ماذا عن حقل غاز " غزة مارين " ؟!

من أصداء صفقة الغاز الإسرائيلية  المصرية الأخيرة ما أثارته من غضب في مصر وفي فلسطين وفي بقية العالم العربي بمستويات تتفاوت وفق قوة سوء تلك الصفقة أو ضعفه أو عدمه . أكثر المهتمين بالصفقة استياء وغضبا في فلسطين ومصر . الفلسطينيون يقولون إن الغاز الذي ستبيعه إسرائيل لمصر غاز فلسطيني مسروق ، ويتساءل الطرفان  المصري والفلسطيني من المستائين الغاضبين : ما الذي يحوج مصر إلى الغاز الإسرائيلي أو الفلسطيني المسروق  وهي التي تملك حقل "ظهر" الذي تولت شركة إيني الإيطالية استخراج غازه المقدر ب 850 مليار متر مكعب ما يصنفه أكبر حقل اكتشف حتى اليوم في العالم ؟! وإذا كان الفلسطينيون قصدوا بالغاز الفلسطيني المسروق ما تستخرجه إسرائيل من حقول فلسطين المحتلة مثل حقلي تمار ولفيثان فإننا لا نستبعد أنها تسرق أيضا غاز حقل " غزة مارين " ، ونحن هنا نستعمل التسمية الأجنبية له عوض العربية " بحر غزة " . الصفقة الإسرائيلية المصرية من هذه الزاوية محفز قوي للتساؤل عن حقيقة ما حدث لحقل " غزة مارين " . الحقل " افتتحه " رمزيا أبو عمار في 1998 ، وتولت تطويره شركة " بريتيش غاز " البريطانية بملكية 60 % ، وشركة الخوري اللبنانية بملكية 30 % ، وامتلك صندوق الاستثمار الفلسطيني 10 % . وتقدر طاقة الحقل الإنتاجية ب 33 مليار متر مكعب ، وقيل عند اكتشافه إنه سيكفي حاجة الاستهلاك الفلسطيني 25 عاما . وأبدت شركة كهرباء إسرائيل رغبتها في شراء بعض حاجتها منه ، ورفض شارون رئيس الوزراء حينئذ ما أرادته الشركة رفضا قاطعا تخوفا مثلما قال من استفادة المقاومة الفلسطينية من المال العائد من الشراء في محاربة إسرائيل ، وربما التعليل الصحيح لرفضه علمه أن إسرائيل ستسطو على الحقل ، وهكذا يواجهنا السؤال الكبير : ماذا حدث لغاز حقل " غزة مارين " ؟! لا خبر عنه على الإطلاق ، وما من مسئول في غزة أو الضفة يذكره ، ولا ذكر له في أي وسيلة إعلامية فلسطينية . ما سر هذا الدفن لأخباره ؟!  ؟! وكيف تمت التسوية أو الصفقة  بين إسرائيل والمالكين الآخرين للحقل ، أي شركة بريتيش غاز وشركة الخوري وصندوق الاستثمار الفلسطيني ؟! نحن لا نستطيع منع إسرائيل من استغلال حقول غاز الساحل الفلسطيني المحتل في 1948 ، لكن أن تسرق غاز حقل " غزة مارين " قضية مختلفة كليا . الصمت حول مصير هذا الحقل يفصح عن الكثير . يجب التحرك إعلاميا وشعبيا للكشف  عن مصير هذا الحقل الذي اتفق الأردن مع السلطة الفلسطينية على أن يستورد من إنتاجه . إسرائيل لا تسرق الغاز الفلسطيني وتكتفي ، تسرق الغاز اللبناني ، والغاز المصري في حقل نافاثان في المتوسط على مسافة 190 كم من دمياط  ، وفي حقل شمشون على مسافة 114 كم من نفس المدينة المصرية . نامت نواطير العرب عن الثعلب الإسرائيلي فسرق كل شيء بمواطأة متسلطين علينا . سؤال الساعة : ماذا عن غاز حقل " غزة مارين " ؟! هذا في فلسطين ، وفي مصر   يجب أن يكون السؤال عن مصير حقول " ظهر " ، و " نافاثان " ، و" شمشون " ، واسما الاثنين الأخيرين يوضحان أن مصيرهما في يد إسرائيلية   . نتنياهو ( عطا الله بالعربي ) نعت صفقة الغاز مع مصر ذات القيمة  البالغة 15 مليار دولار  لمدة 10 سنوات ؛ بالعيد ، وهو نعت له دلالته الواقعية والرمزية ، وتحدث عن الإفادة من المبلغ الكبير في  الصحة والتعليم والرفاه إسرائيليا ، ونحن مع أهلنا في مصر نتهلف تعساء على الكفاف في المسكن والطعام والصحة والتعليم ، والرفاه لا رائحة له ، حتى الرائحة ، في حياة المتلهفين على الكفاف . نستحق ؟! نعم نستحق ، فكما قال زهير بن أبي سلمى : " ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه * يهدم ... " ، ونحن لم نتخل عن سلاحنا في الذود عن حوضنا أو حقنا فحسب ، بل استخدمناه في الذود عن أطماع الثعلب الإسرائيلي في ذلك الحق . نستحق فعلا بؤس كل هذا الخسران الفاضح المبين ، ويستحق نتنياهو ومعه الإسرائيليون أن يكونوا لا في عيد واحد وإنما في أعياد ، وفي رفاه كامل شامل .

وسوم: العدد 761