خواطر من الكون المجاور.. الخاطرة : 113 راسبوتين الراهب الشيطاني الجزء 2
كثير من المقالات واﻷفلام السينمائية والوثائقية تحدثت عن شخصية وسيرة راسبوتين ، وكل ما ذكر عنه كان في الحقيقة هدفه الربح التجاري وذلك عن طريق خلق قصة واقعية مشوقة لإنسان يملك قوى خارقة ، ومن يبحث في مختلف هذه اﻷعمال سيجد أن جميعها كانت فائدتها هي التشجع فقط على عبادة الشيطان ، فقصة حياة راسبوتين ربما كانت لعباد الشيطان أكبر دليل على أن راسبوتين إستطاع بطريقة ومن خلال الطقوس التي كان يقوم بها أن يتواصل مع روح الشيطان حيث باع روحه له فمنحه الشيطان تلك القوة الخارقة التي جعلته يستطيع شفاء المرضى وكشف اﻷسرار وسحر قلوب النساء وإغوائهن ،وكذلك إكتسب قوة جسدية خارقة لا تؤثر به لا السموم ولا الجروح ولا اﻷمراض.
من يبحث في مثل هذه المواضيع سيجد أن هناك نسبة كبيرة من الشباب اليوم في الدول الغربية تتابع بلهفة مواضيع القوى الخارقة ، ولا يهمهم إذا كان مصدرها الشيطان أو أي شيء آخر، يكفي لهم أن يكتسبوا شيئا من هذه القوى ، وهناك كثير من الشباب الذكور يستغلون مثل هذه المواضيع ﻹغراء الفتيات لإشباع شهواتهم ،ومن يتابع أسباب وقوع الجرائم وحالات اﻹغتصاب عند الشباب في المجتمعات الغربية سيجد أن قسم كبير من هذا النوع من اﻹغتصاب والقتل قد حدث أثناءالقيام بطقوس عمليات تحضير روح الشيطان ، والتي تشابه كثيرا ما كان يفعله راسبوتين مع النساء، ولكن راسبوتين كان يستغل ضعف المرأة بحجة أنه سيطهرها من جميع خطاياها فكان يضعها في مناخ نفسي يجعلها تفقد نصف وعيها فتستسلم له ليشبع بها شهواته الحيوانية.
أما بالنسبة لفتيات المجتمع الغربي وبسبب ابتعاد المجتمع عن الدين ، أصبح العامل المشوق لهن هو القوى الخارقة أو القوى الغامضة ، فمن يبحث في طبيعة المواضيع التي تشغل شباب اليوم بشكل عام سيجد أن المواضيع المتعلقة بالقوى الخارقة أو اﻷحداث الغامضة والمعروفة بالمصطلح البارسيكولوجي ( علم ما وراء النفس ) أو الميتفيزيقيا ( ما وراء الطبيعة ) ، هي اﻷكثر المواضيع التي تجذب شباب اليوم ، وليس غريبا أن نجد أن الكثير من شباب الغرب اليوم يعلمون معظم أسماء الشيطان في حين انهم لا يعلمون عن أسماء الله سوى إسم واحد. والسبب أن معظم الكتب والمقالات واﻷفلام السينمائية تربط اﻷحداث الخارقة بقوى شيطانية ، ﻷن اﻹنحطاط الروحي الذي يعاني منه العصر الحديث جعل من الديانات اليوم ديانات فقيرة روحيا ونوعية اﻹيمان بالله كما وصل إليه اليوم أصبح إيمان سطحي عاجز عن الوصول إلى ذلك الجزء من روح الله ليستطيع أن يفعل أشياء خارقة يمكن أن يراها الناس.
