خطبة عيد الأضحى المبارك
خطبة عيد الأضحى المبارك
العلامة محمود مشّوح
(أبو طريف)
يقول الشيخ بعد تكبيرات العيد :
الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً ، الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، ما تعاقب الزمان واستمر هذا الوجود وخضع لله إنسان الله أكبر الله أكبر الله أكبر ..نداء شق أذن الوجود فأقر كل شيء في مكانه وعبّد الناس جميعاً لله تعالى فسوى بينه وأذهب عنهم نخوة الجاهلية وتعظمها بآباء والأجداد برد العظمة والكبرياء لله وحده ، فالحمد لله ثم الحمد لله ، والحمد لله الذي هدانا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، الحمد لله نحمده ونستعينه ونؤمن به ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل الله فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله وصفيه وخليله . اللهم فصل على هذا النبي الكريم وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى الدين . أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على طاعته ( إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) أما بعد ، أيها الإخوة المؤمنون :
فالحمد لله الذي أحيانا حتى شهدنا دورة الزمان ونسأله تبارك تعالى أن يجعل يومنا خيراً من أمسنا وغدنا خيراً من يومنا وأن يجعلنا على خير وإلى خير وأن يزيدنا خيراً . إن الزمان يستدير كل عام يطوي في دورته من يطوي ويدع من يدع ، وفي هذا وذاك عبرة لمن يعتبر وإشارة إلى فناء الحياة وحث الإنسان على أن يحتقب من دنياه هذه زاداً يتزود به لأخراه ، حين لا مال ولا نشب ولا متاع ولا من يرد عن الإنسان أو يدفع عنه ، وحري بالإنسان العاقل أن يعتبر بدورة الزمان هذه وبما تطويه في أفنائها من مخلوقات الله جلا وعلا ، وأن الكأس التي يشرب منها أخوك اليوم ستدور عليك غداً أو بعد غد ، وأنه كما صار لله متجرداً من حول أو طول ستصير إلى مولاك ، لا تحمل معك إلا ما قدّمت من خير أو شر . وجدير بالناس المسلمين أن يفهموا مدلول الزاد الذي ينبغي أن يتزود به المسلم إن بعض المفاهيم تنحسر عند بعض الناس فيتصور أن الزاد قصاراه ركعات وقصاراه أيام تصام وسفر مطرد إلى بيت الله الحرام ، ولعمري كم كان صادقاً أمير الشعراء شوقي حين كان يقول :
ويا ربي هل تغني عن المرء حجة والعمر ما فيه من الهفوات
إن الزاد بالنسبة للإنسان يتكافأ مع الحال التي يعيش فيها المسلمون ، وأفشل الناس فهماً وأوكسهم نصيباً وأقلهم حظاً ذلك الذي يقنع بالهروب من الساحة حين تشتد الأمور وتدلهم الخطوب متصوراً أن اللجوء إلى بيت من بيوت الله وأن الركوع والسجود وأن الخفض والرفع بين يدي الله يغني عن الإنسان هذا الغناء الذي يتصوره هذا الأبله ، إن الزاد الذي يتزوده المسلم زاد ينبغي أن يتكافأ مع المراحل التي تمر بها الأمة والخطوب التي تمر بالأمة ، وإن الذهن يسرح مع تلك الجموع الزاحفة من منى والطائفة حول البيت والناحرة للهدي والمتدفقة تدفق السيل في تلك البقاع الطاهرات ، إن الذهن ليسرح إلى تلك الجموع ويتملى هذه الحركة الدوارة على مدار العام يستقبل بيت الله هؤلاء الوافدين من عرب وأعاجم لم يحفزهم من مواطنهم إلا الشوق إلى بيت الله والتشبع من الديار المقدسة التي مشى عليها محمد صلى الله عليه وسلم والتي شهدت تلك الفترة الفذة من التاريخ وتلك الحركة المفردة حين كان أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام بقيادة محمد عليه الصلاة والسلام يخطون الخطوط المعجزة في التاريخ الإنسان . ولا يجد الإنسان وهو يتملى تلك الأيام ويبحث عن