خواطر من الكون المجاور ..الخاطرة 89 : فلسفة الرياضة

تشهد القارة اﻷوروبية هذه اﻷيام موسم مباريات اﻷمم الأوروبية لكرة القدم ( كأس أوروبا ) ،وفي الوقت نفسه أيضا تشهد القارة اﻷمريكية مباريات اﻷمم اﻷمريكية ( كأس أمريكا) ، ويتابع عشاق كرة القدم في مختلف بلدان العالم هذه المباريات بكل لهفة وحماس من خلال الشاشات التلفزيونية ، وﻷول مرة في تاريخ كرة القدم تم تنفيذ قانون منع المصوريين من تصوير أي مشهد عنف يحدث داخل الملعب لكي لا ينتقل العنف خارج الملعب . ولكن رغم ذلك تشهد أماكن عديدة خارج الملاعب أحداث عنف وأعمال شغب من مشجعي الدول المشتركة في المباريات ، حيث شهدت شوارع مدينة مرسيليا الفرنسية في يوم 10 حزيران صراع دموي بين مشجعي روسيا ومشجعي إنجلترا دام لمدة يومين أسفر عن عدد كبير من الجرحى وبعضهم في حالة خطرة باﻹضافة إلى الخسائر المادية التي أصابت المحلات التجارية في المنطقة نتيجة أعمال الشغب التي حدثت هناك ، والتي أجبرت رجال الشرطة في التدخل و إستخدام قنابل الغاز المسيل للدموع للتفريق بين الطرفين.

وقد أكد موقع " فوريست إيكو " اﻹنجليزي أن اﻹتحاد اﻷوربي لكرة القدم " يويفا " يدرس إمكانية إيقاف وإلغاء مباريات كوبا أوروبا المقامة حاليا في فرنسا بسبب أعمال الشغب والعنف التي ترافق المباريات ، والتي بلغت ذروتها بعد مباراة روسيا إنجلترا.

العنف وأعمال الشغب في الملاعب ليست ظاهرة جديدة تحدث هذا العام ، فقد شهد العالم في مايو 1964 في العاصمة البيروفية ليما بسبب إلغاء هدف ﻷصحاب اﻷرض في الدقائق اﻷخيرة من المبارة ضد اﻷرجنتين في إثارة غضب الجماهير فكان نتيجته 318 قتيل وأكثر من 500 جريح. وفي عام 1971 في مباراة بين فريق اسكتلاند سلتيك وفريق جلاسجو ﻵينجرز حيث تغير نتيجة المباراة في الثواني اﻷخيرة أسفر عن مقتل 66 شخص وعدد كبير من المصابين. وفي عام 1974 في اﻷرجنتين كان ضحية العنف في الملاعب 74 قتيلا وإصابة أكثر من 150 شخص. أيضا في عام 1982 في مباراة بين الفريق الروسي سبارتك موسكو والفريق الهولندي هارليم كان عدد الضحايا 340 قتيلا.

العنف وأعمال الشغب في الملاعب تعتبر ظاهرة عالمية تحدث في جميع بلدان العالم ، في مصر مثلا في اﻷول من فبراير عام 2012 في مباراة بين اﻷهلي والمصري البورسعيدي ، راح ضحيتها أكثر من 70 شخص نتيجة أعمال الشغب في شوارع بورسعيد. وأيضا في مباراة أخرى بين الزمالك وإنبي في الدوري 2014-2015 فأسفرت نتيجة اﻹشتباكات بين قوات اﻷمن ومشجعي فريق الزمالك إلى 22 قتيل.

للأسف ظاهرة العنف في الملاعب إنتقلت من ملاعب كرة القدم إلى جميع أنواع الألعاب الرياضية اﻷخرى ،حتى أصبح الوضع أنه من المستحيل أن يستطيع اﻷب أن يأخذ أطفاله إلى الملاعب لمشاهدة مباراة رياضية ، ﻷن الملاعب الرياضية والتي كانت تعتبر رمز من رموز التقدم الحضاري تحولت اليوم إلى ساحة معارك دامية لا تدل إلا على التعصب اﻷعمى والهمجي بين مشجعي الفرق الرياضية.