نحن نعيش اليوم في عصر لا تحدث به اﻷشياء الخارقة رغم أن معظم الناس في طفولتهم كانوا يشعرون بأن شيء خارق يوما ما سيحدث لهم ، فكما ذكرت في المقالة السابقة أن اﻹنسانية في القرن التاسع عشر كانت على أبواب الدخول في مرحلة جديدة من التطور ، مرحلة مختلفة نهائيا عن جميع المراحل السابقة حيث فيها سيظهر اﻹحساس المطلق بذلك الجزء من روح الله في اﻹنسان ليعلم أنه كائن أرقى بكثير مما يعتقده عن نفسه ، وأنه يستطيع صنع المعجزات.
هكذا وجب على اﻹنسان المعاصر أن يرى هذا التحول المفاجئ ، ولكن روح السوء العالمية حاولت أن تعرقل هذا التغيير ، وإستخدمت بدلا منه تغيير مادي يشابه سطحيا ذلك التغيير المقرر حدوثه، ليحدث نوع من الخدعة يمكن بها أن تجعل مشاعر اﻹنسان تطابق ما تراه عيناه لما يجري حولها من تغييرات خارقة ، فظهرت مثلا القنبلة الذرية والتي جعلت من الشعب الياباني أن يستسلم بين ليلة وضحاها ، رغم أن نوعية إيمان هذا الشعب وشدة تمسكهم بمبادئهم كانت بإمكانها أن تجعلهم أن يضحوا بأرواحهم جميعا من أجل مبادئهم ، ولكن القنبلة الذرية كانت نتائجها مذهلة إلى درجة أن معنى اﻹيمان نفسه في نفوس اليابانين قد إختلت موازينه بسبب شدة الذهول .
وكذلك اﻹختراعات الحديثة وإستخداماتها المختلفة وخاصة الطبية منها جعلت اﻹنسان المعاصر يعتقد تماما بأنه يعيش عصر جديد عصر الثورة العلمية والتكنولوجيا ، وما ساعد على تنمية هذا الشعور ، هو ظهور أفلام الشخصيات الخرافية الحديثة ، كأفلام سوبرمان ( الرجل الخارق ) وسبايدرمان( رجل العنكبوت ) وباتمان ( رجل الخفاش ) ، وهاري بوتر الساحر الصغير وغيرها ، هذه اﻷفلام إستطاعت أن تصل إلى أعماق اﻹنسان في طفولته لتخدعه وتجعل ذلك اﻹحساس بروح الله الموجود في داخله أن يتحول من إحساس حقيقي إلى إحساس مزيف يتلاشى شيئا فشيء مع مرور سنوات نموه ، وعندما يصل اﻹنسان إلى مرحلة العطاء أي بعد إنتهائه من دراساته نجده قد أصبح إنسانا ماديا ذا طبيعة لا تختلف في تكوينها عن بقية الكائنات الحية فكل شيء حولها يؤكد له ( أن أصله قرد ). الشعور بذلك الجزء من روح الله في اﻹنسان أصبح في العصر الحديث إحساس ضامر شبه معدوم..... بدون فهم هذه الفكرة لا يمكننا تفسير أي حدث من حياة راسبوتين.
جميع اﻷحداث الصغيرة أو الكبيرة والتي حصلت داخل الكون منذ ولادته وحتى الآن هي أحداث لرواية واحدة تسير وفق مخطط إلهي ، ومن يبحث في هذه اﻷحداث كمضمون سيجد أن جميعها مرتبطة ببعضها البعض ترابط وثيق يوضح لنا بالتفصيل عن مراحل تطور الروح منذ خروجها من الجنة وحتى اﻵن. فما يحدث اﻵن ليس إلا نتيجة طبيعية ﻷحداث قد حصلت في الماضي. ولكن للأسف المنهج العلمي للعصر الحديث يعتبر منهج فقير عاجز عن الوصول إلى مضمون اﻷشياء واﻷحداث ، لذلك كان من الشيء الطبيعي أن تبقى سيرة حياة راسبوتين على هامش اﻷبحاث الفلسفية في العصر الحديث. فرغم أن راسبوتين يعتبر شخصية شهيرة عالميا ولكنها ظلت بعيدة تماما عن دراسات علماء النفس أو الفلاسفة أو علماء اﻹجتماع أو علماء التاريخ لتحديد دورها أو علاقتها بتطور اﻹنسانية أو بشكل أدق بالتطور الروحي للإنسانية.
