احفظ الله يحفظك
خطبة الجمعة 6 / 6 / 2014م
د. محمد سعيد حوى
كنا مع وصية من وصايا رسول الله r؛ وهو يوصي ابن عباس t احفظ الله يحفظك احفظ الله تجد تجاهك، و رأينا من خلال ذلك كيف أن ابن عباس t ثمرة التربية النبوية الأرقى.
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الخَلاَءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءًا قَالَ: «مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»البخاري
- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ» البخاري
وفي رواية قال: اللهم علمه الحكمة.
وفي رواية عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِي - أَوْ عَلَى مَنْكِبِي، شَكَّ سَعِيدٌ - ثُمَّ قَالَ: " اللهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ " مسند أحمد باسناد قوي.
لقد كان ابن عباس t حريصاً على العلم النبوي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِرَجُلٍ: هَلُمَّ فَلْنَتَعَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْأَلُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ كَثِيرٌ، فَقَالَ: الْعَجَبُ وَاللهِ لَكَ يَا ابنَ عَبَّاسٍ، أَتَرَى النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْكَ، وَفِي النَّاسِ مَنْ تَرَى مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَتَرَكْتُ ذَلِكَ وَأَقْبَلْتُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَتَتَبُّعِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنْ كُنْتُ لَآتِي الرَّجُلَ فِي الْحَدِيثِ يَبْلُغُنِي أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجِدُهُ قَائِلًا، فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِ دَارِهِ تَسْفِي الرِّيَاحُ عَلَى وَجْهِي، حَتَّى يَخْرُجَ إِلَيَّ، فَإِذَا رَآنِي قَالَ: يَا ابنَ عَمِّ رَسُولِ اللهِ مَا لَكَ؟ قُلْتُ: حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْكَ، فَيَقُولُ: هَلَّا أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ، فَأَقُولُ: أَنَا كُنْتُ أَحَقَّ أَنْ آتِيَكَ، وَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَرَانِي قَدْ ذَهَبَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدِ احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيَّ فَيَقُولُ: أَنْتَ كُنْتَ أَحَقَّ مِنِّي " سنن الدارمي إسناده صحيح
- وكان أُناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في ادناءه ابن عباس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ» قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلَّا لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ، وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللَّهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ اللَّهُ لَهُ: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالفَتْحُ فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا. قَالَ عُمَرُ: «مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلَّا مَا تَعْلَمُ» البخاري
وكان العباس يوصي ولده، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ لِي أَبِي: يَا بُنَيَّ أَرَى أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ َقْرِبُكَ وَيَخْلُو بِكَ وَيَسْتَشِيرُكَ مَعَ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاحْفَظْ عَنِّي ثَلَاثًا: «اتَّقِ اللَّهَ، لَا تُفْشِيَّنَ لَهُ سِرًّا، وَلَا يُجَرِّبَنَّ عَلَيْكَ كَذْبَةً، وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا» فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل
وقد وقفنا من خلال ما مضى مع احفظ الله ورأينا كيف تكون حافظاً لله في حدوده وأوامره ونواهيه فكيف يكون الله حافظاً لكَ؟
﴿ ... فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64]
من أعظم الحفظ أن يحولَ بينك وبين المعصية ﴿... وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24]
قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين المعصية التي تجره إلى النار.
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ القُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّ القُلُوبَ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا كَيْفَ يَشَاءُ» سنن الترمذي
ومن حفظ الله أن يختار لك الغنى أو الفقر أو الشفاء أو المرض أو العمل أو فقد العمل أو المسؤولية أو عدمها، أنت لا تدري أين الخير ﴿ اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ﴾ [الرعد: 26]
﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [الشورى: 27]
﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً ﴾ [الإسراء: 30]
ورد في الأثر (( وَإِنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْغِنَى وَلَوْ أَفْقَرْهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ , وَإِنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْفَقْرُ وَإِنْ بسط لَهُ أَفْسَدَهُ ذَلِكَ , وَإِنَّ مِنْ العِبَادِ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الصِّحَّةُ وَلَوْ أَسْقَمهُ لَأَفْسَدُهُ ذَلِكَ وَإِنَّ مِنْ العِبَادِ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا السَّقَمُ وَلَوْ أَصْحَحهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ.
