتة تسيطر على اللوحة بأكملها ، كانت تذكرني باﻵية القرآنية 7 من سورة سبأ (وقال الذين كفروا هل أدلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد ) لذلك كان معروف عن بيكاسو بأن حياته كانت كلها فضائح جنسية، حيث اﻹباحة الجنسية تعتبر أقوى العوامل التي تساعد في تمزيق الروابط اﻹنسانية. ....هل من المعقول أن أعجب بلوحات هذا الشخص وذلك فقط ﻷن اﻷغلبية تدعي بأنه أكبر فنان في العصر الحديث؟ اﻷغلبية تؤمن بنظرية ( أصل اﻹنسان قرد ) بينما كانت جميع أحاسيسي ومشاعري تؤكد على أن أصل اﻹنسان هو ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه في آدم عندما خلقه. وأن نظرية داروين عن أصول اﻷنواع رغم إثباتاتها المادية القوية هي نظرية فقيرة روحيا ﻷنها عاجزة عن رؤية روح الله في اﻹنسان لذلك نجد هذه النظرية تعاني من ضعف شديد في تفسير الكثير من الظواهر في تطور الحياة ، ولكن بعد قرأتي لمسرحية نهر الجنون شعرت وكأن توفيق الحكيم من خلال مسرحية يطلب مني أن أتخلى عن آرائي في نقد هذه النظرية ﻷن اﻷغلبية تؤمن بصحتها وأن أصلها قرد، فهذه النظرية تدرس في جميع مدارس العالم ، حتى أن كنيسة الفتيكان في روما إعترفت بصحتها عام 1996 ، وكذلك فعل العديد من علماء المسلمين وأكدوا على انها لا تعارض آيات القرآن. ، لذلك فكأنه من الجنون أن أرفض صحتها وأسير في جهة معاكسة لجهة ذلك التيار الذي تسير به اﻷغلبية. اﻷغلبية تفسر آيات القرآن تماما كما فسرها اﻷقدمون قبل أكثر من 700 عام ، رغم أن الحديث الشريف يقول ( بأن الله يرسل كل مائة عام مرشد ليجدد الدين ) لذلك عندما كنت أسمع تلك التفسيرات السطحية ﻵيات القران الكريم في دروس الديانة ، كنت أشعر بأن هذه التفسيرات لا تناسب مستوى فكر اﻹنسان المعاصر ، وأنه يجب علي أن أبحث عن تفسيرات جديدة تساعد على توحيد العلوم لتستطيع حل مشاكل اﻹنسان المعاصر ، ولكن توفيق الحكيم من خلال مسرحيته نهر الجنون شعرت وكأنه يقول لي اﻷغلبية توافق على هذه التفسيرات لذلك من الجنون أن أبحث عن تفسيرات أخرى ، ولكن كيف أسير مع تيار اﻷغلبية وأقبل أن ارى هذا الكتاب المقدس وقد تحول في أيامنا هذه إلى كتاب لا يضر ولا ينفع. كتاب يقرأه مئات الملايين من المسلمين وبدلا من أن تنهض بلادهم لتكون قدوة للأمم اﻷخرى التي تخلت عن دياناتها ، نجد أنه قد حدث العكس تماما وأصبحت البلاد اﻹسلامية سخرية أمام اﻷمم اﻷخرى ، انظروا ماذا يحدث في أفغانستان ، تأملوا ما يحدث في العراق وفي سوريا و اليمن و ليبيا ... .. معارك يقتل فيها المسلم أخاه المسلم ، كل طرف يتهم اﻵخر بالكفر. .. في البلدان اﻹسلامية لم يعد هناك إسلام ولكن طوائف متعصبة متعادية .... كل طائفة تتمنى فناء الطائفة اﻷخرى رغم أن جميعهم طوائف مسلمة تقرأ نفس الكتاب المقدس . أنا متأكد تماما بأن كثير من المفكرين العرب وخاصة أساتذة اللغة العربية سيرفضون ما كتبته عن مسرحية نهر الجنون ، وسيدعون أن هذه المسرحية التي وضعت في الكتب المدرسية هي عمل أدبي رائع حيث توفيق الحكيم فيها يمزج بين الواقعية والرمزية وأنه يقصد شيء آخر. .