غصن الزيتون أكبر من مجرد معركه تركيه مع مليشيات، بل ملتقى دولي لتصفية الحسابات

_ ما يحدث في #سوريا اليوم أعاد إلى أذهاننا ما حدث في أفغانستان

ففي جبال الهندكوش في أفغانستان، تحطمت أعتى جيوش الأرض صلابه وقوه، كبرى جيوش العالم سقطت أمام حفنة مليشيات، فقد تحطمت الأسوه السوفيتيه على يد حفنة مليشيات أنشأتها إمريكا 

_ وهنا يكمن دور الخبث الإمريكي الذي إبتكر طريقه جديده في الحروب تسمى " الحرب بالوكاله"

_ كان أول من أنشأ فكرة تنظيم القاعده في أفغانستان هو بريزينسكي لمحاربة السوفيت وأطلقت عليهم إمريكا مصطلح " محاربون من أجل الحريه"

_ وأوكلت مهمة تمويل هذه الجماعه إلى السعوديه ، وقام الإعلام السعودي بالترويج للجهاد للقتال ضد الملاحده الروس

_ بعد سنين من الحروب وإنتهاء أسطورة السوفيت، وبقاء أفغانستان مدمره إلى الآن، ها نحن نشاهد المشهد يتكرر في سوريا، لكن الغريب والأغرب من هذا تشابك خيوط اللعبه وحسابات الدول في عفرين ووقعت تركيا في المنتصف

_ قبل  إنتهاء إتفاقية سايسبيكو، وضعت إمريكا خططها لمشروع الشرق الأوسط الكبير،فترى إمريكا أن إتفاقية سايسبيكو ظالمه،لأنها لم تكن عادله بالنسبه للأقليات، فيجب تقسيم حدود الدول على أساس طائفي عرقي

_ بدأت اللعبه من إقليم كردستان، فأحست تركيا وإيران والعراق بالخطر ، فإجتمعوا وأفشلوا مشروع إنقسام كردستان

_ في حين إنسحبت إمريكا بهدوء من أجل ألا تخسر خططها في بقية الدول وهنا نصل إلى مربط الفرس

_ من المعلوم أن إمريكا كانت تدعي أنها تناصر الثوار السوريون، في حين فرضت على الدول المناصره للثوره خطا أحمرا ومنعتهم من تسليح المعارضه بالأسلحه النوعيه لماذا...؟

_ بعد ظهور تنظيم الدوله في سوريا، وبعد قدوم ترامب للحكم، وضعت إمريكا خططها للقضاءعلى داعش في سوريا كما تدعي، فقامت بإستخدام المليشيات الكرديه، لهذا الغرض المعلن،لكن كان لها هدف خفي لم يظهر بعد

_ بدأت الشكوك تراود تركيا حيال الأمر، فتركيا تعتبر هذه المليشيات تشكل خطرا قوميا على وجودها، فإعترضت على الأمر، لكن إمريكا لم تصغي لذلك، فعرضت تركيا أن تدخل قواتها وقوات الجيش الحر لتحرير الرقه، إلا أن إمريكا رفضت قطعيا ذلك، وأصرت على إستخدام المليشيات

_ تركيا نفذت قبل ذلك عملية درع الفرات وحققت إنتصارا كاسحا بفضل قواتها والجيش الحر على داعش في جرابلس والباب وكانت تنوي التقدم لمنبج التي يسيطر عليها المليشيات الكرديه إلا أنها إصطدمت بحائط إمريكي، فأجلت تركيا المواجهه مع المليشيات خشية الإصطدام مع واشنطن

_ واشنطن بدأت تظهر أهدافها للعلن فقامت بتسليح المليشيات الكرديه بأسلحه نوعيه حيث رصدو المخابرات التركيه وصول أكثر من 4000 شاحنة سلاح للمليشيات ، وهي أسلحه كافية لإعداد جيشا كاملا

_ وهنا وصلنا لمرحلة الصراع الحقيقي، فبعد مرحلة التسليح أعلنت واشنطن أنها ستنشئ جيشا قوامه 30000 ألفا لتشكيل حمايه حدوديه مع تركيا والتي يسيطر المليشيات الكرديه على 600 كيلو من حدودها

_ بعد هذا التصريح تصاعد حدة الخطاب بين تركيا وواشنطن فحشدت تركيا جيشها لإقتحام سوريا والدخول في الصراع السوري 

_ هنا قررت تركيا الدخول لعفرين بالرغم من الخطوره الكبيره التي ستعقد هذه المسارات

_ بعد حمله تركيه من التصريحات، أطلقت تركيا معركة عفرين المرتقبه " وأطلقت عليها " معركة غصن الزيتون"

_ كانت المليشيات الكرديه على إستعداد كامل لخوض المعركه من حيث التجهيز فقد أعدت المئات من الخنادق والألغام، ووضعت تحصينات قويه جدا للمدينه يصعب إختراقها