المقارنات وعن الموازنات ، إن الحج كان آخر شيء فرض في الإسلام ، آخر الفرائض جميعاً ، وإن الحج كان مسبوقاً بمراحل ، من الجهاد والصبر والمصابرة ، وإن الحج كان تتويجاً رائعاً لمرحلة رائعة ، وكان خاتمة البناء كله ، حين تحرك جمع المسلمين يقودهم رسول الله بعد أن أعلن إليهم قائلاً : إنا حاجون هذا العام بإذن الله . كان البناء قد اكتمل ، وكان تكوين الأمة قد انتهى ، وكان عليه الصلاة والسلام يتهيىء لكي ينفض إلى الناس وصاياه الأخيرة ، ولكي يعلم المسلمين ما ينبغي أن يعلمه المسلمون فلا يغيب عن أذهانهم أبداً ، كان الحج بهذه المثابة إشارة الختام إلى عملية بناء طويلة . ومضى الناس يحجون من بعد عاماً في إثر عام ، يفعلون نفس المناسك ، ويمشون على نفس ذات البقاع ويقولون نفس المقال ، لبيك اللهم لبيك ، استجابة وإسراع لتلبية نداء الله جلا وعلا أن يزور هذا البيت ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) ومما يدعو إلى الحيرة بل ويدمي القلب أنه بالرغم من اتحاد الحركة واتحاد المقال فشتان ما بين الحالين ، شتان ما بين موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى يستمع إلى جبريل عليه السلام وهو يلقي عليه قول الله جلا اسمه ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) وينظر عليه الصلاة والسلام مدى البصر إلى هذه الجموع التي كانت بالأمس على وثنيتها وعلى ضلالتها وعلى ضيق أفقها فإذا هي اليوم من حوله صلوات الله عليه تسـتجيب لندائه وتتحرك كلها إذا أشار كتلة واحدة ، قطعة واحدة ، حسد واحد . شتان بين هذه الصورة الوضيئة وتلك التي كان الناس عليها في جاهليتهم الأولى ضيعة وشروداً وتفرقاً وذلاً ، لشتان ما بين الأمرين ، أمر يشير إلى غاية الانحطاط والتمزق ، وأمر يشير إلى نهاية الرفعة والمنعة ، وبالفعل حينما يتصور متصور هاتين المرحلتين يدرك أية نقلة بعيدة ، وخارقة تلك التي فعلها الإسلام وفعلها القرآن وقام بها محمد عليه الصلاة والسـلام ، ومع إغراء المقارنة يمشي المرء هوناً أو سريعاً فما الذي يرى ، يرى أمة صنعها الله جلا وعلا وقام على صياغتها محمد عليه الصلاة والسلام بإيحاءات ربه ، تبلغ غاية المرتقى وتتسنم أعلى الذرى ، وتتصدى لقيادة البشرية كلها ، يرى هذه الأمة الكريمة العظيمة تهوي وتنحط وتنهار ، شيئاً من بعد شيء ، ويوماً بعد يوم ، وعاماً بعد عام ، والموقف ليس موقف الحساب بل ولا موقف العتاب ، الموقف كله يتلخص في الوقوف عند المحاولات التي ما نشك في صدقها ولكن نشك أعظم الشك في جدواها ، المحاولات التي ترمي إلى أن تعيد إلى الأمة مكانتها المفقودة وحقها السليب في قيادة الإنسانية جميعاً ، إنه وعلى مر التاريخ جرت محاولات مكرورة وما تزال تجري بعضها الصادق وبعضها من وحي السياسة اللعينة ، ولكنها جميعاً باءت بالفشل ، لقد شهدت هذه الأمة تمزقاً خطيراً قي المجتمع الواحد وفي المجتمعات المتعددة ، وقلّ ما تجد أحداً إلا من طمس الله بصيرته يماري أو يجادل أو يرتاب في ضرورة رأب الصدع ولم الشمل وإعادة الوحدة إلى هذه الأمة ، وأنت معك بدون شك كل الحق حينما تسقط في مهاوي الحيرة ، لماذا تفشل كل هذه الخطوات ؟ ولماذا تذهب كل هذه الجهود أدراج الرياح ؟ ولكنك إن كنت أميناً مع نفسـك ووفياً لقواعد دينك فخليق بك أن لا تعجب ، إن عملية البناء ليست من الأمور الهينات ، وإننا حين نخطئ الطريق إليها فنحن منتهون إلى فشل ذريع ، مهما يغب عن ذهني فلن يغيب عن ذهني ذلك اليوم من عام 1958 حينما دعيت الأمة إلى وحدة ولقد رأيت بأم عيني مواطنين يكتبون بالموافقة عليها بدمائهم ، رأيتهم رأي العين ، يشرطون أذرعتهم حتى يتدفق الدم فيكتبون كلمة نعم بالدم ، وكنت حيال هذا أشعر أن كل شعرة في جسدي تقف منتصبة ، إن ههنا معنى عميقاً ، وإن ههنا مفارقة خطيرة ، إن ههنا نزوع أصيل في هذه الأمة كي تنفض عنها وتزيل إلى الأبد لعنة الفرقة والشتات ولكن ههنا أيضاً واقعاً خطيراً هو أن الذين يخطون هذه الخطوات ويلوحون بهذه الشعارات أناس من غير ضمير ، بلا شرف ، بلا ذرة من الحس الوطني ، لا يتوانون لحظة واحدة من الانتفاع لمآربهم الخاصة بأقدس ما يتحرك في الذات الإنسانية من نوازع ، ومضى كل شيء في ذمة التاريخ وللأسف ما يزال التلاعب بنازع أصيل في هذه الأمة قائماً إلى الآن ، ولكن خدمة لأغراض موضعية أو تدعيماً لزعامات شخصية ، وكل ذلك منتهٍ إلى بوار ، إن الذهن لا يملك حيال هذا إلا أن يتساءل : لماذا يا رب قضيت عليها أن تذوق الذل حتى الثمالة ؟ أذلك قدر مقدور ولعنة مضروبة ؟ لا ، ولكنها حركة ضلت سبيلها وأخطأت طريقها وأغفلت نقطة بدايتها ، هنا مجال للإغراء للمقارنة وللموازنة . كان محمد عليه الصلاة والسلام يستطيع أن يطلق في العرب نداءً يدعوهم إلى الاتحاد وإلى الاستقلال عن فارس والروم ، وكانت العرب خليقة أن تسمع من محمد صلى الله عليه وسلم ، وأي شيء أدعى إلى التحرر من أن تسمع النداء يداعب في ذاتك معاني الكبرياء والعزة الإنسانية ، ذلك ممكن ، ولكن الإسلام إسلام ومحمد رسول الله ، الإسلام ليس شعارات ترفع للاستهلاك ومحمد ليس زعيماً يسعى إلى رفعة آل بيته ، ولا تدعيم الزعامة لشخصه ، إنما الإسلام دعوة الله للناس كافة وكلمته الأخيرة إلى الإنسانية ، ورسول الله أمين الله على وحيه ، يعزل بكل عزم مصالحه الذاتية إن وجدت له مصالح وعن مقتضيات الدعوة ، ومهما ينجم في طريقه من صعوبات فحين يسلك إلى تذليلها الطريق الصحيح فهو سيتغلب عليها ، إن مسألة بناء الأمم ليست مسألة علاج وتحايل على القشرة الظاهرة للجماعة البشرية ، إننا نستطيع أن نستغل عاطفة متدفقة تعبر عن نزوع أصيل في ذات الأمة ، كما كان في 1958 ، ولكن حين نغفل الخطى التي يجب أن تأخذ بها الأمة وهي تبني نفسها فلا بد أن نواجه الفاجعة المؤلمة التي واجهناها في هذه المرحلة ، بل لا بد أن نواجه ما هو أشد إيلاماً وأكثر بها فتكاً ، لا بد أن نواجه المزايدات التي تكشف عن سقوط الأخلاق في الساسة والزعماء ، لا بد أن نواجه رفعاً لشعار الوحدة والاتحاد ، لا لشيء ، إلا للامتصاص هذا النزوع من الأمة ، لا بد أن يكون ذلك في الوحدة الثلاثية المقبورة قبل أن تولد ، ولا بد أن نواجه ما يروج اليوم من محاولات للوحدة الإقليمية ووحدات إقليمية لا غرض لها وأرب منها إلا أن تسهل للاستعمار وخصوم الأمة ، أن يعدو على الأمة قطعة تلو قطعة ، معزولة عن سائر الجسد الذي يمكن أن يمدها بالغذاء ويرفدها بالقوة ، لا بد أن نواجه هذا . لأن الإنسان المسلم المواطن معزول عن عملية البناء ، معزول بصورة مفزعة ، تدعو إلى الأسى والحزن ، وهذا ما يدعو إلى الحيرة ويبعث على الدهشة . إننا لا نقبل في الحالة العادية أن يقال لنا أننا من القوم البله والمغفلين ولكن ليكن معلوماً أننا بالفعل مغفلون وبلهاء ، لأننا نسمح كمواطنين ومسلمين عليهم تدور الدائرة وإليهم يشير المصير ، نسمح لأبالسة لا جذور لهم في هذا المجتمع ، ولا مصالح لهم مع هذا المجتمع ، ولا يهتمون بالمآل الذي تؤول إليه الأمة بعد أن سلبوا الأمة وامتصوا دماءها ووطئوا لأنفسهم ملاجئ يلجئون إليها حين تقع الواقعة وتتأزم الأمور ، حينما نسمح لهؤلاء الأبالسة أن يتلاعبوا بمصائر الأمة .
