خواطر من الكون المجاور..الخاطرة 98 : روح اﻹتحاد
يقول الحديث الشريف " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال " ، إذا أخذنا هذا الحديث بمعناه الحرفي سنجده يتناقض مع حقيقة ما يحصل في الواقع ، فبعض الخوارج مثلا يحفظون سورة الكهف بأكملها وربما سور عديدة أخرى من القرآن ولكن ومع ذلك نجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفهم بأنهم ألد أعداء اﻹسلام وقد ذكر السبب حيث أن قراءتهم للقرآن لا يجاوز تراقيهم وأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. فالمقصود من الحديث الشريف ليس المعنى الحرفي له ولكن المقصود منه هو فهم المضمون الرمزي لهذه السورة وهذه اﻵيات.
الحكمة اﻹلهية في تصميم القرآن الكريم من خلال الحديث الشريف الذي ذكرناه تعطينا أهم رموز أعور الدجال والتي تكشف لنا حقيقته وأسلوبه في تضليل الناس، ولكن الحكمة اﻹلهية هنا هي أيضا - كما سنرى بعد قليل - تخبرنا بأنه حتى نصل إلى فهم حقيقة اﻷعور الدجال لا بد أيضا من اﻹستعانة بالكتب المقدسة المسيحية واليهودية ، فبدونها سيجعل معنى الحديث سطحي يناقض ما يحدث في الواقع حيث أن حفظ اﻵيات العشر المذكورة سيكون بشكل ببغائي لا ينفع ولا يضر. فأهم صفة تعصم المؤمن من أعور الدجال هو التعاون بين هذه اﻷديان ، حيث أن أهم أهداف أعور الدجال هو زرع العداوة والبغضاء بين المؤمنين.
من يبحث في مضمون اﻷمور يجد أن كل ديانة سماوية أعطت روح السوء بعض الرموز ، ولكن لفهم حقيقة هذه الروح وأسلوب خداعها للمؤمنين لا بد من توحيد هذه الرموز لتظهر هذه الروح بشكلها الحقيقي. وللأسف فإن عدم تعاون علماء هذه الديانات مع بعضهم البعض جعلت من أعور الدجال شخصية أسطورية لا مكان لها في الواقع. لذلك سنحاول ذكر ما تعرضه كل ديانة من رموز عنه لنستطيع فهم حقيقة هذه الروح.
إذا تأملنا اﻵية ( 18) من اﻹصحاح 13 في سفر (رؤيا يوحنا اللاهوتي ) رأيناها مكتوبة وفي جميع اللغات ( ما عدا اليونانية ) بهذا الشكل :
" هنا الحكمة ،من له فهم فليحسب عدد الوحش، فإنه عدد إنسان وعدده ست مئة وستة وستون ".
تبدو اﻵية هنا وكأنها تعارض نفسها ، فالرقم 666 يظهر فجأة بدون أن يكون هناك علاقة بين إستخدام الحكمة وبين التفكير العلمي للوصول إلى فهم هذه الصلة بين الوحش ورقم 666. ولكن إذا عدنا إلى النسخة اليونانية والتي منها تم ترجمتها إلى جميع لغات العالم ، نجد أن هذه اﻵية مكتوبة بطريقة مختلفة قليلا ، فهي مختومة بهذه العبارة :
"..... فإنه عدد إنسان وعدده هو ΧΞΣ (ست مئة وستة وستون ) " .