المنهج العلمي الحديث وبسبب إستخدامه الرؤية المادية في البحث درس تطور اﻹنسانية بمنطق مادي فقسم تاريخ تطور اﻹنسانية إلى عدة عصور ، العصر الحجري بأنواعه المختلفة وثم العصر النحاسي... عصر برونزي. ..حديدي. ..الخ. ..... ولكن إذا بحثنا في تطور الروحي للإنسانية سنجد أنها مرت في تطورها حتى اﻵن بمرحلتين أساسيتين : المرحلة الجنينية ، ومرحلة الطفولة.
المرحلة اﻷولى وهي المرحلة الجنينية وهي المرحلة التي بدأت منذ ظهور اﻹنسان و إنتهت قبل خمسة آلاف عام أي إنتهت مع ظهور الكتابة والقراءة ، حيث اﻹنسان في هذه المرحلة كان يحاول إثبات وجوده بين جميع بقية الكائنات الحية، لذلك في هذه المرحلة لا نجد في سلوكه اي شيء يدل على أنه كان ينتمي لمذهب ديني معين ، فلا يوجد حتى اﻵن أي أثر تاريخي يدل على أن اﻹنسان في تلك المرحلة كان له معبد أو مركز مقدس يمارس به عبادته، وكذلك لا يوجد أي دليل يؤكد على أن اﻹنسان كان لديه أي نشاط فكري يجعلنا نؤمن بأنه كان ملما بالمعنى الحقيقي لمصطلح العلوم ، فكل شيء كان يعرفه لما حوله كان يأتيه عن الطريق الفطرة مثله مثل بقية الحيوانات تقريبا لا يوجد إختلاف سوى بنسبة الذكاء فالمعرفة عنده لم تكن بالمعنى الحقيقي لمصصطلح العلوم حيث المعرفة تأتي وتتطور عن طريق الملاحظة ورصد الظواهر وإجراء التجارب لتؤكد على صحة الفرضيات الناتجة عن تفسير الظواهر.... فاﻹنسان في هذه المرحلة الجنينية كان يشعر بأنه مختلف عن بقية الكائنات الحية ولكن هذا الشعور كان شعورا فقط بدون أي إثباتات عقلانية تسمح له بتفسير سبب هذا الشعور.
المرحلة الثانية هي مرحلة الولادة والطفولة وهي التي بدأت قبل خمسة آلاف عام تقريبا مع ظهور الكتابة والقراءة حيث نجد عندها وﻷول مرة ظهور المعابد والمراكز الدينية المقدسة، وكذلك ظهور الفكر العلمي في تطوير المعارف.
ما يهمنا هنا والذي له علاقة بموضوعنا عن القوى الخارقة لراسبوتين ، هو ظهور شخص في بلاد مصر يدعى ( أمحوتب ) في بداية المرحلة الثانية من التطور الروحي للإنسانية ، هناك مقالات كثيرة كتبت عن أمحوتب فالبعض يعتبره من أعظم ألغاز تاريخ اﻹنسانية ، فهو ظهر من اللاشيء ليصبح فجأة أعظم عبقري عرفته اﻹنسانية ، لذلك وبسبب مستوى علومه الخارقة رفعه الشعب المصري القديم إلى مرتبة إله ، فهو أول طبيب عرفته اﻹنسانية وهو أول من إستطاع شفاء العمى الناتج عن مرض التراخوما ، وهو أول مهندس معماري حيث بنى أول هرم في التاريخ وهو هرم سوزير المدرج والذي يعتبر أول مبنى حجري بمعنى الكلمة صنعته اﻹنسانية ، وهو من أعطى الكتابة الهيروغليفية شكلها التعبيري لتستطيع أن تعبر عن كل ما يفكر به اﻹنسان ، وهو كذلك من أعطى العبادة معناها الحقيقي لتصبح هدفها الخلود. وكان أيضا أعظم الفنانين ، و كذلك هو أول من وضع قوانين إجتماعية تعطي المرأة مكانتها الحقيقية في المجتمع لتمنع الرجال من اﻹستهانة بها وإستغلالها ، فمع ظهور أمحوتب أصبحت المرأة كائن له حقوقه في المجتمع.