إن محمداً عليه الصلاة والسلام ما بدأ هكذا ، ولو أنه بدأ هكذا لانتهى هذا الدين من حيث بدأ ، دعوة ذاهبة في الهواء ليس لها في الواقع أثر ، ونحن باعتبارنا أمة وفي غمرة الأحداث غاب عنا الطريق بل غاب عن النابهين منا ولم يستطيعوا التعرف إلى معالم هذا الطريق ، وإنه لتعبير مدهش عن هذه الحيرة القاتلة حينما نسمع أمير الشعراء شوقي يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصيدة مشهورة :
شعوبك في شرق البلاد وعرضها كأصحاب كهف في عميق سبات
بأيمانهم نوران ذكر وســنة فما بالهم فــي حالك الظلمات
يرحمك الله يا شوقي . إنهم لو أحسنوا الانتفاع بالنورين لما كان الذي كان . لو أحسنوا الانتفاع بالذكر الحكيم والسنة المطهرة لعلموا أن محمداً عليه الصلاة والسلام كانت عيناه نفاذتان وبصيرته وقادة تخترق حجب النفس البشرية ولا تسمح لذاتها بأن تقف عند الظواهر والأشكال وإنما تطب للأمر بالدواء الصحيح .
أيها الأحباب .. إنما مقررات الاجتماع الإنساني تشير إلى حقيقة بسيطة ملحوظة ، إن الأسرة المكونة من أب وأم وإخوة وأخوات لا تتعامل بالقانون ولا تقوم بينها الحدود وإنما تتعامل بمقتضى الوشيجة الرابطة والآصرة المتينة التي ترد الجميع إلى هذا الأصل الواحد ، إلى الأم والأب . لا مجال للتفرق ، الأخ في إخوته مهما تعلو منزلته ومهما يبلغ به مكانه حينما تنازعه نفسه لأن يرى لنفسه فضلاً يلتفت ليرى شخص الأب ماثلاً وسواد الأم حاضراً يذكرانه بالحقيقة الصارخة أنه لا فضل له على إخوته كلاهما من هذا الذكر ومن هذه الأنثى . وحدة ومساواة ، ثم وهم يتعاملون بقانون التراحم الذي تفرضه هذه المعرفة المباشرة لوحدة الأصل ووحدة المنشأ أي قانون الإخوة . من هنا كانت عوامل التراحم والمودة والرفق والمسامحة داخل الأسرة أظهر شيء يكون ولكن الأسرة لبنة ، وإن المشاكل تأخذ بالتعقيد حينما يتسع المجتمع البشري ، لماذا ؟ لأنه وحدة الأصل تغيب وراء ركام من التصورات كلما اتسعت الأمة كلما ضعفت الرابطة ، المشكلة كما واجهها الإسلام هي تحيا هذه الرابطة بين الناس وإذا لم تحيا الرابطة فأية فائدة يمكن أن تجنيها الأمة من كل المحاولات الرامية إلى توحيدها وضم شملها ، سلوا أنفسكم . حينما غابت معاني الأخوة وسقط في المجتمع المسلم قانون الرحمة والتعاطف والتعافي والتسمح سقطت الأمة في الخلافات والتمزقات وتحولت إلى أمم ودويلات وإلى أصقاع ومواطن كل واحد منها أمير المؤمنين ، وحينما واجهت الأمة حالة التمزق هذه في عصرها الحديث ورمت أن تتخلص منها ما يشك أبداً في صدق التوجه وصدق النزوع من المواطن كمواطن ولكن الشك قائم بل إن الاتهام قائم في مسألة المناهج والمخططات التي اتبعت لإزالة هذا الوضع . ما نريد أن نذهب للتعرف على القواعد التي وضعها الإسلام وعلى المناهج التي تبناها الإسلام لكي يتغلب على هذه الحالة الشـاذة ولكننا نوجز ونجمل ، إن الإسلام خاض معركته الأولى داخل الذات البشرية في النفس من الداخل حتى لقد أشعر الإنسان أنه أخ لكل إنسان ، وحينما وقف عليه الصلاة والسلام ليتوج البناء كله بعد جهاد ثلاثة وعشرين عاماً لم يهدأ فيها ولم يقر له قرار كان يقول للناس بهذه الصيغة المؤكدة وبهذه التقرير القاطع ( أيها الناس .. كل مسلم أخ لكل مسلم ) وكان يقول لهم ( إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس كلها لآدم وآدم من تراب ) وكان حينما يقول هذا القول يستند إلى ركن ركين من منهج في التربية واضح ، كان عليه الصلاة والسلام يعلم الأمة أن الاجتماع البشري جهد موصول ومراقبة مستمرة في سبيل المحافظة على هذا المعنى الذي لا تقوم الأمة بغيره ، معنى الأخوة والتراحم والترابط وصلة الأرحام والإحساس العالي بوحدة المصير والشركة الصميمية بين أعضاء الأمة جميعاً . وفي سلوكه المعتاد بأبي هو