وما إلى ذلك. .. للأسف فهذه الطريقة في نقد الروايات واﻷعمال الفنية التي كثرت في عصرنا الحاضر ليس إلا نوع من غسيل الدماغ الذي يبدع فيه جدا فلاسفة ونقاد العصر الحديث ، فكثيرا ما يستخدمون مثل هذا النوع من النقد ليرفعوا قيمة عمل فني ما رغم أن مستواه الفني واﻷدبي منحط ، فالجميع يعلم أن عصرنا الحاضر هو عصر نظام (ستار سيستم ) فكم من اﻷعمال السخيفة أصبحت أعمال عالمية بسبب كثرة الد عايات التي تمت من أجل ترويج تلك اﻷعمال وأفضل مثال على ذلك هي روايات هاري بوتر ،وكم من اﻷعمال الجيدة بقيت على رفوف المكتبات ﻷن الأسواق التجارية أغلقت أبوابها أمامها ولم ترى النور ليقرأها الناس . ﻷسف أكبر مشكلة يعاني منها نقاد اليوم هي ضعف البصيرة ، هذه البصيرة التي أسميها في مؤلفاتي عين الروح. شعوري هذا عن إنحطاط فكر علماء ومفكري العصر الحديث كان يقوى مع مرور اﻷيام ومع قراءة كل كتاب مدرسي أو غير مدرسي ، فوجدت نفسي أشعر بأن الكتب المدرسية والغير المدرسية أصبحت خالية من نور الله ،وأن كل تفسيرات مفكري وعلماء العصر الحديث هي تفسيرات ضعيفة ﻷن المنهج العلمي الحديث منهج ضعيف البصيرة ذو منطق مادي سطحي فقير روحيا ، لذلك فهو عاجز عن رؤية مضمون اﻷشياء واﻷحداث ، لذلك وجب علي أن أبحث بنفسي عن تفسير كل ما أراه من حولي ، وأن أسمح لنفسي فقط أن أستخدم المعلومات الملموسة التي وصل إليها علماء العصر الحديث ، فمثلا. . متوسط بُعد كوكب الأرض عن الشمس هو 149،6 مليون كم متر ، هذه معلومة ملموسة يوافق عليها جميع العلماء ولا يوجد أحد يشك بصحة هذه المعلومة ويمكن قياسها للتأكد من صحة الرقم. .. أما رأي علماء الفضاء الذي يقول بأن إكتشاف كوكب مشابه جدا لكوكب اﻷرض يعني هناك إحتمال كبير وجود حياة على سطحه ، فهذه المعلومة ليست ملموسة وأرفض صحتها ﻷن الحياة تعني روح والروح لها قوانين أرقى بكثير من تلك القوانين المادية الفقيرة التي يعلمها علماء العصر الحديث عن المعنى الحقيقي لمفهوم الحياة . رغم إيماني المطلق بالله ، ولكن كان شعوري في تلك الفترة - فترة التكوين الفكري والجسدي - بأنني وحيد من حيث نوعية القاعدة الفكرية الروحية التي أعتمد عليها ، والتي تختلف نهائيا عن القاعدة الفكرية المادية التي تعتمد عليها اﻷغلبية ، هذا الشعور بالوحدة ، دفعني في تلك اﻷيام إلى كتابة كلمات مناجاة تكون لي كدعاء إلى رب العالمين ليساعدني في طريقي وفي الوقت نفسه تذكرني دوما بما رأته عيني في سن الطفولة. .إنتحار الطفلة سعاد وإنتحار المرأة المسكينة، لكي لا أنسى أن وجودي في ذلك الحي لم يكن صدفة ولكن خطة إلهية تفسر لي سبب وجودي في هذه الحياة والهدف الذي يجب أن أصل إليه .. فكان دعائي يقول: من صميم الفجر آت صوتي. ..بكائي من جرح عميق في القلب أحدثته طلقة لم تستجب دعائي أيتها اﻷيام يا آتية من سفر اﻷحلام هذا قلبي في صدري إن أردت... مزقيه هذا جلدي على جسدي إن أردت. ... أحرقيه هذا "أنا " إفعلي بي ما شئت ولكن دعيني ولو مرة واحدة أقف أمامك يوما وكلي كبرياء. كثير من المفكرين يحاولون تفسير ما يحدث اليوم وخاصة بعد حدوث اﻷزمة اﻹقتصادية العالمية وما حدث في الدول العربية والتي سماها البعض الربيع العربي حيث بدلا من أن يأتي الربيع الى البلدان العربية دخلت البلدان العربية في جحيم الحروب اﻷهلية ، الجميع اليوم الكبير والصغير واﻷعمى والبصير أصبح متأكدا تماما بأن اﻹنسانية تعيش فعلا في عصر إنحطاط روحي فظيع ، وأنها فعلا قد وصلت إلى طريق مسدود ﻷنها وصلت إلى القاع وبعد القاع لا يوجد سوى الفناء . وكثير من أولئك المفكرين الذين كانوا قبل سنوات قليلة يمدحون بالمنهج العلمي الحديث ويطالبون شعوبهم باللحاق بالدول الغربية أصبحوا اليوم يهاجمون العصر وكل ما حدث فيه .