هل يفعلها الفلسطينيون

ملايين الفلسطينيين يحيطون بأراضيهم التي احتلها العدو الصهيوني. هل آن أوان الزحف نحو الأرض المحتلة؟ سبعين عاماً ما فتت في حب الفلسطينيين لأرضهم، فأرضهم ليست مجرد موطن يتوطنه البشر، بل هي الأرض المقدسة على وجه البسيطة، ولا شك أن شعبها أيضاً – وبلا فخر – ليس كشعوب الأرض، بل هو صفوة البشرية، التي تحمل على عاتقها رسالة الإنسانية، في تمرد العدل على الظلم، وانتصار الخير على الشر، الخير الذي يمثله الفلسطينيون في مواجهة الشر الذي تمثله (إسرائيل)، كما قال الله في الحديث القدس: "يا شام أنت خيرتي من بلادي أسوق إليك خيرتي من عبادي" ، وفي الحديث الشريف: "خير الناس ألزمهم مهاجر إبراهيم" وفلسطين هي مهجر إبراهيم عليه السلام.

اليوم، الفلسطينيون على موعد مع أرضهم المقدسة، على موعد مع ساحات العز والشرف. اليوم سيسطِّر الفلسطينيون صفحة ناصعة في سجل التاريخ، عندما يزحفون في الذكرى السبعين للنكبة من كل حدود فلسطين صوب أراضيهم المحتلة، ليمحوا عار النكبة، وسنوات الذل والهوان في أرض الشتات ومخيمات اللجوء.

كفاكم أيها الفلسطينيون في سورية بؤساً وتشرداً، إلى أن تلوون؟ وماذا تأملون من هذه الدنيا الظالمة؟ لقد جربتم الفرار من جحيم الصراع الدائر في سورية، فتلقفتكم أمواج البحر تلتقط منكم المئات، وتناوشتكم كلاب الأنظمة الساقطة تسومكم الذل والعذاب، ومَن بقي في سورية ما فتئ يهرب من نار إلى جحيم. لقد فكرتم في طرق كل أبواب الدنيا، ما بالكم لم تطرقوا باب أرضكم المحتلة؟! ليس أمامكم والله ما تخسرونه؛ إما العودة، والحياة بكرامة في أرضكم المباركة، وإما الموت دونها بشرف. إن طريقكم نحو القنيطرة والجولان أقصر من الطريق نحو لبنان وعباب البحار، ولا تنحرف بوصلتكم عن هدفكم الخالد: العودة ولا شيء غير العودة.

أيها الفلسطينيون في الأردن، لا تغرنكم الحياة الوادعة، فدون عودتكم إلى موطنكم المقدس لا كرامة لحيِّكم، لأن الناس لا يحترمون مَن يفرون من أوطانهم. فإلى متى ستعانون نظرة تخفونها وتكابرون، وتقولوا نحن في الأردن شعب واحد؟ هل تواسون أنفسكم، وتقنعونها بالخنوع والرضى بالوطن البديل؟ لماذا. هل هو الخوف من تكاليف العودة والتحرير؟ إنه ثمن سيتم دفعه عاجلاً أو آجلاً، لأنه لن يهنأ بال لفلسطيني دون عودته إلى كرامته وشرفه.

إن الحدود بين فلسطين والأردن من جنوب البحر الميت وعلى طول وادي عربة لا يُحِدّها سياج ولا جدار، فلماذا لا تسيرون زرافات زرافات نحو أرضكم، فتعبرون الحدود عائدين متلحفين بقرار العودة. وإن كان الأردن يرفض مقولة الوطن البديل فهو أمام تحدي ليثبت صدق رفضه للوطن البديل، وليسمح، بل ويشجع الفلسطينيين للعودة، ويوفر لهم وسائل النقل، ويقدِّم لهم الدعم الإعلامي واللوجستي والدبلوماسي والقانوني لتمكينهم من تنفيذ العودة. ما لم يفعل الأردن ذللك فلن يقنع أحداً برفضه مقولة الوطن البديل.

أيها الفلسطينيون في لبنان، ماذا تنتظرون لتحقيق العودة والخلاص من ذل اللجوء والحرمان؟ ما الذي يمنعكم من العودة، والدولة تتمنى التخلص منك اليوم قبل الغد، وحزب الله لن يقف في طريق عودتكم. الكل في لبنان ينتظر خروجكم بفارغ الصبر. افعلوها، واكسروا خلفكم جرّة، وطريق عودتكم هو ذاته طريق هجرتكم، ما نسيتموها.

أيها الفلسطينيون في الضفة والأرض المحتلة عام 1948، وفي كل بقاع الأرض، أروا الله من أنفسكم لحظة صدق، ينصركم ويثبِّت أقدامكم، ويرزقكم كرامة العودة إلى أرضه المقدسة. ليس والله أمامكم إلى الزحف نحو فلسطين من كل حدب وصوب، وليكم يوم 14 مايو 2018 يوماً فارقاً في التاريخ، وما بعده ليس كما قبله. وعلى محتلي أرضنا العودة إلى مواطنهم الأصلية ففلسطين للفلسطينيين.

وسوم: العدد 771