وأمي صلوات الله عليه كانت عينه الشريفة لا تغفل عن أي أمر من الأمور يهدد بأن تشرئب خلائق الجاهلية في المجتمع الجديد ، حينما استطاع إبليس من أبالسة اليهود أن يثير النعرة الجاهلية بين فريقين من المسلمين خرج الرسول عليه الصلاة والسلام يجر رداءه مغضباً كأنما فقئ في وجهه حب الرمان محمراً يقول : الله الله ، أبدعوة الجاهلية وأنا بين أظهركم . فعرف المسلمون أنها كيد من كيد عدو الله . وسقطت السيوف من أيديهم وأقبلوا على بعضهم يعتنقون ويبكون حتى بلّ الدمع لحاهم . وحينما تجاحش غلامان للمسلمين ،الأنصار والمهاجرين ، على ماء في منقلبهم من إحدى الغزوات فقال قائل : يا للأنصار . وقال قائل : يا للمهاجرين . قال عليه الصلاة والسلام : دعوها فإنها منتنة . أي جيفة ، دعوة الجاهلية ، عار يجب أن يبرأ منه المجتمع المسلم ، بل ما هو أقل من ذلك ، كانت عين النبي عليه الصلاة والسلام تلاحقه ولا يسمح له أن يترك آثاره السلبية في المجتمع . كان يمشي فسمع أبا ذر وهو من خيرة أصحابه لرجل من المسلمين : يا ابن السوداء . فصاح به النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ، ليس لابن البيضاء فضل على ابن السوداء إلا بالتقوى . وكان عليه الصلاة والسلام بهذه اليقظة الخارقة يسير بالأمة خطوة خطوة ويدعم البناء لبنة بعد لبنة حتى استوثق له الأمر وقام البناء مشمخراً عالياً فكان معجزة فاذّة في العالمين . وحينما نعود اليوم لنتساءل : كيف نخطط للوصول لأهدافنا على هدي من هذه المبادئ الإنسانية العالية التي توجت بحجة الوداع التي يمثلها المسلمون مع كل دورة من دورات الزمن ، يأتينا الجواب الفاجع : لا . إن الأمة وضعها القدر ، أو وضعها الأعداء في وضع لا تحبه ولا تريده ، وموقف المسلمين الآن في البقاع المقدسة يلبسون ثياب الإحرام لا يتميز فيهم غني عن فقير ولا صغير عن كبير ولا سوقة عن أمير يعجون بالتلبية للإله الجبار المتكبر لا إله إلا هو ، تعبير صارخ عن هذه الإخوة الإنسانية التي ينبغي أن تسود بين الناس ، ومما يؤسف له أن المسلمين قلما يفيدون في هذه المعاني التي تتجلى في الفرائض التي يقومون بها ولو أننا أوفدنا كل عام عدداً من حجاج بيت الله الحرام ليعودوا إلينا متشربين بهذه المعاني العالية لكانت الأمة على خير ، ولكن الحال ، الذي وقف على المشاعر يأتيك بعد أيام يحمل معه كل ما تركه على أعتاب بيت الله من أوساخ الجاهلية ، بل لعله يستخدم الدرس العظيم الذي تلقاه من أيام ليدعم هذه الخنزوانة المقيتة ويرى أن بحجه قد اكتسب على الناس فضلاً . ولو أننا مع كل دورة من دورات الحج اكتسبنا من معاني الإخوة لصلحت أحوالنا ولكان لشعبنا أن يأخذ زمام مصيره بين يديه وأن ينتزع كل هذه الأشياء من بين يدي الأبالسة والشياطين ، ولكنا لا نستطيع . لا نستطيع ، فمن أجل ذلك نحن مضطرون لأن نطلق الصوت بعد الصوت : يا قومنا أجيبوا داعي الله ، يا قومنا عودوا إلى طريق محمد صلى الله عليه وسلم ، إنكم جربتم وفشلتم ، ثم جربتم وفشلتم ، وستجربون إلى ما شاء الله وستفشلون إلى ما شاء الله ، لأنكم لا تبدأون بالبداية الصحيحة ، انظر إلى الساحة أمامك ، ماذا ترى ؟ وما الذي تسمع ؟ شعوب ساهية لاهية غافلة ونائمة وزعامات وحكومات عاتية متمردة لا تهتم إلا لشيء واحد ، بعد الصوت بالنسبة لها تدعيم عوامل الزعامة بالنسبة لأشخاصها ، مزيد من السرقة والامتصاص لدماء الأمة وعرق الأمة وجهودها ، وأما أن يرتفع الشعار بوحدة المؤمنين ووحدة المواطنين فهذا بعيد . من العجيب فعلاً بالنسبة لأمة هذا تاريخها وهذه رسالتها أن يتصدى لتوحيدها أناس يرفعون شعارات التمزق بين أعضاء الأمة ، أي وحدة وأي اجتماع وأي اتفاق يمكن أن يتحصل من وراء شعارات تنادي بالحرب بين طبقات الأمة وفصائل المجتمع . إن الاتحاد السوفييتي وهو