الجميع يعلم أن المشاكل التي تعاني منها اﻹنسانية أصبحت أعقد بكثير من المستوى العقلي للإنسان ، فقط أن نعلم كمثال بسيط أن اﻹتحاد اﻷوربي عندما دخلت اليونان في اﻷزمة اﻹقتصادية اتت بأفضل العقول اﻹقتصادية لتضع برنامجا لإنقاذ اقتصاد اليونان بأسرع وقت ، ولكن بدلا من أن يجد علماء اﻹقتصاد حلا للاقتصاد اليوناني إستمر الاقتصاد في اﻹنهيار وكل فترة وفترة نجد اﻹتحاد اﻷوربي يعترف بأن القوانين التي وضعت لحل مشكلة اليونان اﻹقتصادية كانت خاطئة وأتت بنتائج عكسية ، يكفي أن نعلم أن نسبة اﻹنتحار في اليونان قبل اﻷزمة كانت لا تتجاوز ( 3 أو 4) أشخاص سنويا ، ولكن بعد دخولها في اﻷزمة وخلال خمس سنوات فقط وصلت عدد ضحايا اﻹنتحار في اليونان إلى أكثر من 13 الف ضحية. القرآن الكريم بأرقامه يعطينا فكرة عن صميم المشكلة التي تعاني منها اﻹنسانية اليوم . وسنحاول توضيحها بشكل مختصر. عدد آيات القرآن الكريم من بدايته (سورة الفاتحة ) إلى نهايته ( سورة الناس ) يعادل 6236 آية إذا كتبنا هذه اﻷرقام باﻷرقام الهندية التي تستخدمها البلدان العربية سنجد أن هذه اﻷرقام لها الشكل الجانبي لوجه جانبي إنسان بدون أنف ينظر إلى السماء كما توضح الصورة في اﻷسفل، هذا التشابه بين شكل اﻷرقام ووجه اﻹنسان بدون أنف لم يحدث صدفة ولكن علامة إلهية تفسر لنا ما يحدث اليوم ، وهي ليست إلا رمزا للإنسان القرد أي من يعتقد أن أصله قرد ، فالفرق بين وجه اﻹنسان ووجه القرد هو غياب نتوء اﻷنف في وجه القرد ( الصورة). فالقرآن الكريم يقول لنا إذا نظرنا إلى اﻹنسا ن نظرة مادية فقيرة ستجعلنا نعتقد بأن أصله قرد ﻷنه فعلا هناك بعض الشبه ، أما إذا نظرنا إلى اﻹنسان نظرة شاملة روحية ومادية عندها سنشعر بوجود ذلك الجزء من روح الله في تكوينه وعندها سنشعر بأن اﻹنسان كائن فريد من نوعه ويختلف عن جميع الكائنات اﻷخرى. لذلك الحكمة اﻹلهية في تصميم القرآن الكريم أضافت آية أخرى إلى آياته وهي ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) التي تقرأ ولا تكتب. هذه اﻵية تحمل معنى أن اﻹنسان لم يولد على سطح اﻷرض ولكنه ولد في مكان آخر وهو الجنة وبسبب إرتكابه الخطأ تم طرده إلى كوكب اﻷرض ، لذلك رقم هذه اﻷية لا يضاف إلى أرقام آيات السور ولكن يوضع في منتصفها ﻷنها تعبر عن ذلك الجزء من روح الله الذي نفخه الله في اﻹنسان. فإذا أضفنا هذا الرقم إلى الشكل السابق سنحصل على شكل جانبي لوجه إنسان ينظر إلى السماء بشكله الصحيح ( الصورة ). اﻹنسانية اليوم تعيش نهاية مرحلة تطور وكما تقول اﻵية القرآنية 166 من سورة اﻷعراف ( فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين ).. هكذا هو وضع اﻹنسانية اليوم التي وصلت بها اﻷمور أن يؤمن معظم علمائها بصحة نظرية أصل اﻹنسان قرد. فتحول كوكب اﻷرض إلى كوكب قردة ، لذلك سجل التاريخ في صفحاته ( لم يعرف التاريخ وحشية مثل وحشية إنسان القرن العشرين ). .. ﻷن القرد إذا وضع به عقل مثل عقل اﻹنسان فإن أول ما سيفعله هو أن يظهر حقده على اﻹنسان ويقوم بتدمير كل شيء إنساني وهذا ما فعله تماما الشيطان في الجنة ، واﻵن الكائن السفلي (الغرائز الحيوانية ) في اﻹنسان الذي يسيطر على سلوكه يحاول تدمير كل شيء جميل ليمنع اﻹنسانية من تكوين جنة أرضية تماثل جنة الخلد لتثبت اﻹنسانية أنها كفرت عن خطيئتها . يقول الحديث الشريف ( بدأ اﻹسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء )، الله يمهل ولا يهمل وقريبا إن شاءالله سينتهي عصر إنسان القرد وستدخل اﻹنسانية بمرحلتها الجديدة لتبدأ الكتب المقدسة من جديد وتأخذ آياتها معاني جديدة مناسبة لهذه المرحلة الجديدة التي تعيشها اﻹنسانية ، حيث اﻹنسان هذه المرة سيشعر في داخله بأرقى أنواع اﻹنتماء وهو اﻹنتماء إلى عائلة كبيرة تسمى اﻹنسانية. أتمنى لجميع القراء عاما سعيدا يحمل في طياته روح السلام و المحبة واﻹخاء بين جميع شعوب العالم وطوائفه.

وسوم: العدد 650