من يتمعن جيدا في المعنى الحقيقي لكلمة رياضة وما يحدث اليوم في الملاعب الرياضية سيجد تناقضا كبيرا بينهما ، فكلمة رياضة مصدرها ترويض والمقصود بالترويض هنا هو ترويض الغرائز الحيوانية ليتم إستخدامها بالشكل المثالي لتساهم في تحويل اﻹنسان من كائن همجي بربري إلى كائن مسالم يتحلى بالأخلاق الحميدة والقيم السامية. لشرح هذه الفكرة بشكل أفضل سنتكلم عن تاريخ الرياضة وأسباب ظهورها كظاهرة حضارية.

ممارسة الرياضة تعتبر حدث قديم تعود جذوره إلى ما قبل التاريخ فقد تم العثور على لوحات رسم في كهوف لاسكو الفرنسية يعود تاريخها إلى أكثر من سبعة عشر ألاف عام تصور ألعاب رياضية كالجري والمصارعة. وفي وادية سورة في ليبيا كانت تمارس السباحة والرماية في عام 6000 قبل الميلاد ، وأيضا هناك آثار أخرى تدل على ممارسة الرياضة في مناطق أخرى من العالم في فترة العصر الحجري، ولكن الرياضة بمعناها الحقيقي كمظهر من مظاهر التقدم الحضاري ظهرت في اليونان والتي سميت بإسمها المعروف حتى اليوم ب ( الألعاب اﻷولمبية ) .

في عام 776 قبل الميلاد ، سأل إفيتوس ملك مدينة إليذا اﻹغريقية مُنجِّم معبد دلفي عما يجب عليه أن يفعله من أجل إنقاذ اليونان التي كانت تعاني من اﻷمراض ومن الحروب بين جيوش دويلاتها ، فأخبره المنجم بأنه يجب عليه تجديد اﻷلعاب اﻷولمبية. في ذلك العام تم تسجيل أول نتائج هذه اﻷلعاب ، و ذلك العام وبفضل هذه اﻷلعاب كان قد فجر الحضارة اﻹغريقية والتي ثمارها الفكرية تدرس اليوم في جميع مدارس وجامعات العالم. الألعاب اﻷولمبية التي لعبت دورا كبيرا في تطوير بلاد اﻹغريق قد تتشابه ظاهريا مع الألعاب اﻷولمبية أو اﻷلعاب الرياضية التي تحدث اليوم ولكن في حقيقتها كانت تختلف نهائيا. ﻷن الألعاب اﻷولمبية القديمة كانت من وحي إلهي ، أما اﻷلعاب الرياضية اليوم فهي من فكر منطق مادي أعمى روحيا.

الله عز وجل عدا الكتب المقدسة أوحى لبعض الناس بأفكار وصور والتي منها نتجت ما نسميه أساطير، هذه اﻷساطير هي حكايات تساعدنا في فهم بعض الأشياء الروحية والتي يصعب على عقل اﻹنسان إكتشافها بمفرده ، رغم أن كثير من هذه اﻷساطير عبر التاريخ تم تشويهها فظهرت بصور مختلفة عن شكلها البدائي ولكن اﻷساطير التي جاءت من عند الله بقيت كما هي كمضمون، ومن يبحث في رموز اﻷساطير ويقارنها بقصة الخلق وقصص اﻷنبياء ، وباﻹستعانة بالعلوم المختلفة يمكن للباحث أن يحدد تلك اﻷساطير التي بقيت كما أوحى بها الله في شكلها الصحيح. إحدى هذه اﻷساطير هي اﻷسطورة اﻹغريقية عن ظهور الالعاب اﻷولمبية.

اﻷسطورة تذكر أن إله الزمن ( كرونوس ) قتل والده وإستولى على عرشه، وﻷن والده قبل موته قد أخبره بأن أحد أبنائه سيفعل به كما فعل هو بأبيه ، لذلك راح يلتهم كل طفل مذكر تنجبه له زوجته ليحافظ على حياته وعرشه. وعندما رأت زوجته ( ريا ) يلتهم إبنها ( آذيس ) ثم إبنها الثاني (بوسيذون ) قررت أن تحتال على زوجها لإنقاذ حياة أطفالها. لذلك عندما أنجبت إبنها الثالث ( زيوس) أرسلته إلى جزيرة كريت ليكبر هناك بعيدا عن أعين زوجها ، وبدلا منه راحت وقدمت لزوجها حجرة على شكل طفل رضيع ،فأخذها وإلتهمها ظانا بأنه إبنها الجديد.