الدولة الأم التي ينسج هؤلاء الأبالسة على غرارها حذو النعل بالنعل عاشت سبعين سنة ، فترة من الزمان كفيلة أن تفتح العيون على التجربة المرة أذلت الناس وأرهقت العباد ، وكلفت الشعوب ما يطاق وما لا يطاق ، وأسالت الدماء أنهاراً ، ونحن نتحدى حكومة الاتحاد السوفييتي وسائر الحكومات التقدمية التي تدعي أنها تقدمية أن تطلق للناس حرية القول وحرية التعبير وحرية الاجتماع وحرية الحركة ساعة واحدة من الزمان لترى مقامها من شعوبها وأين موضعها من ساحة التاريخ . إن توحيداً على أساس الصراع نقيضة لا تستقيم في عقيدة عاقل لكنها تستقيم في أذهان الإمعات والتافهين وتستقيم في أذهان الطامعين والمتكسبين والمتطفلين على موائد التاريخ ، إن أمة الإسلام حين أقام بناءها سيد البانين أقامها على دعائم الأخوة ، وعلى أساس الرحمة الواشجة بين أعضاء المجتمع لا فرق بين صغير ولا كبير ، والأمة التي تقوم على هذا الأساس نهد الجبال وحين تنادي تستجيب لها جنبات الأكوان ولكن الأمة يوم تتخلى عن قاعدتها هذه لتأخذ بقواعد اليهود الذي مزقوا الشعوب وأذلوا الإنسان لن تنتهي إلا إلى هذه النهايات ، بلاد المسلمين أصيبت بهذا الوباء الكاسح الذي طلعت به الوثنية الحديثة على الناس منذ قرن ونيف وأصبحت للمهزلة وللعار ، أصبحت لا صوت فيها إلا صوت التمزق والتفرق ورفعنا منذ زمن شعار الأمة العربية وجاءت الأبالسة والأفاكون والمضللون ولقد كان ممكناً أم تعود الوحدة المفقودة إلى عشرين مليوناً من العرب يكونون دولة في عالم الأقوياء ويكون لهم صوت في معمعة الصراع اليوم ، جاء المضللون وجاء المزيفون من الذين اتبعوا مناهج اليهود ليضعوا شعار الوحدة مشروطاً على أساس الاشتراكية وعدم الاشتراكية وإذا نحن نرى بيننا وبين العراق ، وبيننا وبين لبنان ، بيننا وبين الأردن خيط أوهى من خيط العنكبوت وحد موهوم ، نرى الحدود تتحول إلى عقائد بينها صراع ، صراع أيديلوجي مخيف . وعاقبة لا يدري نهاياتها إلا الله تعالى . آن للأمة أن تعرف معرفة أكيدة لا لبس فيها ولا غموض إن صلاح الأمة بالإسلام وإن وحدة الأمة لا تقوم إلا على معاني الأخوة التي طرحها محمد صلى الله عليه وسلم . وأما صراع الطبقات وصراع الأيديولوجي فسخافة وضلالة في طريق الدمار وفي طريق الخراب . إن هذا الواقع جعلنا في حالة محزنة ، جعل ساسة من ساستنا وقادة م قادتنا لا يخجلون أن يصرحوا أننا لا نستطيع أن نتصرف في زمن الكبار ، تف .. أين أنت يا قذر ؟ من هو أكبر منك ؟ أنت تعد ألف مليون من الناس ، أنت تملك أضخم هذه القوى على وجه الأرض ، أنت تملك الدليل وتملك المنهج الذي يقود إلى الصراط المستقيم . ولكنك يا ضال يا مضل تأخذ في طريق غير منتج ، لأنك بدأت البداية الغلط . وثقوا أنني لم أكن أنوي أن أتحدث على هذا النحو لكنها نفثة محزون وتنفسي عن صدر مكروب يرى ما فيه أمته ، فيحزن ويأسى ويألم ، إنه لا بد أم يطول الشوط على هذه الأمة وعلينا نحن كمواطنين أن نعلم علماً أن طريقنا واضح وأننا مهما يكن من شيء فنحن حماة الإسلام وإنه مهما تبلغ أمم من القوة والمنعة ، ومهما تبلغ أمتنا من الضعف والانحلال والهوان أن هذه الأمة هي أمل الإنسانية ، وأن هذه الإنسانية حين تفقد هذا الأمل سوف تحرم كل معنى كريم وأن طريقنا إلى الله واضح لا لبس فيه . لا تعقيد ولا مشكلات ، كلمات مختصرات يحدد على أساسها السلوك ، وحدة جامعة ، قائمة ومؤسسة على الوحدة في الله وعلى معنى الأخوة في الإنسانية ثم تأخذ الأمة طريقها إلى الغايات المقدورة لها من قبل الله جلا وعلا . إن الناس الآن في منى وعرفات وحول البيت يطوفون زحوفاً يجسدون هذا المعنى يمثلون هذه الحقيقة القارة في هذه الأمة . وكل ما آمله وأرجوه من الله جلا وعلا أن يلهم إخواننا هناك وأن يلهمنا نحن هنا أن نتعرف المبادي والبدايات التي