حديث مع القمر
في عتمة الليل بظل السكون الهادئ، وتحت ستر الظلام جلست في شرفتي.. نظرت إلى الأمام .. الكل في صخب!
رفعت رأسي إلى أعلى.. ابتسمت بأمان.. النجوم تتراصف إلى جانب بعضها.. والبعض الآخر يبتعد متراقصا بخلجات من وميض أبيض كما الفضة في معصم يد سوداء.
اختار القمر موضعا خاصا في السماء، توهج قرص نوره بسكينة وادعة تكاد تحس أنك في حالة جاذبية نحوه، تنشد السفر إليه والدخول في ضوئه السديمي الهادئ.
ترتخي الأعصاب المتوترة، تنعس العيون، يصفو القلب، تغمرك نشوة الصفاء الذهني الرتيب، فتشعر بنفسك مخمورا بلا كؤوس.
ينعشك ويغريك بمفاتن الجمال، وأنت تحت سمائه الممتدة بلا طول وعرض بسواد تزركشه النجوم التي تزهو بوهجها كأنها هي الأخرى تناجيك بالصعود إليها، بالرحيل عن عالم الصخب، عالم الصراخ، حيث الهدوء المتخم بأسرار العشاق، فتنسى الصداع الذي انتابك ظهر اليوم.، تخلد على كرسيك وأنت تمعن في هذا الصمت البديع.
سواد قاتم، سكينة غامرة، نجوم براقة، قمر دافئ يظللك بنوره كأنه رفيق رحلة العمر.
تهجر الأحزان والدموع وتفكر:
- هل يبكي القمر؟
لا.. القمر لايبكي لأنه كوكب بهيج، ينشط الأفكار المتشابكة ويطهرها، تتنفس الهواء بعمق، فتهيم في عشقه دون أن تدري، وتسأل:
هل يعلم القمر. أنني أحبه، أعشق نوره، أهتدي على وميضه الدافق العذب.
لا أخاف وحشة الليل والقمر موجود.
من نص قمر المساء ١٩٩٦
مجموعة رجل في المزاد
وسوم: العدد 728