عندما كبر اﻹبن الثالث زيوس وأصبح شابا عاد إلى بلاده لينتقم من أبيه ، وطلب المساعدة من زوجته ( ميتيس) ، وهذه بدورها ذهبت وأعطت إله الزمن ( كرونوس ) شرابا جعله يتقيأ ويخرج إخوة زيوس (أذيس وبوسيذون ) من معدته. وهكذا وبمساعدة إخوته اﻹثنين شن زيوس معركة ضد أبيه دامت عشر سنوات ومعروفة بإسم ( صراع الجبابرة ) حيث إنتصر فيها زيوس على أبيه وأخذ العرش منه، تماما كما تنبأ له والد كرونوس قبل وفاته.ومنذ ذلك الوقت راح سكان تلك المنطقة المعروفة اليوم بإسم ( أولمبيا ) يقومون بتنظيم اﻷلعاب اﻷولمبية كل أربع أعوام إحتفالا بذكرى إنتصار زيوس على أبيه كرنوس .

للأسف جميع العلماء والمفكرون - وخاصة علماء الدين - ينظرون إلى هذه اﻹسطورة على أنها خرافة من خرافات الشعوب القديمة، لذلك فهم لا يحاولون الربط بين ما يحدث في هذا الكون وبين أحداث هذه الأسطورة، ولكن من يتمعن بها جيدا ويحاول فهم مضمونها يستنتج أنها ليست من عقل إنسان ولكنها من عند الله ،وأن أحداثها لها معاني رمزية تساعدنا في فهم الناحية المادية لقصة الخلق. فقصة الخلق المذكورة في الكتب المقدسة هي القسم الروحي منها أما اﻷساطير فهي قسمها المادي لذلك حتى نفهم قصص الكتب المقدسة وعلاقتها بتكوين اﻹنسان وتطوره لا بد من دمجها مع اﻷساطير التي تناسبها.

كما تذكر اﻷسطورة بأن إنتصار ذيوس على والده كرونوس كان عبارة عن نهاية حقبة زمنية مظلمة يسودها التخلف والفوضى وتسيطر عليها مخلوقات عمالقة معروفة بإسم ( تيتان ) لها أشكال وحشية غريبة ، وكان هذا اﻹنتصار أيضا بداية لحقبة جديدة يسودها النور والقوانين العادلة ، تسيطر عليه قوى الخير لها أشكال جميلة ومتناسقة في التكوين الجسدي.

يمكن فهم الهدف الحقيقي من تنظيم اﻷلعاب اﻷولمبية من خلال شكل الجبين المستقيم في التماثيل اﻹغريقية ( الصورة ). فالجبين المستقيم هو رمز السلام في الثديات ، حيث تتميز جميع الثديات العاشبة ( حصان، غزال، خروف.....إلخ) بجبين مستقيم مشابه لجبين المرأة وجبين الطفل ، بينما الثديات المفترسة ( ذئب، نمر، دب ....إلخ ) بجبين منكسر مشابه لجبين الرجل ( كما توضح الصورة ) . اﻷلعاب أولمبية كان هدفها ترويض الكائن الحيواني ( الغرائز الحيوانية ) في الرجل وتحويل غريزة القتل فيه إلى عاطفة سلام من خلال تحويل شعور حب العنف والمشاجرة مع اﻵخرين من شكله العدائي إلى شكله السلمي عن طريق المشاركة في المباريات الرياضية التي تجعله يشعر بالتسلية والمتعة وفي نفس الوقت يكتسب جسدا قويا متناسقا من خلال التمرين واﻷلعاب. وبشكل عام كان هدف اﻷلعاب اﻷولمبية هو تناسق النمو في الناحيتين الروحية والجسدية. لذلك كانت جائزة الفائز اﻷولمبي تاج من أوراق الزيتون البري يوضع على رأسه ، وكما شرحنا في الخاطرة الماضية الزيتون هو رمز السلام والحكمة.