في الماضي كان بعض علماء المسلمين الذين قرأوا عن شخصية ومنجزات أمحوتب يعتقدون أن أمحوتب هذا هو النبي إدريس ولكن حسب أبحاثي فهناك إثباتات عديدة ذكرتها في العديد من مؤلفاتي جميعها تؤكد على أن أمحوتب هو نفسه النبي يوسف عليه الصلاة و السلام.
ذكرنا أن ظهور راسبوتبن بتلك القوى الخارقة كان حدث تاريخي غامض عجز المفكرون عن تفسيره. أيضا كان ظهور أمحوتب الفجائي أشبه بالمعجزة ، فكل إنسان مبدع عادة يكون سببه معلم سبقه وأعطاه شيئا من هذا العلم ، ولكن أمحوتب ظهر فجأة ولديه معارف عديدة بعلوم مختلفة لم يعلم أحدا من قبله عنها بشيء ، ليصبح هو الأستاذ اﻷول لجميع أنواع العلوم في تاريخ البشرية. وليكون هو المؤسس اﻷول لعصر الأهرامات والذي يعتبر من أكثر العصور التي عرفها التاريخ غموضا وأسرارا، والتي حتى اﻵن لم يستطع أحد فك أسرار المعارف والعلوم التي إعتمد عليها هذا العصر. فحتى اﻵن مثلا ورغم محاولات العديد من العلماء بمختلف فروع علومهم في شرح طريقة بناء اﻹهرامات ، نجد أنه لم يستطيع أحد أن يعطى تفسيرا يقنع بها الجميع، فلا تزال حتى اﻵن طريقة بناء اﻹهرامات لغز يعجز العلم الحديث عن تفسيره. وعدا عن طريقة بناء الأهرامات هناك أشياء عديدة أخرى لا تزال غامضة وبدون أي تفسير.
وكما كان ظهور أمحوتب فجائي وغامض كان إختفائه أيضا فجائي وغامض بحيث أنه لم يترك أي أثر يدل على وفاته ، فهو ظهر فجأة و إختفى فجأة ، والغريب في اﻷمر أن حتى إسمه يزيد غموض شخصيته ، فاسم أمحوتب معناه باللغة المصرية القديمة ( الذي جاء في سلام ) ، فكأنه جاء فجأة ليجعل اﻹنسانية ترى بعينيها ذلك الجزء من روح الله الذي تكمن داخل هذا اﻹنسان والذي جعله يملك تلك القوى الخارقة التي سخرها جميعها في مساعدة وتحسين مستوى حياة الناس في مصر والتي بدأت لهم وكأنها معجزات ففي عهده إستطاع أمحوتب أن ينقذ شعب مصر من سبع سنوات جفاف حولت مصر بأكملها إلى صحراء قاحلة.
ومن يدرس عصر الأهرامات بشيء من التفصيل ويقارنها بالعصور التي بعدها من حيث المقدرات اﻹنسانية سيجد أن عصر الأهرامات كان فعلا عصر المعجزات. ولكن مما يؤسف له أن الدراسات الحديثة وبسبب إستخدامها المنطق المادي جعلت طريقة البحث لا تهتم بمضمون اﻷشياء لذلك ظل عصر الأهرامات عصرا غامضا دون أي معنى يوضح سبب غموضه ليستفيد اﻹنسان في فهم مراحل تطور اﻹنسانية من الناحية الروحية.