أي أن عدد الوحش هنا هو ( ΧΞΣ ) أما الرقم 666 فهو تفسير لهذه اﻷحرف. أي أن عملية استخدام الحكمة والفهم يجب أن تتم هنا بتحليل ودراسة اﻷحرف ( ΧΞΣ )، ونتيجة هذا البحث توصلنا إلى الرقم 666، هذا الرقم لم يكن مذكورا حين كتبه القديس يوحنا اللاهوتي ،ولكن تم الوصول إليه عن طريق المسيحيين اﻷوائل الذين كانت لهم معارف عالية في النظام الرقمي للغة اليونانية. فإذا تمعنا في هذه اﻷحرف ( ΧΞΣ ) التي تمثل روح اﻷعور الدجال 666 وجدنا أنها أحرفا يونانية ، وحسب نظام الكابالا اليونانية التي إستخدمها الفلاسفة الفيثاغوريون في أبحاثهم الفلسفية ، رأيناها لا تعادل الرقم 666 ولكن 860 :
وهذا يعني أن الحرف الثالث Σ قيمته 6 وليس 200 ، ولكن إذا تمعنا جيدا في أشكال كتابة هذا الحرف سنجد أن أحد أشكاله مشابهة تماما للرقم 6 ( Σ. ς. σ. C ) ، مما يعني أن القسم الثالث من رمز أعور الدجال ليس حرفا يونانيا ( σ) ولكن رقم عربي 6. كما هو في رمز روح الله ( Λ ا ) تماما حيث نصفه يوناني ( Λ) ونصفه اﻷخر عربي ( ا ) . أي أنه عندما كتب يوحنا اللاهوتي هذا السفر ذكر رمز أعور الدجال بهذا الشكل ( ΧΞ 6 )ليعبر عن الرمز ( ا Λ ) المعاكس لرمز ( Λ ا ) . حيث الرمز ( ا Λ ) يعبر عن الحاجات المادية ، إي له معنى أن السعي إلى تأمين الحاجات المادية فقط دون اﻹهتمام بالحاجات الروحية ، يدفع سلوك اﻹنسان إلى إشباع شهواته الحيوانية، وهذه هي من أهم أهداف أعور الدجال. لذلك أعطاه اﻹسلام رمز ( أعور ) أي أنه يرى بعين واحدة فقط وهي العين اليسرى التي ترى مادية اﻷشياء واﻷحداث فقط ، ولا يستطيع رؤية روحها أي أنه ليس له المقدرة على رؤية مضمونها الذي يفسر سبب وجودها. لذلك فهو عاجز عن رؤية المخطط اﻹلهي في تطور اﻷحداث.
اﻵية رقم 9 من سورة الكهف تذكر (... والرقيم كانوا من آياتنا عجبا ) ، كلمة (الرقيم ) فيها معنى اﻹنسان الذي يدرك لغة اﻷرقام. وهذا يعني أن أهم الطرق للعصمة من الدجال هي محاولة فهم اﻷرقام التي تستخدمها الكتب المقدسة ﻷنها تساعد في فهم وتفسير المعنى الحقيقي لآياتها. وقد أشار الله عز وجل إلى هذه الفكرة في سورة المطففين حيث يصف كتابه المقدس بأنه ( كتاب مرقوم * يشهده المقربون ) . فالعبادة لها أهداف سامية وهي دفع المؤمن إلى تحسين سلوكه مع نفسه ومع الآخرين ، أما العبادة التي تدفع اﻹنسان إلى تنمية الحقد والعداوة لكل من لا ينتمي إلى نفس الديانة فهي عبادة تحقق أغراض شيطانية هدفها القضاء على الدين نفسه.
أيضا الحكمة اﻹلهية في تصميم سفر يوحنا اللاهوتي وضعت اﻵية التي تتكلم عن رمز روح السوء في اﻹصحاح رقم 13 هذا الرقم هو القيمة الرقمية لكلمة ( ΒΙΑ ) ومعناها عنف ،وحشية.
اﻵية 10 من سورة الكهف كما ذكرنا تحمل الرقم العام ( 2150 ) هذا الرقم يحمل في داخله أيضا صفة العنف ، حيث هذا الرقم هو في الحقيقة مجموع الرقمين ( 1841 + 309 ) حيث الرقم (1841 ) هو القيمة الرقمية لعبارة (اﻷعور الدجال ) في اللغة اليونانية ( ΑΝΤΙΧΡΙΣΤΟΣ ) أما الرقم 309 والذي تم ذكره في اﻵية رقم 25 من سورة الكهف (ثلاث مئة سنة وازدادوا تسعا ) فهو القيمة الرقمية لاسم إله الحرب والقتل في اﻷساطير اليونانية ( ΑΡΗΣ ). فروح أعور الدجال هدفها تنمية حب العداوة والبغضاء بين الشعوب ليساعد على نشوب الحروب والمعارك بينها.
إذا حسبنا القيمة الرقمية لعبارة ( القرآن الكريم ) حسب نظام الكابلا العربية وجدناها تعادل 2181 :
حيث الرقم (181) هو القيمة الرقمية لكلمة سلام في اللغة اليونانية ( ΕΙΡΗΝΗ) أما الرقم ( 2 ) فهو رمز ( عين تنظر إلى السماء) عند كتابته باﻷرقام الهندية ( γ ) . فالمعنى الرقمي لعبارة ( القرآن الكريم ) هو عين السلام. لذلك كانت الديانة التي تعتمد في عقيدتها على القرآن الكريم تحمل إسم ( اﻹسلام ) ومعناه الحقيقي هو فرض حب السلام على المسلمين.