في الألعاب اﻷولمبية القديمة بجميع أنواعها كان يشارك بها الرجال فقط . ولكن كان مسموح للنساء العذراوات المشاركة فقط في سباق الخيول والجري لمسافة 160 متر . وهذا ليس صدفة ولكن له معنى رمزي بأن المرأة كائن مسالم خالي من غريزة العنف لذلك لا تحتاج إلى ممارسة الرياضات العنيفة كالمصارعة ورمي القرص ورفع اﻷثقال وغيرها.

في موسم اﻷلعاب اﻷولمبية كان هناك قانون ينص على فرض السلام بين جميع المقاطعات اليونانية ،وكانت جميع المقاطعات تطبق هذه المعاهدة بكامل حذافيرها. فكان الشعب اليوناني في جميع أنحاء البلاد خلال تلك اﻷيام يعيش في حالة سلام وطمأنينة. وكثير من المشاكل التي كانت ستؤدي إلى نشوب الحروب بين جيوش المقاطعات قبل اﻷلعاب، كانت الحالة النفسية التي تعيشها البلاد أثناء موسم المباريات اﻷولمبية تهدأ النفوس وهذا ما كان يساعد في إيجاد حلول سلمية لتلك المشاكل.

من يبحث في مضمون الظواهر واﻷشياء سيجد أن الألعاب اﻷولمبية القديمة كانت أكبر عامل ساهم في نشوء وإزدهار الحضارة اﻹغريقية كما نعرفها اليوم . ولكن للأسف في القرن الخامس الميلادي وبسبب بعض المتعصبين المسيحيين الذين راحوا يدمرون كل شيء له علاقة بالديانات الوثنية، تم أيضا منع تنظيم دورات الألعاب اﻷولمبية . فدخلت بلاد اليونان و أوروبا بأكملها شيئا فشيء في عصور اﻹنحطاط المعروفة بعصور القرون الوسطى.

في عام 1896 تم تنظيم أول ألعاب أولمبية شاركت بها 13 دولة. ولكن هذه المرة وبسبب سيطرة المنطق المادي على المنهج العلمي تم تنظيم هذه اﻷلعاب بمفهومه السطحي، يختلف نهائيا عن المفهوم الحقيقي لهذه اﻷلعاب لذلك نجد أنه بدلا من أن تساهم اﻷلعاب اﻷولمبية الحديثة في تحقيق السلام العالمي حدث العكس تماما ، فبعد سنوات قليلة من بدء تنظيم هذه المباريات شهدت أوروبا حربا عالمية وهي الحرب العالمية اﻷولى والتي راح ضحيتها أكثر من 17 مليون بين قتيل ومفقود ، وبعدها بسنوات قليلة نشبت الحرب العالمية الثانية والتي كان ضحاياها أكثر من 73 مليون قتيل من مدنيين وعسكريين. وأصبح ذلك القرن الذي بدأ به تنظيم اﻷلعاب اﻷولمبية من أعنف وأوحش القرون في تاريخ اﻹنسانية. وما حدث في العصر الحديث له معنى واحد وهو أن مفكري العصر الحديث بشكل عام يعانون من قصر البصيرة أو بمعنى آخر يعانون من العمى الروحي ، وأكبر دليل على ذلك هو السماح للمرأة في عام 1928 بالمشاركة في جميع العاب اﻷولمبية دون أي إستثناء مثلها مثل الرجال تماما، فأصبحت المرأة تشارك في مباريات حمل اﻷثقال ، ورمي القرص والكرة الحديدية والمصارعة والملاكمة وجميع أنواع ألعاب العنف التي تتطلب جهد عضلي كبير ، هذا النوع من الرياضة أدى إلى زيادة الهرمونات الذكرية على حساب الهرمونات الأنثوية في جسد المرأة . للأسف بعدما كانت اﻷلعاب اﻷولمبية تلعب دور في كبح الغرائز عند الرجل ليتحول إلى كائن عاطفي مسالم ،أصبحت هذه اﻷنواع من الرياضات الرجالية العنيفة تقوم بتشويه مفهوم التكوين الروحي للمرأة في نظر الجميع النساء والرجال واﻷطفال ، فتحولت المرأة من كائن عاطفي ينبع منه الحنان والجمال والسلام إلى كائن مادي غريزي أناني لايهمه سوى شكله الخارجي . ومع تحول المرأة إلى كائن ذكري تحولت اﻹنسانية بأكملها إلى مجتمع تسيطر عليه الهرمونات الذكرية فجعلته كطفل يتيم اﻷم فقير روحيا من كل شي عاطفي سامي .

