همسات القمر (22)

خديجة وليد قاسم (إكليل الغار)

أمسك قلمي بلهفة لأخط حروفي .. لكنها تعاندني و تأبى الخروج ، أهز القلم ، أحركه يمينا و شمالا أرفعه و أخفضه ، أتوسل إليه أن يطلق سراح حروفي الكامنة في جوفه ، أفاجأ بأنه  يتآمر معها و يعلنان الإضراب الشامل ، ألقيه بغضب على ورقة صماء لم تجد غيثا من حبر يسقيها .. فروتها من عيوني الأنداء .

* بين الفينة والأخرى .. يتمكن الصمت مني ،  يطوق بَوحي بقيده ، تتوارى الحروف خوفا منه و لا تجرؤ على الإطلال برأسها المكتنز بعلامات التعجب والاستفهام ولا تقوى على الترنم بهمسة تبلغ بها المرام !!

*في النفس لهفة ، و في النفس أشواق ، وفي النفس حنين و في النفس أنين .. كم تحتمل هذه النفس من مشاعر .. وكم تحفل بالمتناقض منها .. نخالها ضعيفة واهنة واهية .. لكنها بحق جبارة بكل ما تحمل في داخلها ولا تنوء به .

*ما أشد قبحهم !!

اولئك الذين عندما يعجزون عن الرد بالحجج و الأدلة المقنعة لمن يخالفهم الرأي ، لاترى إلا قذائف من قبح نفوسهم تتدفق من أفواههم و ترسلها ألسنتهم التي عقدها الجهل والعجز عن أن ترد 

فرق كبير بين أن تختلف عقولنا في الرأي و بين أن تختلف قلوبنا بسبب عقلياتنا العقيمة و ضيق أفقنا الذي لا يرى أبعد من أرنبة الأنف الخانعة .

*عندما تستقر الكلمات والحروف في دواخلنا و يعزّ خروجها .. تكون كمثل فريسة أو وجبة شهية لأسد يتربص بها و يريد اقتناصها .. و لكنها تفلت منه و تختبئ في دلجات سحيقة لا تدرك و لا يمس جانبها بسوء .. عندها لا نستطيع شيئا أكثر من اجتراع كأس الحسرة المر

*كثيرا ما يلقي الألم بظلال من كآبة في النفس تدفعنا للتساؤل : يا ترى ما سبب هذا كله ؟ 

نحاول إنكار السبب أو تغطيته بقشورمن وهم .. لكن في لحظة صراحة مع النفس ، ندرك أننا نعلم الكثير و الكثير مما نحبسه في صناديق محاولة النسيان أو الهذيان .

* تمرض نفوسنا ، و تحتاج بين الفينة والأخرى إلى فترة نقاهة تعيد للنفس بهاءها و رونقها و ألقها المعتاد .. حري بنا أن نتعهدها بالرعاية ولا نتركها لعوامل الزمن .

* صنف من البشر ، ، إن أحبوك رفعوك إلى مصاف الملائكة و أغدقوا عليك من الصفات الحميدة ما ليس فيك .

و إن كرهوك ، خسفوا بك إلى سابع أرض و ألصقوا بك من الرذائل ما ليس فيك .

*و ما يضرنا سوء ظنهم بنا  إن كان ربنا  يعلم سرنا و علانيتنا .. حقيقتنا و جوهرنا ، فليبوءوا بسوء ظنهم .. فسيندمون ولات حين مندم !!

*قد تزل بي الخطا .. قد أحيد عن دربي  في لحظة حالكة يختفي نور قمرها فلا تعرف قدمي موطئها الذي يجب أن تكون عليه ..لا ألبث أن أشعر بلسع أشواك هذا الدرب الغريب الذي أنكره و ينكرني .. لسع لا يبريه إلا إشراقة أنوار إيمان أستمده من خالقي   ،و أنشره بلهفة المحتاج في خافقي ..

 عندها تعود تلك الخطوات أدراجها إلى مكانها الذي يرتضيه لها.

* كم تأسرني أيها  المتربع على عرش سنائه هيبة و جلالا ... المتأنق في حلكة الدجى سحرا و جمالا و كم تستفز أنوارك حرفي فيتجلى في سماء هذياني و هرفي

دمت بعلوك يا قمر