الآن لنحاول المقارنة بين ظروف ظهور أمحوتب وظروف ظهور راسبوتين :
اﻹنسانية بعد طردها من الجنة، في البداية ظهرت في القارة اﻷفريقية ومنها إنتقلت إلى جميع القارات ، لذلك كان ظهور أمحوتب في بلاد مصر وليس في مكان آخر،فهذه المنطقة هي التي تفصل بين القارة اﻷفريقية والقارة اﻵسيوية ،فظهور أمحوتب فيها هو رمزي له معنى إنتقال اﻹنسان من مرحلة روحية إلى مرحلة روحية جديدة ، فكما ذكرنا في مقالات سابقة أن شكل قارة أفريقيا مشابه لشكل رأس إنسان له قرن والذي يرمز لرأس الشيطان ، لذلك اﻹنسانية في البداية ظهرت في أفريقيا كرمز لسيطرة الشيطان على مصيرها ﻷنه هو الذي كان السبب اﻷول في طرد اﻹنسان من الجنة. لذلك ظهر إمحوتب في مصر لتكون مصر رمزا للولادة الحقيقية للإنسانية ، وكذلك ليجعلها أول دولة حضارية بكل معنى الكلمة في تاريخ البشرية ، حيث نجد وﻷول مرة إتحاد دولتين متحاربتين في دولة واحدة (مصر العليا مع مصر السفلى) كرمز لظهور علاقة المحبة والسلام بين أفراد المجتمع على عكس ما حصل في عائلة آدم حيث قابيل قتل أخاه هابيل.ولذلك نجد أيضا أن يوسف عليه السلام لم ينتقم من إخوته الذين باعوه ليصبح عبدا في مصر ولكنه سامحهم وساعدهم. ولهذا السبب أيضا كان إسم أمحوتب يحمل في داخله معنى ( السلام ).
كذلك راسبوتين ظهر في بلاد روسيا تلك المنطقة التي تفصل بين قارة أوربا وقارة آسيا ، وهي أيضا رمز اﻹنتقال من مرحلة إلى مرحلة جديدة فبعد إنتهاء عصر النهضة كان على اﻹنسانية الدخول في مرحلة النهضة الروحية التي سيشعر فيها اﻹنسان بشكل مطلق بروح الله في داخله ، راسبوتين هنا هو رمز للإنسان الذي وصل إلى تلك النقطة التي تفصل بين روح الله وبقية اﻷجزاء من اﻷرواح اﻷخرى في داخله ، والتي نسميها بإسم ( النفس )، فالنبي يوسف وصل إلى ما بعد النفس أي إلى إستخدام روح الله التي في داخله، أما راسبوتين فهو قد وصل إلى مرحلة المقدرة على إستخدام كامل طاقة النفس وقدراتها ، ومن المعروف أن جميع اﻷمراض هي أمراض سببها خلل عضوي وأعضاء الجسم جميعها تدخل بمجال ( النفس ) أولا ، وثانيا في مجال ( الروح ) فمعجزات اﻷنبياء في شفاء المرضى كانت تتم من خلال التواصل مع روح الله داخل المريض ومن الروح إلى النفس ، أما بالنسبة لراسبوتين فكانت تتم عن طريق التواصل مع النفس مباشرة دون المرور بالروح، لذلك نجد أنه عندما تحولت اﻷمور في مصر من التواصل مع الروح إلى التواصل مع النفس من قبل كهنة الفراعنة أرسل الله موسى عليه الصلاة والسلام للقضاء على هذا النوع من المعارف، حيث التواصل مع النفس يقوي اﻹحساس بالرغبات الجسدية لذلك كان راسبوتين إنسانا متعطش بشدة لجميع رغباته الجسدية من جنس و طعام وشراب ومجد وثروة.