اليوم نجد نجوم الرياضة بدل أن تكون جائزتهم تاج بسيط من أوراق الزيتون البري، أصبحت الرياضة إحتراف ومهنة مربحة جدا وأجورهم قد تصل إلى عشرات الملايين من الدولارات سنويا ، فتحول نجوم الرياضة إلى أشخاص أغنياء جدا ،وهذه الثروة المالية الضخمة التي تأتي إليهم جعلتهم يعتقدون أنفسهم وكأنهم آلهة يسمحون ﻷنفسهم أن يفعلوا كل ما تشتهيه رغباتهم ، فتحول مجتمع الرياضة إلى مجتمع يروج الفضائح الجنسية ، وتحولت المباريات إلى مراهنات ووسيلة للعب الميسر والقمار، فأصبحت الرياضة سببا في دمار عائلات كثيرة نتيجة الخسارات المالية الفادحة التي تحصل في المراهنات. وأصبحت نوادي الفرق الرياضية مراكز تجارية همها فقط الربح المالي. ولضمان ذلك ظهرت جرائد رياضية وقنوات تلفزيونية عديدة تهتم فقط بأخبار الرياضة ، وظهرت الدعايات التي تحفز الناس على تشجيع الفرق الرياضية ، وشيئا فشيء بدأت روح التعصب اﻷعمى تنمو في نفوس المشجعين ، وتحولت الرياضة إلى ديانة وثنية جديدة تتلاعب بعواطف المشجعين بكل سهولة، فتجعلهم يفقدون جميع أحاسيسهم المنطقية ليتحولوا إلى كائنات أنانية لا يهمها سوى فوز فريقها بأي شكل من اﻷشكال ، وعندما كانت ترى أن فريقها قد خسر المباراة يجن جنونها فتنزل إلى ساحة الملعب لتهاجم الحكم أو أعضاء فريق الخصم ،أو تخرج الى الشوارع لتعبر عن غضبها بأبشع الطرق. فتحرق المحلات التجارية و السيارات والباصات ووتدمر كل شيء تصادفه أمامها.....كائنات تعيش حالة من الهلوسة بحيث لا يوجد منطق يستطيع إقناعهم عقليا ﻹيقاف سلوكهم العدوانية بسبب خسارة فريقهم ،هكذا فقط بسبب خسارة فريقهم.

للأسف رياضة اليوم ليس لها أي علاقة بتلك الرياضة التي ساهمت في الماضي في ولادة وإزدهار الحضارات، ورغم أن جميع وزارات الرياضة في دول العالم تعاني من مشكلة العنف والشغب في الملاعب ، ولكن جميع قراراتهم كانت سطحية بلا فائدة ﻷن أبحاثهم مع اﻷسف جميعها حتى اليوم كانت خارج الموضوع. فأهم أسباب ظاهرة العنف والشغب في الملاعب هو المنهج العلمي الحديث الذي يعتمد على المنطق المادي والذي أهمل البعد الروحي للأشياء واﻷحداث والذي بدوره ساهم في حذف الشعور بوجود الله بشكله الروحي من نفوس الناس فتحول اﻹنسان إلى كائن مادي بدون أي إحساس روحي فعلي ،( الموضوع تم شرحه بشكل مفصل في الخاطرة 28 :خدعة قرن ال 19 ) والذي أدى إلى ظهور العنف وحب الدمار في جميع نواحي الحياة، هذه الفكرة عبر عنها اﻷديب والفيلسوف الروسي فيودور ديستوفسكي في روايته الخالدة ( اﻷخوة كارامزوف ) حيث ذكر فيها عبارته الفلسفية الشهيرة " إن لم يكن الله موجود فإن كل القيم واﻷخلاقيات تسقط عن نفسها ويصبح كل شيء مباح من أصغر الذنوب إلى أبشع الجرائم ) وللأسف اليوم كثير من رجال الدين -من كافة الديانات- شعورهم بوجود الله ليس فقط شعور ببغائي غير نافع لا بل في كثير من اﻷحيان نوعية شعورهم بمفهوم كلمة الله مضر للمجتمع.

وسوم: العدد 673