للأسف القراءة السطحية ﻵيات القرآن الكريم دفع الكثير من المسلمين في الفترة اﻷخيرة في إستغلال آياته بهدف زرع العداوة والبغضاء في نفوس المسلمين وتحريضهم على إستخدام العنف والسلاح بحجة الدفاع عن اﻹسلام ، حيث نجد مثلا شعار حزب اﻹخوان المسلمين الذي وضعه حسن البنا مؤسس هذا الحزب حيث يذكر في آخره كلمة السيف ( إن اﻹسلام عقيدة و...و...و..ومصحف وسيف ) ولكن نجد أنه بدلا من أن تتحول الدول اﻹسلامية إلى دول متقدمة علميا وإقتصاديا حدث العكس تماما فتحولت إلى بلاد فقيرة متخلفة تفتك بها الحروب اﻷهلية حيث هذه الحروب أجبرت الكثير من سكانها في الهجرة إلى دول أخرى بحثا عن مكان آمن تستطيع العيش فيها ﻷن بلادها أصبحت تحت سيطرة روح الشيطان نفسه.
جميع الديانات السماوية لها هدف تنمية حب السلام بين المؤمنين ، فسفر التكوين الذي في بدايته قابيل ( قايين ) يقتل أخاه هابيل ،نجده ينتهي بقصة يوسف عليه الصلاة والسلام حيث من أهم الصفات التي كان يتصف بها يوسف هو نمو عاطفة السلام في سلوكه ، لذلك عندما أصبح وزيرا على مصر بدلا من أن ينتقم من إخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر نجده قد سامحهم وساعدهم في حمايتهم من الظروف القاسية التي حلت بهم بسبب سنوات العجاف.
هناك الكثير من المسلمين يعتبرون أن الكتب المقدسة اليهودية و المسيحية هي كتب محرفة ولا يمكن اﻷخذ بها نهائيا ، ولكن يجب أن نعلم بأن هذه الكتب هي كتب أنزلها الله عز وجل ومهما حاول البعض في تحريفها فروح الله ستبقى فيها ومن يحاول قراءتها بنية صافية هدفها الوصول إلى الحقيقة فالله عز وجل سيساعده في رؤية كل ما هو من عند الله في هذه الكتب. فجميع المسلمين لا يعترفون بصحة اﻹنجيل ﻷنه - مثلا -لا يذكر شيئا عن قدوم نبي بإسم (محمد أو أحمد ) كما هو مذكور في اﻵية 6 من سورة الصف ، وطبعا هم بحثوا في اﻹنجيل بقراءة حرفية ، ولكن لم يعلموا أن اﻹنجيل هو كتاب روحي يعتمد في معلوماته على الرموز واﻷرقام ، لذلك مهما بحثوا لن يجدوا كلمة (محمد أو أحمد ) في هذا الكتاب ، ﻷنه لا يوجد أصلا مثل هذا اﻹنجيل ، والسبب أن ذكر إسم النبي بهذه الطريقة الحرفية سيجعل من الكتب المقدسة كتب ذات معاني بسيطة تصلح لفترة زمنية بسيطة ولفئة محددة من الناس ، وهذا يتعارض مع طبيعة تصميم هذه الكتب ﻷنها كتب مقدسة كتبت بوحي من الله عز وجل معانيها تتجدد لتلائم جميع العصور ، لذلك تم ذكر إسم الرسول بطريقة رمزية وليست حرفية لتكشف أشياء عديدة عن شخصية هذا النبي وعن موعد قدومه.
وحتى نرى إسم النبي الجديد ، لنذهب إلى سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي ، فإذا حسبنا مجموع عدد اﻵيات من بدايته وحتى نهايته سنجد أنه يعادل 404 آية ، وإذا حسبنا مجموع تراتيب اﻹصحاحات من البداية وحتى اﻹصحاح اﻷخير (22) سنجد أن المجموع يعادل 253. فإذا جمعنا رقم مجموع اﻵيات مع رقم مجموع اﻹصحاحات :
الرقم 657 هو القيمة الرقمية ﻹسم ( محمد ) بنظام الكابالا العربية
سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي يذكر إسم النبي (محمد ) الذي سيأتي بعد عيسى عليه الصلاة والسلام بطريقة رقمية ، وبهذا الرقم نفسه أيضا يحدد موعد إنتهاء بعثته حيث الرقم 657 محسوبة هنا بالسنوات القمرية وهي تعادل 638 سنة شمسية وهو عدد السنوات من عام ولادة عيسى ( 6 قبل الميلاد ) وحتى عام 632 يوم إنتهاء نزول القرآن الكريم.
