هي الأجمل.. هي الأجمل!
صلاح حسن رشيد /مصر
ذاتَ صباحٍ خرجتُ من بيتي، وأنا موفور الصحة، أرى أبعد مما رأى وضَّاح اليمن، وأعدو أسرع من الظباء، وأقوى على مصارعة عنترة!
وفجأة؛ مادت بيَ الأرض من حيث لا أحتسب، واهتزت من حولي الأركان؛ فلا أشعر بشئ! فاعتلَّ جسدي، وفترت هِمتي، وضعف بصري، وبِتُّ أضعف خلق الله؛ هواناً على نفسي والآخرين!
فاحترتُ في أمري، وتساءلت عن خطبي!
فإذا؛ حوريةٌ-لا كالحوريات- ما رأت الدنيا لها مثيلاً في الحسن، والروعة .. نزلتْ بقلبي، فاحتلَّتْ لبي، وشرَّدتْ عُشِّي، وفتكتْ ببصري، وبصيرتي!
وعليها؛ صرتُ عبد قلبي!
فمن هي يا ترى .. تلك الملكة المتوجة، التي عصفت بشأني؛ فأصبحتُ إنساناً فور رؤيتها، بعد أنْ كنتُ أرعى في عالم الحيوان؟!
هي أجمل في نِقابها منها في خِمارها! هي أجمل في حيائها منها في بروزها! هي أجمل في ضحكها منها في عبوسها! هي أجمل في رضائها منها في نفورها! هي أجمل في سطوعها منها في غيابها! هي أجمل في خِبائها منها في ظهورها! هي أجمل في عذوبتها منها في ملاحتها! هي أجمل في طيبتها منها في سذاجتها! هي أجمل في عفويتها منها في صراحتها! هي أجمل في قِناعها منها في استعراضها! هي أجمل في جمالها منها في دلالها! هي أجمل في قناعتها منها في بطرها! هي أجمل في خفائها منها في ظهورها! هي أجمل في رضائها منها في ضعفها! هي أجمل في باطنها منها في ظاهرها! هي أجمل في هندامها منها في استعلائها! هي أجمل في استدبارها منها في استقبالها! هي أجمل في استقبالها منها في استدبارها! هي أجمل في طلبها منها في رفضها! هي أجمل في جوعها الفكري منها في صيامها! هي أجمل في محرابها منها في حياتها! هي أجمل في روحها منها في جسمها! هي أجمل في جسمها منها في روحها! هي أجمل في تقواها منها في نجواها! هي أجمل في نورها منها في نارها! هي أجمل في مشيها منها في وقوفها! هي أجمل في حورها منها في رشئها! هي أجمل في لماها منها في رضابها! هي أجمل في هيفها منها في استعراضها! هي أجمل في كعابها منها في امتلائها! هي أجمل في بهرجها منها في روعتها! هي أجمل في روعتها منها في فتنتها! هي أجمل في فتنتها منها في شبقها! هي أجمل في أنفها منها في مبسمها! هي أجمل في خصرها منها في قدها! هي أجمل في سريرتها منها في علانيتها! هي أجمل في قلبها منها في عقلها! هي أجمل في فؤادها منها في صفائها! هي أجمل في أغصانها منها في جوارحها! هي أجمل منها في صباها منها في روائحها! هي أجمل في رائحتها منها في صهبائها! هي أجمل في بياضها منها في سمرتها! هي أجمل في أهدابها منها في برقعها! هي أجمل في ذاتها منها في قسماتها! هي أجمل في تقاطيعها منها في حلاوتها! هي أجمل في غضارتها منها في طزاجتها! هي أجمل في فورانها منها في امتلائها! هي أجمل في استخفائها، وانعزالها، واعتزالها، وإعراضها منها في تبرجها، واختلاطها، وانتشارها! هي أجمل في تواضعها، وإيمانها، وخشيتها، وقربها، وتقواها!
هي .. فتنة القلب، والروح، والفؤاد، والنفس، والجسد، والعين، والسمع، والبصر، والبصيرة، والشِّعر، والنثر، والإعجاب!
وهي .. كعبة الهيام، والغرام، والجنون، والعبقرية، والاكتمال، والحسد، والغبطة، والزواج، والاقتران، والانجذاب، والاتحاد، والاستبطان، والاستجلاء، والاستكشاف، والاستبحار، والانشغال، والاشتغال!
هي .. حميمة الحب، وتميمة الوصل، وديمة الشكر، وحديقة القطف، وسبيكة الجوهر، ورشيقة القوام، وساحرة الكلام، ومَن أغوتني بأخلاقها الحميدة؛ وطيبتها النقية؛ فاستعبدتني، وجعلتني في هواها مشرداً، لا ألوي إلا على صورتها المطبوعة بشغاف قلبي، وفؤادي!
فيا ابنة الوحي، والمحبة .. إليكِ أسلمتُ قِيادي، وتنازلتُ عن كبريائي، ووضعتُ بين يديكِ روحي، وقلبي .. فماذا أنتِ فاعلة بي، وبقلبي؟!
فرفقاً بصبٍّ رآك؛ ففقد وعيه؛ فهام في دنيا الحب مواطناً من الدرجة الأولى، معترفاً به كعبدٍ في عالم العبيد!
ورفقاً بمعذَّبٍ في جمالكِ يتيه على البرية!
ورفقاً بأسيرك المسكين؛ فقد هوى في قعر جهنم!
رحماكِ .. يا صاحبة الدلال، والعفاف، والخفر اللذيذ، وسِحر البسمات الملائكية من وراء النقاب!
يا مَن جمعتِ بين صورة إيزيس في حبها العبقري، ونفرتيتي في جمالها البهي، وحتشبسوت في ملكها العتيد، وزليخا في جرأتها وتقواها، وكليوباترة في جاذبيتها الآسرة، وحيويتها الفياضة، ومي زيادة في نعومتها، وليونتها، وذكائها العجيب!
رحماكِ .. رحماك!
يا صاحبة الحجاب، والعذاب!
فمتى اللقاء، والشقاء؟!
ومتى الكلام، والغرام؟!
ومتى تسمحين للعبد بالمواعدة؟!
ومتى تنزلين من الجَنَّاتِ؛ فتسكنين عرش قلبي؟!
متى؟! متى؟!
يا صاحبة الخفاء، والدهاء، والبلاء!
رفقاً بي .. يا صاحبة القلب الكبير، والفطرة الحيية، والجمال الوحشي، الطبيعي!
فأنا .. يا حبيبيتي؛ أحبك أكثر كلما ازدادت سذاجتك، وطيبتك، وعفويتك، واستضعافك!
فأنتِ، أنتِ .. حياتي، وحبي!
وأنتِ، أنتِ .. مَن أنتوي، وأتمنى أنْ أظفر بها شريكةً في شَركة حياتي!
إليكِ .. يا صاحبة النقاب اللذيذ: فاقبليني عبداً لقلبك!