الحسد مثلا الذي يؤدي إلى الضرر باﻵخرين عن بعد هو نوع من أنواع التواصل مع النفس، فالتواصل مع النفس لا يأتي سوى بالسوء للآخرين ، فهو يخلق نوع من حب الذات وحب الذات بدوره يخلق العداوة والعداوة تخلق الحروب وتدمر جميع الروابط اﻹنسانية ، وهكذا وعن طريق التواصل مع النفس حقق راسبوتين بنجاح كبير عكس كل ما حققه أمحوتب ( يوسف ) ، فإمحوتب بطيبته وسمو أخلاقه وصفاء روحه دفع الشعب المصري إلى التقرب من الله ليصبح الشعب المصري في عهده من أكثر شعوب العالم تعلقا بإيمانه وعقائده في تلك الحقبة من الزمن ، أما راسبوتين فرغم أنه كان راهب فبدلا من أن يجعل الشعب الروسي أقرب إلى الله جعلهم يحتقرون الكنيسة ورجال الدين فسميت المدينة التي مارس فيها أعماله ب( مدينة ابليس )، وليس من الصدفة أن نجد أن معظم الشعب الروسي في عام 1917 قد شارك بالثورة ﻹسقاط عائلة رومانوف من الحكم ، رغم أن معظم أفراد الشعب كان يعلم تماما أن زعماء الثورة جميعهم ماركسيين لا يؤمنون بوجود الله.
أمحوتب ( يوسف ) إستطاع توحيد دولتين متحاربتين مصر العليا مع مصر السفلى لتكوين دولة واحدة يعيش شعبها بسلام ، راسبوتين إستطاع من خلال نجاح الثورة البلشفية في روسيا تمزيق العالم بأكمله إلى معسكر شرقي ومعسكر غربي حيث كل معسكر يحاول الضرر بالمعسكر اﻵخر، فأصبحت معظم أموال الدولة في جميع بلدان العالم تذهب على شراء أو تصنيع اﻷسلحة المدمرة، حيث أصبحت صناعة اﻷسلحة في العصر الحديث من أكثر الصناعات الرابحة.
الحكمة اﻹلهية تركت لنا علامة تساعدنا في الربط بين قصة أمحوتب ( يوسف ) مع قصة راسبوتين وكذلك تساعدنا في فهم ما سيحدث مستقبلا ، فكما ذكرنا في المقالة السابقة أنه حدثت عدة محاولة ﻹغتيال راسبوتين ولكن جميعها فشلت ،وكانت المحاولة الوحيدة التي نجحت فيها عملية اغتياله هي تلك التي كانت عن طريق إقناع راسبوتين بدعوة من أجمل نساء روسيا الأميرة التي تدعى ( ايرينا ) ، فاسم هذه اﻷميرة ليس صدفة فمصدره يوناني من الكلمة اليونانية ( ايريني ) ومعناه ( السلام ) . هذه الكلمة هي التي كانت سببا في نجاح إغتيال راسبوتين ﻷنها تشير أولا إلى إسم امحوتب والذي يحمل في داخله كما ذكرنا معنى ( السلام ) وثانيا صفة الجمال التي كانت مشهورة بها اﻷميرة هي أيضا صفة من صفات النبي يوسف فكما هو معروف عن النبي يوسف أنه كان من أجمل شباب العالم في تلك الفترة.
نحن اليوم نعيش عصر يحمل صفات متناقضة تماما مع صفات سلوك يوسف ( العفة والسلام ) حيث عصرنا يسوده العنف واﻹباحة الجنسية تماما كما يحمل معنى إسم ( راسبوتين ) والذي يعني الفاجر ، الفاسق. فعصرنا هو في الحقيقة عصر راسبوتين وكما تم القضاء على راسبوتين عن طريق أميرة جميلة إسمها يحمل معنى ( السلام ) هكذا تماما سيتم القضاء أيضا على عصر راسبوتين حيث ستكون نهايته على يد تحمل في داخلها معنى ( السلام ). وعسى أن يكون هذا اليوم قريبا جدا إن شاء الله ، فنسبة عدد سكان العالم اليوم الذين أصبحوا على يقين تام أنهم يعيشون في أسوأ عصور إنحطاط روحي مرت بها البشرية على اﻹطلاق بدأت تزداد يوما بعد يوم . والقانون الكوني يقول " عندما تشعر اﻹنسانية بالخطأ يبدأ التدخل اﻹلهي وعندها يأتي الفرج "
وسوم: العدد 698