- من حفظ الله لك أن يحفظك في أولادك وذريتك، وهذا ما ذكر لنا في سورة الكهف ﴿ وَأَمَّا الجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي المَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً ﴾ [الكهف: 82]
انظر إلى هذه الصورة التي يعرضها القرآن ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: 266]
إذن لا أحد يود أن يترك ذرية ضعاف ثم يهلك كل رزقهم وميراثهم، إذن كيف تحافظ عليهم، إنه من خلال الحفاظ على حقوق الله في المال وفي الضعفاء.
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُم مِّنْ عَمَلِهِم مِّن شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21]
ومن حفظ الله أن يحفظك من عدوك.
ذكرَ ابن كثير في تفسير قوله تعالى (أمن يجيب المضطر): عن رجل كان يسافر ما بين دمشق والزبدانيّ فركب معه ذات يوم رجلٌ فأغراه أن ثمة طريقٌ أقرب، سلكها مع هذا الرجل فمروا بقتلى فإذا به قد غرر به ووقع في مصيدة من قبل هذا الرجل قال فناشدته الله وعرضت عليه المال فأبى إلا أن يقتلني فخوفته بالله فلم يقبل فقلت إن رأيتَ أن تتركني حتى أصلي ركعتين قال فقمت أُصلي فارتج عليّ فلم يحضرني إلا قوله تعالى (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) فإذا أنا بفارس قد أقبلَ من فم الوادي، فرمى بحربة فوقعت في فؤادِ الرجل الفاجرِ فخرَ صريعاً.
بل قد يحفظ جسد الإنسان بعدَ موته عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ» فتعرضوا للغدر من بعض أحياء العرب وعرض عليهم أن يستأسروا لهم، ورفض عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لاَ أَنْزِلُ اليَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ،ثم إن الله
اسْتَجَابَ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ، «فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ، وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ، لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ، فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا» صحيح البخاري
(الدَّبْرِ) ذكور النحل أو الزنابير واحدة دبرة
ومن حفظ الله أن يحفظك في جوارحك وبدنك.
علمنا رسول الله فيما روى ابْن عُمَر، قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: «اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ اليَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا، وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا» سنن الترمذي
ومن حفظ الله أن يحفظك في سمعتك ويخلد ذكرك.
وقدوتنا الأعظم في ذلك محمد r ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]
لذلك كان من دعاء إبراهيم ﴿ وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84]
﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24]
قدمَ القرآن نماذج عظيمة من حفظ الله لعباده الذين حفظوا أوامره واجتنبوا نواهيه، فهذا يوسف قال ربنا في حقه ﴿ ... كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المُخْلَصِينَ ﴾ [يوسف: 24]
وهذا موسى كم مر في الشدائد وهو رضيع ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي اليَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرْسَلِينَ ، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُواًّ وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ﴾ [القصص:7 - 8]
وأيضاً عندما يلقى فرعون ﴿ قَالَ لاَ تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ﴾ [طه: 46]
وعندما يتبعه فرعون كان قوله : ﴿ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]
وأبلغ من ذلك موقف هجرة رسول الله r «لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا»
والقاعدة الكلية في ذلك ﴿... إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90]
﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]
﴿... وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ ، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ﴾ [الطلاق:2- 3]
إن كان الله معك فمن عليك، ومِنْ مَن تخاف، وإن كان الله عليك فمن معك ومِن ترجو.
إذن فلنسأل أنفسنا كم نحن مع الله وكم نثق بالله وكم نتوكل عليه وكم نرضى بقضائه وقدره مع وجوب الأخذ بالأسباب والقيام بحق التكليف بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
عندما نستعرض هذه الوصايا يلحُ علينا هذا السؤال كم نحفظ الله وكم نثق بالله؟
تنزلُ بالأمة اليومَ شدائد ترى قبل أن نرفع أصواتنا بالشكوى والاتهامات والتشكيك والتساؤلات ، هل سألنا أنفسنا أين نحن من الله ومن أمر الله ومن ثقتنا بالله وثقتنا في حكمة ما يجريه الله وتسليمنا لله؟
وبداية الطريق أن نبحث عن واجب الوقت و واجب العصر فنقوم به و أن نبحث عن تكليفات الله لنا فنتحقق بها، أين أنا قصرّت؟ وماذا علي أن أفعل تجاه نفسي؟ تجاه أبنائي تجاه مجتمعي وأمتي.