انظروا جيدا إلى القيمة الرقمية ﻹسم محمد ( 657 ) ..... في البداية قد لا نشعر بمعانيه الروحية ، ولكن إذا طبقنا عليه مبدأ رمز روح الله ،الذي يعتبر رمز معاكس لرمز روح أعور الدجال ( ΧΞ 6 ) ، أي أن الرمز يتألف من قسمين ، القسم اليميني هوالرقم سبعة وخمسون (57 ) والقسم اليساري هو ستة ( 6 ) ، فإذا حولنا القسم اليميني إلى أرقام هندية سيكون له هذا الشكل ( OV ) ، عندها سيصبح الشكل الرمزي ﻹسم ( محمد ) بهذا الشكل 6OV هذا الشكل هو الرمز المعاكس لرمز القيمة الرقمية لكلمة شيطان 9ΟΛ تسع مئة وثمانية وخمسون :
من هذه التحليلات تكشف لنا الحكمة اﻹلهية في تصميم الكتب المقدسة بأن كلمة ( محمد ) تتألف من قسمين ، القسم اﻷول هو (مح ) أي ( محى ) كما يذكر الرسول عن نفسه في الحديث الشريف( ...أنا الماحي. ..) ، والقسم الثاني هو (مد ) أي ( مد ووسع )، فالمقصود بإسم ( محمد ) بشكل عام هو الذي سيمحي الشوائب الشيطانية من روح المؤمنين وهو الذي سيتابع في تطوير ( توسيع ) الروح لتصل إلى شكلها الكامل ، وهذا هو نفس المعنى الذي يحمله أيضا إسم عيسى ، فلفظ إسم يسوع مشابه للفظ فعل ( يوسع ) أما إسم ( مسيح ) فله معنى ( يمسح ، يمحي ) . فظهور الديانة اﻹسلامية لم تكن لكي تمحي الدين المسيحي من الوجود ولكن لتتابع تنقية الروح العالمية من الشوائب الشيطانية ولتساهم في إستمرار تطورها وتوسيعها لتصل إلى الكمال.
أيضا سفر التكوين ( الكتاب اﻷول في التوراة ) يعطينا نفس المعنى الذي ذكرناه ، حيث أنه ينتهي بقصة يوسف ، ونجد ان راحيل أم يوسف عندما ولدته قالت هاتين العبارتين :
اﻷولى : إن الله قد نزع العار منها ( مسح الشوائب عنها)
الثانية : طلبت من الله أن يعطيها المزيد من اﻷبناء، إسم يوسف بالعبرية له معنى ( يزيد ، يوسع ) .
من خلال ما شرحناه أعلاه نستنتج أن التعاون بين اﻷديان يساهم في توضيح ميزات كل دين بشكل أفضل وليس كما يعتقد أولئك الذين عماهم التعصب الديني ،والذين يحاولون زرع العداوة والبغضاء بين الديانات بحجة المحافظة على نقاء دينهم. فالله عز وجل هو إله جميع شعوب العالم وليس إله حفنة قليلة من الناس ، فالتعاون واﻹخاء بين الشعوب هو الذي يفتح أبواب روح الخير بينها لتستطيع حل مشاكلها ولتستطيع الصمود أمام هذا التيار العالمي الذي يحطم جميع الروابط اﻹنسانية إينما ذهب ،حيث إن تحطيم الروابط اﻹنسانية معناه تحطيم الروابط بين أسماء الله الحسنى ، فكل إسم من هذه اﻷسماء الحسنى هو صفة من صفات الكمال ، والحكمة اﻹلهية في الخلق وزعت هذه الصفات على جميع شعوب العالم ، لذلك كان أهم أهداف الديانات العالمية هي تنمية المحبة والسلام في نفوس الناس لتحقيق اﻹتحاد الروحي العالمي ، وكذلك كانت أهم أهداف روح السوء هو زرع العداوة والبغضاء بين الشعوب واﻷديان ليمنع إتحاد هذه الصفات التي تحملها الشعوب المختلفة ليعيق اﻹنسانية في وصولها إلى الكمال الروحي والجسدي.
وسوم: العدد 683