_ صمتت واشنطن عن التدخل التركي في عفرين، لإنها تراهن على حرب إستنزاف لتركيا، حيث سلحت الأكراد بكل الأسلحه النوعيه عدا الطائرات الحربيه والأسلحه النوويه

_ بدأت المعارك وواجهه الجيش التركي والحر مقاومه شرسه من المليشيات، ووجه إعلام العالم كله أنظاره لعفرين بتحيز تام مع المليشيات

_ وصلنا إلى يومنا هذا قرابة الشهر على إنطلاق المعركه، وكانت النتائج غير متوقعه على الإطلاق

_ خلال هذه الفتره حررت تركيا قرابة 48 نقطه في عفرين منها قرى وتلال ومزارع، وكسرت الخط الأول لدفاع المليشيات الكرديه

_ قتلت تركيا قرابة 1300 عنصر من المليشيا وخسرت في صفوفها قرابة 31 جندي تركي وأكثر من 50 جندي من الجيش الحر وأكثر من مئتين جريح 

_ كانت النتائج الأوليه مفجعه للأتراك، والسبب يعود ليس لشراشة المليشيات بل من الدعم اللوجيستي والإستخباراتي وحتى الإعلامي لعدة دول لهذه المليشيات منها ( إمريكا_ فرنسا_ألمانيا_ السعوديه_الإمارات_إيران_نظام الاسد)

_ قد لا تصدقون بعض أسماء هذه الدول وبعض هذه الدول في عداء تام مع دول أخرى لكن كيف إجتمع الفرقاء في عفرين

_ فإمريكا تسعى لتنفيذ مخطط تقسيم سوريا،فوضعت الأكراد في الشمال السوري، وجنوب تركيا للبدء بالمخطط

_ من المعروف العداء التركي الألماني، في السنوات الأخيره فبالاضافه لايواء المانيا لقادة هذه المليشيات

_ قامت ألمانيا بتسليح المليشيات بصواريخ ميلانو المضاده لدبابتها " ليوبارد" بعد إستخدام تركيا للدبابات الألمانيه في عفرين

_ إعتراض فرنسا من أول أيام المعركه بشكل غير رسمي، ولها دور خفي في دعم الوحدات الكرديه لوجستيا

_ السعوديه والإمارات، دخلا على خط الأزمه نكايه بتركيا بعد وقوفها الى جانب قطر في الأزمه الخليجيه، وتبنت الإمارات تمويل المليشيات ماديا، في حين تبنى الإعلام السعودي والإماراتي على حد سواء الهجوم الشرس على تركيا ولصالح المليشيات

_ إيران: قد يظن البعض ان تركيا نسقت مع ايران في بداية الحمله، وربما كان هناك تنسيق جزئي إلا أن مواقف إيران من الحرب على عفرين بات واضحا جدا على لسان خارجيتها، الذي طالب تركيا بايقاف فوري للحرب

،فايران تخشى تنامي النفوذ التركي ، في سوريا على حساب وجودها

_ نظام الأسد: فقد اعلنت المليشيات بكل وضوح ان مقاتليها يصلون لعفرين من خارجها عن طريق الاراضي التي يسيطر عليها النظام

بل حتى الامس القريب ، فتحت المليشيا للنظام طريقا للدخول لعفرين لمجابهة الجيش الحر وتركيا، فحتى النظام الذي في حال تعاونه مع الاكراد قد يؤدي الى تقسيم سوريا تحالف مع الاكراد، من أجل كبح قوة الجيش الحر وتوسعه

_ بل حتى روسيا التي تفاهمت تركيا معها على التنسيق لغصن الزيتون ، تتعمد إغلاق أجواء سوريا بين الحين والاخر، وهو احدى اسباب التقدم البطيئ للقوات التركيه

_ هنا يمكننا القول بأن أهداف الفرقاء إلتقت على غصن الزيتون، فحتى أشد المتشائمين لم يكن ليتوقع أن يحدث إلتقاء لأهداف هذه الدول على غصن واحد

‏التفاهمات في سوريا منقسمة على نفسها، ولهذا يشهد العالم تبايناً نوعياً لم يسبق له مثيل  نزول المعسكر الشرقي والغربي في الشام، يعني ديمومة التنافس وربما الصدام.

_ ومؤخرا رصدت واشنطن قرابة خمسمائه وخمسون مليون دولار لتمويل وتدريب المليشيات من ميزانية دفاعها

_ فهل تخطط واشنطن لتدمير القوه الإسلاميه الناشئه والتي يعول عليها الكثير من أبناء المسلمين

إقرب الفجر في سوريا وغدا سيعرف العالم الخيط الأبيض من الأسود، وكيف يلعب ضباع العالم في سوريا بالبشر كاحجار في رقعة الشطرنج 

وسوم: العدد 761