تعيننا على أن ننفض عنا غبار الذل وأن نخلع رداء الهزيمة وأن نعود كما كنا كما تركنا عليها محمد صلى الله عليه وسلم حينما وقف يعلن في ندائه الأخير : إن الشيطان قد يأس أن يعبد في جزيرة العرب بعد اليوم ولكنه رضي منكم فيما تحقرون من أعمالكم . يرضى الشيطان وتقرعينه ويفرح ، إنه قد يتسرب إلى قلبك وإلى عقلك شيء لا تقيم له وزناً ، عاطفة نفور من أخيك ، تتركها اليوم لتبيت إلى الغد ، فإذا هي أشد وأقوى ، ثم تنصرف عنها فتأخذ بالقوة والشدة والتنامي حتى تكون عاملاً من عوامل الفرقة . إن الشيطان يرضى أن تطيعه في هذه العواطف الصغيرة ولكنك لو ذهبت تسأل عن سر النزاع والشقاق على المستوى القومي وعلى المستوى الإنساني كله لَعرفت أن البداية هي عدم الاهتمام بهذه الأشياء الصغيرة التي ننام عليها ونحن الآن في محطة في محطات الزمان في يوم عيد يفترض أن يقف كل مسلم مع نفسه محاسباً ومعاتباً ولائماً ، كم فرطنا في العام ، كم مزقنا من أواصر ، كم قطعنا من صلات ، كم من أرحام قطعناها بلا رحمة ، وكم حبال أخوة بتتناها بلا سبب ، وإنه لمن الحزم وحسن التدبير وحسن النظر للحاضر وحسن النظر للمستقبل أن نعيد الكرة ونصل من انقطع وأم نغسل هذه القلوب من الأدران التي تراكمت عليها خلال عام وخلال أعوام . نحن اليوم في محطة من محطات الزمان ، علينا أن نحسب أنفسنا ونغسل قلوبنا وأن نطهر ضمائرنا وأن نحسن نيتنا مع الله ومع إخواننا وأن نزيل كل الأمور التي أدت إلى سوء التفاهم لعلنا مع الزمن التي يتعاطف فيها معنا المجتمع ويتفاعل فيها أعضاء الأمة ويكونون جسداً واحداً كما أراد الله وأراد رسوله ، إذا اشتكى بعضه اشتكى كله ، إذا اشتكت رجله اشتكت يده وهكذا وحين نصل إلى هذه الحال ونبلغ هذه المرحلة فإن أية مؤامرة لا يمكن أن تنفذ إلى جسم الأمة ، وإن أي شيطان لا يملك أن يصرف شئون هذه الأمة ولعل الله تعالى يتداركنا جميعاً نحن وجميع المسلمين بهذه الرحمة التي إذا حلت أزالت كل إشكال وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية :
سبق أن قلنا في مثل هذه المناسبة إن المسلمين مفرطون في أمر من الأمور التي لا يجوز التفريط فيها وهو أمر الأضحية ، إن الأضحية سنة من سنن الإسلام وواحدة من العادات الكريمة التي أخذ بها المجتمع المسلم وعمل من الأعمال التي يتغلب فيها الإنسان على شح الأنفس ، وإن علماء الإسلام متفقون جميعاً على أن القادر على التضحية فعليه أن يضحي كل عام ، إن الفهم المنتكس صور للمسلمين أن الأضحية تلزم بعد أن يموت الإنسان ، أي تلزم التضحية على الورثة عن الميت ، مع أن الأمر على خلاف ذلك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى عن نفسه وهو حي ، ومن شفقته على الأمة ضحى عن أمته ، أخذ كبشين أقرنين أملحين ، وذبح أحدهما وقال هذا عن محمد وآل محمد ، وأخذ الثاني فذبحه وقال هذا عن من لم يضح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومضى عمل المسلمين بهذا الشكل ، كل عام من استطاع منهم ضحى اقتداءً بالذين يذبحون الآن حول المشاعر وتخلصاً من شح الأنفس وكما قلنا فإن علماء الإسلام متفقون جميعاً على أن يضحي القادر في كل عام ، وأبو حنيفة رضي الله عنه يرى الأضحية واجبة على القادر في كل عام من أعوام حياته . أما أن ينتظر الإنسان إلى ما بعد الموت ، فبعد الموت لا تلزم الأضحية إلا إذا أوصى بها ، وحين تنزل بك سكرات الموت فقلما تتذكر أن توصي لا بالأضحية ولا بغير الأضحية . فعلى المسلمين أن لا يتهاونوا بهذا الأمر ، وعليهم أن يبادروا بالتضحية عن أنفسهم وهم أحياء وأن لا يتركوا هذه الأمانة للوارث لا سيما في هذا الزمان العضوض الذي يكون فيه القرش أعز من الأبي ومن الأم ومن العم ومن الخال . بادروا بالأعمال قبل أن ينقطع من بين أيديكم زمام المبادرة .
وأمر آخر .. إننا نسأل كل مرة في مثل هذه المناسبات بصورة تدعو إلى الملل : ماذا يجوز لي أن آخذ من الأضحية ؟ وماذا أفرق على الفقراء ؟ فأقول : إن الأصل في الأضحية عمل يقوم به الإنسان من بعض وظائفه التوسعة على العيال وعلى الفقراء .. ومن الصعب أن نقول لزيد : ادخر لنفسك ثلثاً ، وأعط أقرباءك ثلثاً ، ووزع على الفقراء ثلثاً . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ادخار لحوم الأضاحي في سنة من السنوات ، أمر المسلمين أن يفرقوا من يومهم لحوم أضحياتهم فحينما استدار العام ذبح الناس ولم يدخروا لأنفسهم شيئاً من اللحم ، والشروط قاسية والناس يحتاجوا إلى اللحم ، ولكي تعرفوا قسوة هذه الشروط في تلك البيئة البعيدة في الزمان والمكان فإننا يجب أن نستحضر حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : كان يمر علينا الشهر والشهران ما يوقد في أبيات رسـول الله صلى الله عليه وسلم نار . قالوا : يا أم المؤمنين ما كنتم تأكلون ؟ قالت : إنما هما الأسودان ، التمر والماء . ففي تلك البيئة يحتاجوا الناس لكي يدخروا لأنفسهم شيئاً من اللحوم التي لا بد أن يحتاجها الإنسان في العيد . ولما مزع المسلمون في السنة التالية جميع لحوم الأضاحي استغرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال : ما حملكم على ذلك ؟ قالوا : نهيتنا في العام الماضي عن ادخار لحوم الأضاحي ، منعتنا أن نخبئ لأنفسنا شيئاً . قال : إنما نهيتكم عن ذلك من أجل الدافة التي دفت على المدينة فكلوا وادخروا . والدافة التي دفت على المدينة قوم من الأعراب الجياع وفدوا على المدينة في تلك الأيام . والنبي عليه الصلاة والسلام قائد ومسؤول وراعٍ فأمر المسلمين تغطية لهذه الحاجة أن لا يدخروا لأنفسهم شيئاً من اللحوم وأن يوزعوا جميع اللحوم . لهذا فمن العسير أن نقول لأي مضحٍ : كل لنفسك كذا وخبئ لنفسـك كذا وأعطِ أقرباءك كذا ووزع كذا ، هذه صعب . إن الذي يتحكم في الأمر مقدار الحاجة التي توجد فـي المجتمع ، فإذا وجدت مجتمعك الذي تعيش فيه محتاجاً فلا تدخر لنفسك شيئاً ، وكلما تخففت من لحم أضحيتك ووزعت على الفقراء كان ذلك خيراً لك وأعود عليك بالأجر والثواب . وإذا رأيت الأمور طبيعية وأن أحوال الناس جيدة فحينئذٍ لا بأس عليك أن تأكل منها الثلث وادخر لنفسك الثلث لطوارئ الزمان ووزع على الفقراء الباقي . أيضاً فيما يتعلق بالأضحية إن جلد الأضحية لا يباع لأنه من الأضحية بالذات . فإما أن تنتفع به في بيتك ويكون محسوباً على سهمك من الأضحية وإما أن تفرقه للفقراء ، فلا يجوز أن تعطي الجزار هذا الجلد كجزء من الأجرة ، أي عليك أن تدفع أجرة الذبح من نفسك ، كل ذلك تخليصاً للأضحية من النفقات التي تثقلها وتجعل الموزع منها قليلاً . والآن بعد الخروج من الصلاة من كانت له أضحية عليه أن يبادر إلى ذبحها ولو أخرها إلى الغد أو إلى بعد الغد فليس عليه شيء .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين .